|
شؤون سياسية من أجل حل الأزمة السياسية بين الحزب الحاكم والمعارضة, في حين طالبت بوتسوانا البلد المجاور لزيمبابوي أمام قمة الاتحاد الإفريقي بإبعاد زيمبابوي من المنظمة الإفريقية وكذلك من مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية, وقررت الدول ال 53 الأعضاء في الاتحاد الإفريقي» حث الرئيس روبرت موغابي وزعيم حركة التغيير الديمقراطي( المعارضة) مورغان على بدء الحوار من أجل إحلال السلام والاستقرار«, معربة عن تأييدها للوساطة التي تقوم بها مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية في هذا الإطار. وعلى الرغم من أن الأزمة الزيمبابوية قد خلقت انقساماً بين القادة الأفارقة, فإن السماح لحضور روبرت موغابي القمة الإفريقية في شرم الشيخ اعتبره المراقبون الغربيون تراجعاً إفريقياً, فضلاً عن أن القمة عينها قد أضفت شرعية سياسية إفريقية على حكم الرئيس موغابي, تندد بها المعارضة والدول الغربية والأمم المتحدة التي تطالب بفرض عقوبات على حكومة هراري وداعميها. وكان الرئيس روبرت موغابي قد فاز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الصورية التي جرت يوم 27 حزيران الماضي, في ظل خوضه المنافسة فرساً وحيداً بعد انسحاب زعيم المعارضة الزيمبابوية مورغن تسفاجيراي بسبب ممارسة العنف السياسي على أعضاء وقيادات حركته- على الرغم من فوز تسفاجيراي في الدورة الأولى التي جرت في29 آذار الماضي, وتقدمه فيها على موغابي ولكن من دون أن يحقق نسبة ال 50 في المئة الضرورية لتلافي خوض دورة ثانية. وها هو الرئيس روبرت موغابي (84) الذي يحكم زيمبابوي منذ ثلاثة عقود يتحدى المجتمع الدولي, الذي أجمع على أن الانتخابات التي جرت هي صورية و»أن النظام الذي سينبثق عن هذه الانتخابات لا يمكن أن يعتبر شرعياً, ويزيد من إصرار الرئيس موغابي الذهاب بعيداً في نهجه السياسي عجز القمة الإفريقية عن إشراك المعارضة في الحكومة الجديدة, علماً أنها فازت بالانتخابات البرلمانية التي جرت في نهاية شهر آذار الماضي. وتعتبر زيمبابوي التي تعد 12 مليون نسمة بلداً منكوباً اقتصادياً وسياسياً, فيه مليونان مصابون بالإيدز, و3 ملايين موزعون لاجئون في الدول المجاورة بين بوتسوانا وموزامبيق وجنوب إفريقيا, و80 في المئة عاطلون عن العمل, وتصل نسبة الأمية فيه إلى 90 في المئة, أما معدل الأعمار فيتراوح بين 37 سنة للرجال و34 سنة للنساء. وينتمي شعب زيمبابوي إلى عرق البانتو الذين أنشؤوا مملكة قوية في القرون الوسطى, وبموجب مؤتمر برلين الذي انعقد بين عامي 1884 -1885 والذي ضم دول أوروبا الغربية وكان مخصصاً لتقسيم إفريقيا بين هذه الدول, أصبحت مملكة البانتو من نصيب بريطانيا التي استعمرتها عام 1888 وأسمتها » روديسيا« ومن ثم في عام 1911 قسمتها إلى قسمين » روديسيا الشمالية« التي أصبحت زامبيا فيما بعد, و» روديسيا الجنوبية« التي أصبحت زيمبابوي عام 1980 وقد دفعت وزارة المستعمرات البريطانية أعداداً كبيرة من الإنكليز للاستيطان في روديسيا ولاسيما في القسم الجنوبي منها. وبعد حرب تحرير طويلة, وبدافع من الحكومة البريطانية عقد المؤتمر الدستوري في لانكستر هاوس, الذي وضع حداً للصراع الدائر بين الحزبين الوطنيين ( الزانو-ZANU) بقيادة ( روبرت موغابي), والاتحاد الإفريقي لشعب زيمبابوي-(ZAPU) بقيادة جواشوان نكومو من جهة, وحكومة إيان سميث العنصرية من جهة أخرى, وعقب الانتخابات التي جرت في 18 شباط ,1980 أصبحت زيمبابوي دولة مستقلة, وتولى روبرت موغابي رئاسة الحكومة, فيما تولى رفيق دربه في الكفاح التحرري الوطني جواشوان نكومو وزارة الداخلية, وقد فرضت الحكومة البريطانية بعد محادثات السلام تلك, دستوراً يضمن للأقلية البيضاء وللأجانب امتلاك المصادر الزراعية والمنجمية والصناعية لمدة عشرة أعوام. أحد العوامل الذي أسهم في فوز حزب الرئيس روبرت موغابي خلال الدورتين الانتخابيتين الماضيتين, هو الإصلاح الزراعي الذي قام به, وهو يعتبر قضية عادلة في زيمبابوي, ولا أحد يشكك في أن هناك أزمة حقيقية في هذا المجال, بسبب أن الأقلية البيضاء التي تمثل 1% من السكان, تمتلك 70% من أخصب الأراضي في البلاد, وكان الإصلاح الزراعي الذي عجل به الرئيس موغابي منذ شباط 2000 قد انطلق بشكل متأخر, إذ شرع بعض »قدامى المحاربين« الزيمبابويين الذين شاركوا في الحرب ضد النظام العنصري السابق, يحتلون بالقوة بعض أملاك المزارعين البيض الذين يسيطرون على الجزء الأكبر من أفضل الأراضي, ومن المعلوم تاريخياً أن استعادة هذه الأراضي كانت المطلب الرئيس في النضال من أجل الاستقلال. * كاتب تونسي |
|