|
معاً على الطريق الدم الفلسطيني خط أحمر..ويسيل الدم الفلسطيني,رغم ذلك,جهارا نهارا كتحصيل حاصل لتناطح الكبشين الأقرنين فتح وحماس تختفي من أمامنا مختلف شارات المرور فلا نعرف ماذا نقول ولا نعي أي خطوط حمراء نتجاوز في كل كلمة نتفوه بها. وحين يتحلل المجتمع العراقي ويعود بشكل مدروس ومخطط ومنظم إلى مجتمع غرائزي يحتكم إلى شريعة الغاب,وحين يتفكك المجتمع اللبناني وتتراصف الواجهات الدينية فيه جنبا إلى جنب مع الدكاكين السياسية ويتحول اليسار الديمقراطي إلى أفتك الأدوات الأميركية ويتقمص التقدمي الاشتراكي أشنع أنواع الرجعية البائدة,وحين يتخافت قهراً إيقاع..كلنا للوطن..كنشيد وطني لمختلف اللبنانيين تحت وطأة الصراخ المذهبي والطائفي المسعور والمتصاعد فعن أي شيء نتحدث? ومن سيسمع أصواتنا أمام هذا الزعيق المتواصل الذي لم يعد يعرف حدا يتورع عن تجاوزه أو حرمة يتوقف عندها? وحين تعصف الرياح بمجمل القرن الأفريقي..الحديقة الخلفية لمصر والخاصرة الجنوبية للسعودية واليمن ,وحين تتلبد الغيوم في سماوات تركمانستان وأفغانستان وباكستان وأندونيسيا وبنغلادش ودول إسلامية أخرى يزيد مجمل مساحتها عن ضعف أوروبا,فما الذي يمكن أن نقوله? وأي حكمة يمكن أن نطرحها في خضم هذا الطوفان من السعار الإعلامي أو أمام تخوم برج بابل الجديد,الذي نتشاطر جميعا عار إشادته في القلب من عالمنا الإسلامي المترامي الأطراف والفتن والاحتراب والفضائح والكوارث? قبل أحداث 11أيلول بقرابة السنتين وفي 10/10/1999 تحديدا نشرت مقالا في صحيفة تشرين تحت عنوان(إسلاموفوبيا) أكدت فيه على أن الإسلام قد وضع سلفا في قفص الاتهام وأن من خططوا لهذه العملية القذرة ينتظرون الذريعة لشن حملة ضارية شعواء عليه,وجرى ماجرى وحدث ماحدث من كوارث ولم يأبه أحد لما قلناه,واستمر المسلمون في جدلهم البيزنطي. ومع أنني استخدمت مصطلح(إيرانوفوبيا) في بعض المقابلات الإذاعية والتلفزيونية لكنني لم أورده في أي مقال من مقالاتي,وأعتقد أنه آن الآوان لأن نستوعب جميعا أبعاد هذا المصطلح الفائق الخطورة. الغرض من إفراد مقال تحت عنوان(إيرانوفوبيا) هو التأكيد مرة أخرى على خطورة ما يرسم ويخطط,من إثارة أكبر حرب مذهبية وطائفية عرفها الاسلام بوضع إيران كعدو استراتيجي مزعوم للمنطقة كما جرى وضع الاسلام كعدو استراتيجي مزعوم للعالم الغربي,ولا أدري من من العقلاء سيتنبه ويفيق من غفلته ويدب الصوت في هذا العالم الاسلامي المتداعي بالوعظ والارشاد والشحن المذهبي والعرقي. ولأنني كنت أستشرف منذ فترة طويلة مخاطر الشحن والتأجيج المذهبي والعرقي مع إيران كتبت خمسة مقالات في أواخر عام 1996 تحت عنوان(إيرانيات),قلت في أولها ...ومهما اختلفت مواقفنا القومية والأيديولوجية والمذهبية والسياسية من تلك الرقعة الاسلامية التي تحمل سمات القارة,والتي تقبع في المركز من لجة محيط إسلامي محض متلاطم ,ومضطرب(العراق- تركيا- آذربيجان- تركمانيا- أفغانستان- باكستان-الخليج العربي) ومهما تنوعت أسماؤها (بلاد فارس-ايران-الجمهورية الإسلامية الايرانية) فإنها وبعد بضع سنوات من الفتح الاسلامي دخلت نسيجنا وسكنت وجداننا وتفاعلت مع حضارتنا وأثرت لغتنا وتركت بصماتها على نمط تفكيرنا وشكل أدبنا, واحتوت رفات ثلة من أشرافنا وأعلامنا بين حنايا سهولها وهضابها. أكدت في عدد كبير من المقالات على أن كل دين ومذهب وطائفة يضم العالم والجاهل والحليم والسفيه والمتسامح والمتعصب والورع والمنافق, فما بالنا نطلق العنان للسفهاء ونذكي نار التشاحن المذهبي والطائفي وندير ظهورنا لمختلف أشكال التعايش والتسامح بما تحفل به من وقائع وحقائق. ومع مناهضتنا بل وعدائنا لنظام صدام حسين إلا أننا وقفنا الى جانب العراق ابان محنة حصاره وطالبنا بفتح الحدود معه وألححنا على إرسال الأغذية والأدوية الى شعبه الشقيق وشجبنا غزوه واستنكرنا اسقاط نظامه واعتقال صاحبه ومحاكمته لأنها تمس الشرف والكرامة العربية, وجاء تنفيذ حكم الاعدام بتلك الطريقة المشينة ليزيد الطين بلة وليعمق جراحنا ولكن هل لثلة من السفهاء مهما بلغ حجمها أن تضع المنطقة برمتها على كف عفريت نتيجة أخطاء أو ولدنات ارتكبتها? إذا كانت المنطقة برمتها هي فوق برميل بارود فإن ايران ومن ضمن موقعها الاستراتيجي الخطير في قلب العالم الإسلامي ومن ضمن امكاناتها البالغة الضخامة هي قنبلة بحد ذاتها فحذار حذار من اللعب بالنار, وليهب العقلاء والغيارى من مختلف المذاهب والطوائف لتدارك الوضع قبل أن تقوم القيامة. |
|