تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاتحاد الحقيقي من أجل المتوسط!

اقتصاديات
الأحد 6/7/2008
عبد القادر حصرية

يستعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الثالث عشر من تموز الحالي لإطلاق مبادرته حول الاتحاد المتوسطي. الاتحاد المتوسطي مشروع جديد للاتحاد الأوربي تجاه جيرانه في الجنوب والذي يعتقد البعض أنه لن يكون أكثر من مظلة سياسية جديدة للشراكة الأوروبية المتوسطية التي دشنت في مدينة برشلونة في العام 1995.

الرئيس الفرنسي هو صاحب المشروع ومصممه وقد تقلص المفهوم الأصلي للمشروع من منتدى دولي يجمع دول حوض البحر المتوسط و يضم إنشاء تسع وكالات جديدة ومصرف إلى مجرد قمة دورية لدول الاتحاد الاوروبي ودول حوض البحر المتوسط مع تشكيل رئاسة مشتركة وأمانة صغيرة. أهداف الاتحاد المقترح عديدة وهي تعكس حاجة الأوروبيين إلى منفذ طبيعي يوسع مجالهم الجغرافي والسياسي في ظروف عالمية تفرض تشييد وتوسيع التكتلات الاقتصادية والإقليمية. كما يحاول الأوروبيون من خلال هذا المشروع إيجاد صيغة للتعاون بين دول المتوسط في الشمال والجنوب, تكون بمثابة بديل عن الالتحاق بركب السوق الأوروبية المشتركة. إلا أن الأوروبيين يحسبون حسابات تصبّ في مصلحة الحدّ من هجرة اليد العاملة والعاطلين والهاربين من الدول المغاربية ومن الدول الأفريقية. و بغض النظر عن المغذى السياسي للاتحاد فإن الملفات الاقتصادية هي ما يعني شعوب هذه المنطقة بالدرجة الأولى خاصة في ضوء التحديات التي يفرضها الارتفاع الهائل في أسعار الطاقة وتحرير التجارة الذي عرّض اقتصادات العديد من الدول للتحديات. و الملفات الاقتصادية متعددة منها ما تفرضه التطورات الأخيرة التي شهدتها أسواق النفط والمواد الأولية العالمية والتي دفعت بالأمن الغذائي للعديد من دول جنوب المتوسط إلى واجهة الاهتمامات, إضافةً إلى التعاون النووي لأغراض توليد الطاقة الكهربائية وهو أيضا أحد أهم الملفات.‏‏

فمن المعروف أن الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة العادية والاستثمارات الضخمة اللازمة لتوفير الاحتياجات المتزايدة من الطاقة الكهربائية جعل من الطاقة النووية أحد البدائل الهامة للنفط في توليد الطاقة الكهربائية.‏‏

وقد بدأت فرنسا بتوقيع عدد من الاتفاقيات مع بعض الدول لإنشاء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة النووية ومن هذه الدول الأردن. و لا بد أن تستفيد دول الجنوب ومنها سورية من الطاقة النووية لأغراض توليد الطاقة الكهربائية. كما أن هناك ملف الإصلاح الاقتصادي الذي تقوم به بعض الدول والذي يتضمن كلفة اجتماعية لابد من أن يكون لأوروبا دور في تحملها وتشجيع الاستثمارات الأوربية في تلك الدول ومنها سورية. وهناك مشروع لتحسين وصول المياه إلى مجمل منطقة المتوسط عبر سلسلة من المشاريع منها شق أقنية لجر المياه بين البحر الميت والبحر الأحمر و منها استخدام المياه الجوفية في ليبيا وتطوير استخدام الطاقة الشمسية في بلاد الجنوب. وهناك التعاون في قضايا البيئة والذي تصر عليه الدول الأوربية التي تتشاطىء مع دول جنوب البحر الأبيض المتوسط, ويهدف هذا التعاون إلى معالجة تلوث البحر المتوسط عبر إعادة تأهيل البيئة في حوالي 130 موقعاً ملوثاً يتم حصرها في محيط المتوسط حتى العام 2020.‏‏

ولابد من العمل على حل المشاكل السياسية التي لها أبعاد على التنمية الاقتصادية كالصراع العربي الإسرائيلي الذي من المؤكد أن لتداعياته صلة بتأجيل التصديق على الاتفاق الأوربي السوري. التعاون هو أولاً وأخيراً لمصلحة الشعوب, ومصالح الشعوب تتنافى مع المقاطعة الاقتصادية والعقوبات. وليس المطلوب تقديم المعونات, إنما المطلوب هو التمكين الاقتصادي الذي يجب أن يؤدي إلى تنمية اقتصادية مستدامة, إذ يجب أن تغلب ثقافة التمكين الاقتصادي على ثقافة المعونات عند الإذعان والمقاطعة عند الممانعة!.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية