تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لقاء أولمرت - أبو مازن.. جبل من الوعود ولاشيء على الأرض

قراءة في الصحافة الإسرائيلية
ترجمة
الاحد 7/1/2007
أحمد ابوهدبة

اللقاء بين رئيس الحكومة الإسرائيلية أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس,

كان بمثابة لقاء للبحث عن مخرج من الوضع الصعب الذي يواجههما, لأن أولمرت انتظر أشهر ناهزت العام وهو في الحكم وبدون أجندة سياسية, وخاصة بعد أن خيبت نتائج الحرب على لبنان جميع آماله السياسية فانتظر أولمرت إلى أن جاءت مبادرة وقف إطلاق النار الفلسطينية فتلقفها على الفور.‏

أولمرت يعرض هذا اللقاء مع عباس على أنه خطوة أولى باتجاه تحقيق المناورة السياسية التي كان قد طرحها خلال خطابه في سديه - بوكر قبل أربعة أسابيع حين اقترح على عباس الدخول في المفاوضات من أجل التهيئة لعملية سياسية تتضمن: إخلاء مناطق واسعة ومستوطنات أقيمت عليها, ودولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي في الضفة, وإطلاق سراح سجناء بأعداد كبيرة . فمنذ ذلك الخطاب تعرض كل من أولمرت وعباس إلى ضغوط دولية كي يتنازلا عن أي شروط مسبقة للدخول فيما سمي بالعملية السياسية وقد طولب أولمرت الوقوف إلى جانب عباس في مواجهة حماس.‏

من جهته تنازل عباس, استعدادا لهذا اللقاء عن مطالبته بالإفراج عن سجناء, وتنازل أولمرت عن طلبه إقامة حكومة وحدة وطنية جديدة وعن إطلاق سراح الجندي الأسير ( شليط ). كذلك تعهد أولمرت الاستمرار في إتباع سياسة ضبط النفس حيال إطلاق الصواريخ من غزة رغم رفض وضغوط وزير الدفاع بيرتس لهذه السياسة وفصل العمليات العسكرية عن أية عملية سياسيةوما يقال عن خطوات بناء الثقة التي طرحها أولمرت على أبو مازن خلال لقائهما وفي مقدمتها تحويل بعض الأموال المجمدة للسلطة, وإزالة بعض الحواجز العسكرية في الضفة, لها أهميتها في نظر صحيفة هارتس.لكن هناك الكثير من المصاعب الأولية التي تواجه أولمرت في تنفيذ ما أسماه خطوات بناء الثقة أو : النوايا الحسنة التي وعد بها أبو مازن خلال لقاءه به وأولها رفض وزير الدفاع عمير بيرتس, خلال المداولات التي أجريت بينه وبين قادة الجيش, الخطة التي قدمها نائبه ( افرايم سنيه) لرفع 47 حاجز اًمن أصل 400 حاجز موجود في أرجاء الضفة الغربية, بالرغم على المصادقة على فتح معبر أخر في شمال غور الأردن للبضائع تضمنته الخطة من جهة, ومعارضة قائد المنطقة الوسطى رفع أي حاجز بحجة حرمان قواته وأجهزة الأمن من إحباط أية عملية . لذلك كله لم تمض أيام على هذا اللقاء حتى خرج عمير بيرتس وأمر ببناء مستوطنة جديدة في الضفة , وبعدها أمر أولمرت جيشه باستئناف سياسة التصفية‏

إليكس فيشمان ألمراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرنوت ذكر في تقرير نشرته الصحيفة المذكورة (25/12/2006) بأن ما اسماه أولمرت مبادرات حسن نية تجاه الفلسطينيين ليست سوى جزء من خطة أمريكية بل أنها الخطوة الأولى في الطريق إلى تحقيق الخطة الأمريكية الجديدة للشرق الأوسط, والتي يكشف النقاب عنها هنا لأول مرة والتي تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة في غضون سنتين أي قبل نهاية ولاية الرئيس بوش.‏

وتشدد الخطة بشكل جوهري على دور الولايات المتحدة في حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني, وسوف تمارس سلسلة من الخطوات تؤدي إلى تقوية فتح وإضعاف حماس بما في ذلك خطوات تؤدي في نهاية المطاف إلى إبعاد حماس عن الحكم فقد بلورت هذه الخطة بحسب أليكس فيشمان, خلال حلقة دراسية أشرفت عليها وزارة الخارجية الأمريكية وشارك فيها خبراء في شؤون الشرق الأوسط وكذلك سفراء أمريكيون في دول المنطقة, حيث طالبت وزيرة الخارجية الأمريكية رايس, المشرفين على الحلقة الدراسية الخروج بأفكار جديدة وإبداعية انطلاقا من هدف بلورة سياسة جديدة في الشرق الأوسط تشكل بالإضافة إلى أمور أخرى بديلا لوثيقة بيكر - هاملتون.‏

في القسم الأول من الخطة يدور الحديث عن خطوات تقوم بها إسرائيل كجزء من خطوة لتقوية وتعزيز مكانة أبو مازن وخلق أجواء تتيح التقدم في الاتصالات بين الطرفين, والحديث يدور عمليا عن سلسلة من (المبادرات الإسرائيلية):‏

* استئناف عمل اللجنة الأمنية الإسرائيلية - الفلسطينية المشتركة, وتتعهد إسرائيل بعد ذلك بوقف المطاردة بالتنسيق مع أجهزة السلطة للذين يتعهدون بإلقاء سلاحهم والتوقف عن الأعمال ( الإرهابية).‏

* دخول المزيد من العمال الفلسطينيين للعمل في إسرائيل والمناطق الصناعية في المستوطنات, وزيادة عدد التصاريح بعبور البضائع والتجار وتسهيلات في حركة موظفي المنظمات الدولية والفرق الطبية الفلسطينية.‏

* دخول الحرس الرئاسي التابع لأبي مازن إلى معابر الضفة الغربية وفي معبري كارني ورفح, بشكل يسمح بفتح أوسع للمعابر حسب الخطة الأمريكية التي ساهم في وضعها الجنرال دايتون. بيرتس وقادة الجيش سيوصون اليوم أولمرت بالرد بشكل لا يؤدي إلى الانهيار التام لوقف النار, بل يردع منظمات الإرهاب من إطلاق المزيد من الصواريخ.‏

عكيبا الدار يقول في صحيفة هارتس :إن بيرتس سيقترح ضرب خلايا القسام وهي في طريقها إلى إطلاق الصواريخ, في أثناء الإطلاق وبعده. وتبنى أولمرت حتى ألان موقف المخابرات في مواصلة ضبط النفس , ولكن يبدو أنه لن يكون مفر من تغيير متدرج في السياسة: مثلا, النار من الجو نحو الخلايا فقط في أثناء إطلاق الصواريخ - ولكن ليس وهي في طريقها إلى الموقع أو بعد إطلاق الصواريخ. واقتنع أولمرت حتى ألان من أقوال رئيس المخابرات الذي حذر من أن ردا عسكريا سيوحد كل الفصائل الفلسطينية ضد إسرائيل.... ويضيف ألدار قائلا :بيرتس وقادة الجيش سيوصون أولمرت بالرد بشكل لا يؤدي إلى الانهيار التام لوقف النار, بل يردع منظمات( الإرهاب) من إطلاق المزيد من الصواريخ. وقال مصدر عسكري كبير أمس انه لن يكون ممكنا الاستمرار في الوضع القائم أكثر من ذلك, حيث يلحظ الجيش الإسرائيلي في الوقت الحقيقي إطلاق الصواريخ ولكنه ممنوع عن العمل بسبب توجيهات القيادة السياسية.‏

الصحافي دان مرغليت في معاريف يخالف رأي كل من عكيبا الدار وألوف بن ويرى أن اولمرت خضع لمطالب الفلسطينيين من خلال الوعود التي أطلقا له خلال لقائهما : تحيّر رئيس الحكومة اولمرت. لقد رفض قبل خمسة اشهر صفقة إطلاق سراح جلعاد شليط. لقد طلب الحصول على الجندي المخطوف بلا مقابل. حتى لقد عرّض بأن موقفه هو بمنزلة يُقتل ولا يمر, وغضب على آفي ديختر, الذي يحسن معرفة الجانبين, إذ تجرأ على القول إن إسرائيل ينبغي أن تتفضل بإطلاق سجناء فلسطينيين لإعادة شليط إلى البيت.بعد ذلك خضع ودخل تفاوضا طويلا مرهقا لإطلاق السجناء الفلسطينيين مقابل شليط.... ويعتقد مرغليت بان اولمرت :خضع الآن مرة أخرى. لم يعد يطلب شليط مقابل لا شيء, بل انه يحصل على لا شيء مقابل إطلاق(المخربين). من اجل إزالة كل شك: تستطيع إسرائيل كضحية (الإرهاب) أن تطلق سراح مخربين بسبب عيد الأضحى الإسلامي. يحق لها أن تفعل ذلك في كل سنة لا يكون فيها في أيدي الفلسطينيين مختطف إسرائيلي. لكن لا عندما يكون شليط في قبوهم, وتبدو كل قصة كيف ولدت فكرة لقاء اولمرت - أبو مازن تمثيلا من بدئها حتى نهايتها, أو قائمة على سابقة, لم يُعد مستشارو رئيس الحكومة إياه لها..... ويضيف مرغليت قائلا : تبينت علامات أولى لتراجع موقف إسرائيل في مجرد استعداده لأن يقيم من جديد لجنة إطلاق سراح السجناء قبل أسبوعين. لا لأنه لا توجد حاجة إلى لجنة كهذه, بل لأن إحياءها لا يمكن أن يتم والجندي المختطف في الخلفية.في أساس إجراء اولمرت - الذي يؤيده شمعون بيرس, وعمير بيرتس وشاؤول موفاز - يوجد الوهن, وعدم الثقة بالذات, والرغبة في إنهاء القضية سريعا. وكذلك وهم أنهم يعززون بذلك أبو مازن في مواجهة إسماعيل هنية وأتباعه. اذا كان هذا ما يُبينه له مستشاروه فإنهم يخدعونه. ينوون نية حسنة وينفذون تنفيذا سيئا... ويخلص دان مرغليت قائلا :سيكون التفسير الفلسطيني مناقضا: فقط لأن حماس أصرت وراوغت وخدعت, حصل أبو مازن على قسط مُعجل هو إطلاق السجناء, وسيعظم كلما عظم الرفض.وكذلك في قضية السجناء. وكذلك أيضا في وعد تحويل 100 مليون دولار إلى أبو مازن, ستأتي في أعقابها موجة طاغية من الأموال من أوروبا, وسيندثر أحد النجاحات الكبيرة للسياسة الإسرائيلية. لا لأن أبو مازن سيحصل على المال. فهذا شيء لا بأس به. بل لأنه سيحوله إلى خزينة المالية الفلسطينية, ومنها تستمد حماس المال ملء كفيها.وكذلك أيضا في قضية ضبط النفس لإطلاق صواريخ القسام. لن يحظى أبو مازن حتى بنقطة واحدة في الانتخابات المبكرة, التي يخطط لها مخالفا رغبة حماس. على العكس, ستقص المنظمات الإرهابية المتشددة هذا الشريط الدامي, لا أبو مازن, لأنها استخفت بوقف إطلاق النار خصوصا ورشقت سديروت بصواريخ القسام, وبرهنت على أن إسرائيل قط ورقي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية