تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نوفوستي... تهدئة أم استراحة محارب?!

ترجمة
الأحد 6/6/2008
ترجمة: د.ابراهيم زعير

في التاسع عشر من حزيران, دخلت حيز التنفيذ, اتفاقية وقف إطلاق النار بين اسرائيل وقطاع غزة, أو » اتفاق التهدئة «.

ولكن من الوهم الاعتقاد بأن الطرفين المتنازعين يثقان بأنها ستؤدي إلى السلام, إذن, فما الحاجة إلى مثل هذه الاتفاقية? فالتهدئة ليست حتى هدنة, ولاتعتبر مقدمة لبداية المفاوضات التي قد تؤدي إلى توقيع معاهدة سلام. والأكثر منذ ذلك, وكما يبدو, لاأحد لديه قناعة بأن اتفاقية التهدئة قد تصمد ستة أشهر, وهي الفترة المحددة لها.‏

وقد أشار رئيس وزراء اسرائيل أيهود أولمرت لذلك بقوله: »ليست لدينا أي أوهام, فالتهدئة هشة ولايرجح أن تستمر طويلاً«. وأضاف: »إن الاتفاق لايعني استعداد اسرائيل للتفاوض مع حماس, فمشاعر العسكريين الإسرائيليين متشائمة أكثر, بتأكيدهم أن فترة »التهدئة« توفر لما تسميهم بالإرهابيين« (وهي التسمية التي تطلقها اسرائيل على الفلسطينينين في غزة ), فرصة لالتقاط الأنفاس من أجل تعزيز وحداتهم القتالية, وتنمية احتياطي السلاح والعتاد« وقد حدث ذلك مرات عديدة. وثمة شكوك أيضاً في صمود »التهدئة« لدى الفلسطينيين, ولاسيما أن الحكومة الإسرائيلية, وعوضاً عن العمل لتهدئة الوضع, أوعزت للجيش الإسرائيلي بأن يكون على أهبة الاستعداد تحسباً لحالة فشل الاتفاقية.‏

واللافت أن الاتفاقية, تتضمن الكثير من الوعود المؤجلة إلى وقت لاحق فإثر وقف إطلاق النار يتعين إلغاء العقوبات التي تفرضها اسرائيل ضد قطاع غزة تدريجياً, وكذلك التفاوض بشأن فتح معبر رفح بين غزة ومصر, واستئناف المفاوضات حول إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين مقابل الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط, والأفق الغامض بشأن وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية. ولكن هذه الأخيرة غير مثبتة في الوثيقة. وأخذت مصر راعية الاتفاق الذي تم التوصل إليه, على عاتقها بطلب من حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى, وفقاً لمعلومات وسائل الإعلام, مهمة إقناع اسرائيل بذلك.‏

ويبقى غامضاً مصير جلعاد شاليط, فقد عرض الإسرائيليون قضية إعادته كشرط أولي »للتهدئة« ولكن الفلسطينيين رفضوا ويشعر الإسرائيليون الآن بخيبة أمل كبيرة. فالمعارضة والعديد من أنصار أولمرت عارضوا »صيغة الاتفاق« التي لم تتضمن إخلاء سبيل شاليط, وأقصى ماتسنى تحقيقه هو الاتفاق على مواصلة المفاوضات بهذا الشأن.‏

وبهذه الصورة فإن النتيجة الإيجابية الوحيدة الممكنة للاتفاق, هو حصول سكان قطاع غزة على المساعدات الإنسانية, وهم المحرومون من أبسطها في ظل حصار قاسٍ غير محتمل.‏

ومع ذلك, فإن السياسيين الإسرائيليين والفلسطينيين لم يسعوا إلى الاتفاق من أجل استعادة أنفاس قصيرة, تهدد بالتمخض عن إراقة دماء عنيفة أكثر. فالإسرائيليون أنفسهم يحتاجون إلى فترة استراحة لتركيز الاهتمام على القضايا الداخلية. ولم يعد الآن مايشغل حماس وفتح عن الحوار. والتهدئة ستتيح لقادة حزب » كاديما « الإسرائيلي الحاكم التهيؤ بهدوء للانتخابات الحزبية الداخلية, وبعد ذلك للانتخابات المبكرة إلى الكنيست بعد فضائح الرشوة لرئيس الوزراء أولمرت وإذا نفذت اتفاقية وقف إطلاق النار, كما خطط لها, وهو أمر صعب المنال, فإنها ستوفر للطرفين مزايا إيجابية. وإذا لم تتسن » التهدئة « فلن يفقد السياسيون أي شيء, فدائماً يمكن تحميل الخصم سبب فشل الاتفاق.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية