تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اعطوا الفلسطينيين سنارة الصيد!

ها آرتس
ترجمة
الاحد 7/1/2007
ترجمة ليندا سكوتي

صفق العالم بشدة ابتهاجا لفوز محمد يونس بجائزة نوبل للسلام, واعجابا بتطبيقه حكمة شعبية دأب الناس على

تداولها في الكثير من المناسبات تقول: ( إن اعطيت الفقير سمكة فإنك تسد جوعه ليوم واحد, وإن اعطيته سنارة وعلمته الصيد فإنك تسد جوعه على مدى الدهر).‏

وقد جاءت تلك الحكمة بهدف معالجة الفقر والتأكيد على ضرورة جعل الفقراء يكسبون متطلباتهم المعيشية بجهدهم وعرقهم بدلا من الاستمرار بتقديم الغذاء لهم لكن تلك الحكمة لم تأخذ مسارها في التعامل مع الشعب الفلسطيني إذ يطالب العالم وباستمرار بتقديم السمك لهم لأنه يعرف جيدا أن اسرائيل ستحول دون وصول أي شحنة سنانير للصيد تغنيهم عن تلقي المساعدات.‏

يؤكد الواقع أن أكثر من 1.3 مليون فلسطيني من أصل 3.7 ملايين من السكان ( بمن فيهم سكان القدس الشرقية) يعيشون حالة من الفقر, وذلك ما أكدته الدراسات التي تمت في عام ,2005 وأن أكثر من نصف هذا العدد أي ما يعادل 820.000 غارقون في فاقة شديدة.‏

وضعت اللجنة الوطنية الفلسطينية حدين للفقر اعتمدت فيهما على متوسط الانفاق الاستهلاكي, وقد ربطت الحد الأول بتسعة أصناف من السلع والخدمات ,كان الانفاق اليومي لها يقل عن 2.40 دولار لكل فرد. أما الحد الثاني فهو الفاقة وربطته بثلاثة أصناف هي: المأكل والملبس والمسكن ( دون أن تأخذ باعتبارها العناية الصحية أو تكاليف النقل) ويبلغ الانفاق اليومي لكل فرد أقل من 2 دولار.‏

ورد في تقرير الأونروا الصادر في شهر تشرين الثاني الفائت ( عن النصف الأول من عام 2006) بعنوان ( الأزمة الطويلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة: التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة على اللاجئين وغير اللاجئين) أنه يوجد في اطار السلطة الفلسطينية 1.069.200 فلسطيني يعانون من فقر مدقع, وقد تراجع هذا الرقم إلى نصف العدد في النصف الثاني من العام نفسه نتيجة المساعدات النقدية والعينية التي تلقتها السلطة , حيث تم دفع جزء من أجور العاملين في القطاع العام, وتلقى ثلث الشعب الفلسطيني المساعدات ,و تبين خلال هذه المدة أن 15,3% من سكان الضفة الغربية و56.9% من سكان قطاع غزة تلقوا المساعدات التي يشكل الغذاء نسبة 78% منها.‏

نتيجة التقارير الكثيرة عن الوضع المريع الذي يعيشه السكان عمدت المنظمات غير الحكومية بالاشتراك مع وكالات الأمم المتحدة إلى تقديم 453 مليون دولار مساعدات طارئة للفلسطينيين حيث يأتي تصنيفهم في المركز الثالث بين 13 دولة تحتاج للمساعدة علما أن كافة تلك الدول هي من الدول الإفريقية وتأتي السلطة الفلسطينية بعد السودان والكونغو وقبل الصومال وزمبابوي.‏

وبذلك فإن لم تغط تلك المعونة كافة النفقات التي يحتاجها الفلسطينيون فإن الحد الأعلى للمساعدات المقدمة لن يفي بالأغراض التي خصصت لها ويؤكد بأن الأزمة لدى الفلسطينيين ستستمر لسنوات قادمة. وتبين أن المقاطعة الدولية لحكومة حماس لم تعط أكلها لان الفقر على النمط الإفريقي الذي وجد في هذا البلد سيكون له منعكساته على الصحة والسياسة والأمن والأخلاق كما وأن واقع المساعدات في حدها الأعلى يؤكد التساهل الكبير مع اسرائيل وعدم إلزامها باتباع أحد أمرين:‏

إما الاعتراف بالتزاماتها كسلطة محتلة وتنفيذ تلك الالتزامات وفقا للمواثيق الدولية والاهتمام بالسكان في هذه المنطقة أو الكف الفوري عن سياسة الخنق الاقتصادي المتعمد الذي استخدمته لسنوات عديدة كوسيلة للضغط السياسي.‏

إن استمرار اسرائيل بسرقة مئات الآلاف من الشيكلات وهي استحقاق السلطة الفلسطينية من رسوم الجمارك والضرائب على أموال تعود أصلا للسلطة الفلسطينية, وعدم تحويل تلك الاستحقاقات إلى خزانة السلطة يشكل السبب الرئيس و المباشر في تعميق الأزمة , أما السبب التاريخي المستمر فهو القيود التي تفرضها اسرائيل على حركة الفلسطينيين خلافا للوعود التي وعدتهم بها لتخفيف تلك القيود.‏

إن اغلاق نقاط العبور في قطاع غزة, ونصب المئات من حواجز الطرق, والموانع في الضفة الغربية, يجعل من أي نشاط تجاري يمارسه الفلسطينيون مغامرة لاتحمد عقباها, وقد تقود صاحبها إلى الافلاس وبتقديري فإنه كان من الأيسر على الدول الغربية أن تساعد في وقف اسرائيل عن تصرفاتها كما لو أنها دولة تقع فوق القانون الدولي بدلا من تقديم مئات الألوف من الدولارات سنويا كقيمة غذاء كان من الأفضل للفلسطينيين شراؤه او انتاجه بأنفسهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية