تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


على البنتاغون إخراج سيناريو الانسحاب من العراق

لوموند
ترجمة
الاحد 7/1/2007
ترجمة سراب الأسمر

الآن, أقر الشعب الأميركي أن الحرب في العراق لا يمكن أن تنجح, ماذا يمكن أن يحدث إذاً? الجواب:

سترغب الولايات المتحدة بتخفيض خسائرها والانسحاب.‏

والافتراض الأكثر احتمالاً أن يأخذ الانسحاب مدة أشهر أي حتى خريف 2007 إذا لم تكن الحال كذلك فشبح الحرب سيهيمن على الانتخابات الأميركية المقبلة كما هيمن على انتخاباتها التي جرت مؤخراً وهذا الأمر لن يروق للديمقراطيين ولا للجمهوريين.‏

يعتبر نشر مئة وأربعين ألف رجل بتجهيزاتهم الكاملة عملية معقدة جداً, في عامي 1945 و1973 اكتفت الولايات المتحدة بإخلاء جنودها تاركة جزءاً من معداتها لمساعديها الأوروبيين ثم لفتناميي الجنوب, أما فيما يتعلق بالعراق فتبدو الأمور بشكل مختلف.‏

التجهيزات العسكرية الحديثة قيمة جداً إلى درجة أن الدولة الكبرى في العالم لا تستطيع أن تجيز لنفسها التخلي عن كميات كبيرة منها.‏

من وجهة النظر هذه, النموذج ليس نموذج فيتنام أو الحرب العالمية الثانية إنما حرب الخليج الأولى, وثانياً بحال تركت هذه التجهيزات فقد تقع في أيدي اعداء لها.‏

إذاً أمام البنتاغون حل وحيد وهو إخلاء العراق من ملايين الأطنان من المعدات العسكرية من نفس الطريق التي ادخلت منه -أي اعادتها إلى الكويت على الأقل.‏

وعملية كهذه ستحتاج إلى وقت طويل وستكلفها كثيراً, كما ستجر خلفها الخسائر: فالمواكب المتجهة نحو الجنوب ستكون هدفاً لإطلاق الرصاص والاعتداءات.‏

ستخلف القوات الأميركية وراءها دولة مدمرة, فالبنية التحتية فيها أصبحت أثراً بعد عين, والصناعة البترولية التي كانت تغذي سابقاً 90% من عوائد الدولة لم تعد سوى حقل رماد.‏

لقد أعطت آخر الاحصائيات أن هناك مئات الألوف من القتلى العراقيين والأسوأ من ذلك أنه لا يوجد أي مؤشرات لولادة حكومة قادرة للسيطرة على الوضع, انطلاقاً من هذا الواقع الموحش ستستمر النزاعات الطائفية التي يستفيد منها البعض.‏

سيحتاج العراق إلى فترة زمنية طويلة ليتوحد من جديد, وسيكون لإيران دور مهم في مستقبل العراق, لكن ضمن أي اتجاه? لن يأتي أي رئيس أميركي ويهاجم إيران كما حدث في العراق, إذ إن إيران ستشكل تهديداً لتموين العالم بالبترول وتقلق واشنطن كثيراً.‏

الحرب في العراق اضعفت موقف الولايات المتحدة على الساحة الدولية: بالتأكيد تستطيع وزيرة الخارجية كونداليسا رايس أن تنبح لكنها لا تستطيع أن تعض, فالقوات المسلحة اهتزت في هذه اللحظة وأوهنت العزيمة لأنها لم تتوصل إلى تجهيز صفوفها ثانية إلا بتطويع بعض النسوة.‏

لهذا أول مهمة سيتوجب إنجازها على روبيرت غيتس وزير الدفاع الأميركي الجديد وعلى من سيخلفه إعادة بناء القوات المسلحة لكي يستطيعوا الاعتماد عليها حين تدعو الحاجة لذلك.‏

لابد أن تعيد الولايات المتحدة النظر في سياستها الخارجية بدقة فائقة, إذاً ما الدور الذي ينبغي أن تلعبه الدولة العظمى في العالم على الساحة العالمية, وما حدود هذا الدور? إنها حدود اقتصادية مرتبطة بعجوزاتها التجارية والمالية.‏

من الضروري الإجابة السريعة على هذه التساؤلات, بصراحة يخشى انتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2008 لإنهاء ما تبقى من إدارة بوش في مزبلة التاريخ.‏

* أستاذ في الجامعة العبرية بالقدس‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية