تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاعتـــراف الأميــــركي والتمهيــد لـ«صفقـــة القــــرن»

عن لومانيتيه
الأحد 31-4-2019
ترجمة: مها محفوض محمد

بإعلانه قرار بسط السيادة الاسرائيلية على هضبة الجولان السورية يكون الرئيس الأمريكي قد وصل إلى الهدف الذي سعى لإنجازه ألا وهو جعل اسرائيل دولة اقليمية قوية تدير شؤون الفلسطينيين دون أن يكون لهم هوية وطنية.

وكم كانت فرحة نتنياهو كبيرة بهذا القرار قبل أسبوعين من الانتخابات التي يخشى أن لا يفوز بها، فها هو يتلقى هدية جميلة من الرئيس الأمريكي الذي استغل وجوده في واشنطن لتوقيع قراره بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على «الهضبة» التي احتلت منذ عام 1967 وضُمت عام 1981 وليس في الأمر مفاجأة إذ كان قد سجل ترامب أيضاً الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها قبل أشهر، خرقاً لما درجت عليه الادارات الأمريكية السابقة ثم إن التقرير الأخير لوزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الانسان في العالم خلال العام 2018 الذي نشر بداية شهر آذار الحالي لم يأت أبداً على ذكر الأراضي المحتلة من قبل اسرائيل سواء الضفة الغربية أو قطاع غزة أو هضبة الجولان بل : «الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل» والفارق ليس فقط في دلالة اللفظ إنما سياسياً المعنى عميق جداً، وأكثر من ذلك فإن ترامب يعتقد أن الاستمرار في الاستيطان لا يشكل عائقاً لمسار عملية السلام.‏

السفير الأمريكي في اسرائيل ديفيد فريدمان هو داعم متحمس جداً ( مالياً ) لبناء المستوطنات وزرعها في الأراضي الفلسطينية في الوقت الذي أوقفت فيه الولايات المتحدة مساعداتها لوكالة غوث اللاجئين (الاونروا) كما تسعى لتغيير الوضع الاداري الناظم لأوضاع اللاجئين رافضة تضمينه الأجيال التي تتبع لعرب 48 بهدف انقاص أعدادهم من خمسة ملايين الى أربعين ألفا فأي حق عودة سيبقى ضمن هذه الشروط ؟ اضافة الى ذلك فقد أغلقت واشنطن مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية وكل ذلك من أجل فرض سياسة قطعية لحماية اسرائيل في نهاية المطاف.‏

حملة محمومة أطلقتها الدول الأوروبية بمجملها ضد كل من ينتقد اسرائيل بتوجيه التهمة له بمعاداة السامية تماماً كحملات حركات المقاطعة بوقف استثمار أو اطلاق عقوبات أما في الاجتماع الذي عقد في مجلس الأمن بشأن الجولان فهناك خمس دول أوروبية من الأعضاء الأساسيين في مجلس الأمن (المانيا - فرنسا - انكلترا - بلجيكا وبولونيا) عبرت عن سخطها من القرار الأمريكي حيث أعلنت في بيان واضح بأنها لا تعترف بسيادة اسرائيل على الأراضي التي احتلتها عام 1967 بما فيها هضبة الجولان مشيرين الى أن ضم أراضي الدول بالقوة ممنوع وفقاً للقانون الدولي وان أي اعلان أحادي الجانب بتغيير حدود بلد ما هو مخالف لميثاق الأمم المتحدة وعلى غير العادة أثناء النقاش أدان سفير فرنسا فرانسوا ديلاتر بطريقة لاذعة موقف واشنطن قائلاً «إن الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان مخالف للقانون الدولي خاصة وأنه ليس من واجب الولايات المتحدة الاعتراف بحالة غير شرعية ويضيف إن هذا غير مقبول وغير مفهوم بالنسبة لفرنسا».‏

إذاً سيكون من غير المقبول أن لا تدرج فرنسا التي ترأس هذا المجلس لغاية يوم الأحد طلب سورية لاجتماع عاجل لهذا المجلس وأن تترك تلك المهمة لألمانيا التي ستخلفها لأنها إن فعلت ذلك ستكون قد سجلت موقفاً يعبر عن رغبة واضحة بالوقوف ضد المحاولات الأمريكية الهادفة الى تقطيع الأراضي السورية وتقسيمها خاصة بإعطاء إسرائيل الحق بالسيطرة على منابع المياه الغزيرة في هضبة الجولان والتي تغذي الأردن وبحيرة طبريا.‏

أما بالنسبة لفرنسا فقد دخلت في تناقضات كبيرة علاوة على مشاركتها في إصدار ما سمي «BDS» الذي يعني أن معاداة الصهيونية هي شكل جديد لمعاداة السامية وبالتالي تجريم كل من يعادي الصهيونية وفرنسا تتخبط إذ لم تعد تعرف كيف يمكن أن تجد مكاناً لها فيما يخص الساحة السورية.‏

أما بالنسبة لاستخفاف العالم العربي والإسلامي بقرار ترامب حول الجولان فإن الحال سيضيق بهم إذا ما دعا السيد حسن نصر الله الى المقاومة لمواجهة هذا القرار حيث اختار هؤلاء منذ عدة سنوات الاندماج بلا وازع في الاستراتيجية الأمريكية التي عبروا من خلالها الى تقارب مع اسرائيل استراتيجية استندت وعملت على تعيين بل تسمية العدو المشترك لهم إيران وعبثاً كانت ادانتهم للقرار الأمريكي فكل إداناتهم لا وزن لها لأنهم غير قادرين على أي فعل أو تحريك أي شيء وكان الرئيس روحاني قد أشار إلى ما فعله ترامب بأنه غير مسبوق أن يأتي شخص من أمريكا ويعلن ذلك ضد كل القوانين الدولية وأن يضم أرضا تنتمي الى دولة ذات سيادة».‏

والحقيقة أن ما قام به ترامب فعلاً هو قرصنة للقانون الدولي كما تبين أن جميع القرارات الأمريكية السابقة خاصة مبادرة السلام الاسرائيلية - الفلسطينية لـ جاريد كوشنير والتي جاءت تحت مسمى « صفقة القرن» ليست سوى ستار من الدخان لعملية نصب واحتيال جديرة بأن يتم تمثيلها مسرحياً بطريقة بهلوانية.‏

فالخطة الآن واضحة تماماً وهي تقطيع الأراضي الفلسطينية وعملية ممنهجة لتجريد الشعب الفلسطيني من هويته الوطنية والعملية بحذافيرها يتم تنفيذها لجعل اسرائيل أقوى من أي وقت مضى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية