تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاتحاد الأوروبي .. الشريك التجاري الأول لسورية

دمشق
اقتصاديات
الأحد 6/7/2008
مرشد النايف

رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروزو يصف مسودة »الاتحاد من أجل المتوسط« التي دعا اليها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأنها مظلة سياسية جديدة للشراكة الاوروبية المتوسطية التي دشنت في برشلونة الاسبانية عام 1995

في الوقت نفسه يصرح ساركوزي بان القمة التي ستلتئم في باريس في الثالث عشر من الشهر الجاري ستبحث امكانية بناء اتحاد متوسطي يتجاوز اخطاء الماضي ويعالج الخلافات الثقافية ويعمل على تضييق الفجوة الاقتصادية الهائلة بين الشمال والجنوب‏‏

وبين التصريحين التوجهين اعلاه يجد المراقبون ان الاتحاد من اجل المتوسط الذي تحمل لواءه فرنسا يهدف لاستعادة مكانة باريس في منطقة نفوذها التقليدية في مواجهة التمدد الأمريكي - الآسيوي وإن الصيغة المطروحة للمشروع هي أعلى من سقف مسار برشلونة .‏‏

وان كان ثمة ما نختم به هذه التوطئة هو تقرير وضعه نخبة من المخططين بطلب من الرئيس ساركوزي نفسه حينما كان مرشحا للرئاسة واطلق عليه »تقرير ابن سينا« وبنية التقرير تقوم على تحسين مركز فرنسا الاقليمي والدولي على السواء في اطار قوس يمتد من ضفاف البوسفور في تركيا الى ضفاف الاطلسي في موريتانيا.‏‏

وعلى ضفتي المتوسط يركز الطرفان ان ما يجمعهما في الاقتصاد يجب ان تكثفه السياسة في علاقات ثنائية متوازية وهذه حقيقة تاريخية فدول الاتحاد الاوروبي هي الشريك التجاري الاول للدول المطلة على المتوسط ومن بينها عشر دول عربية وسورية كانت من بين الدول العربية الاوائل التي وقعت اتفاقية تعاون مع الاتحاد الاوروبي عام 1977ثم مالبثت أن خاضت مفاوضات الشراكة مع الاتحاد إثر إعلان برشلونة عام 1995 وانجزته مطلع 2003 ووقعت بالاحرف الاولى من عام 2004 لكن لم تصدّق الاتفاقية بعد .‏‏

وترتبط سورية تاريخيا بعلاقات تجارية مميزة مع مجموعة الاتحاد الاوروبي اذ هي شريكها التجاري الاول منذ زمن بعيد فالقناصل الفرنسيون والبنادقة والبريطانيون افتتحوا قنصلياتهم في حلب منذ ما يزيد عن 500 سنة.‏‏

واليوم نجد في الاحصائيات التجارية بين الاتحاد الاوروبي وسورية انه يستهلك 55 بالمئة من صادراتنا ونستورد من دول المجموعة ما نسبته 33 بالمئة من وارداتنا اي ان الميزان التجاري يميل لصالح الاتحاد فقيمة الصادرات السورية الى مجموعة الاتحاد تصل الى 1.760 مليار يورو في حين ان قيمة مستورداتنا منها تصل الى 3.5 مليارات يورو سنويا وفقا للاحصاءات التجارية بين الطرفين قبل ثلاث سنوات.‏‏

***‏‏

إعلان برشلونة وطموحات التبادل الحر‏‏

قبل ثلاثة عشر عاما, اخذت العلاقات بين ضفتي المتوسط بعداً رسمياً ففي عام 1995 عقد في مدينة برشلونة المؤتمر الاورو متوسطي الذي نجم عنه ما عرف لاحقاً باعلان برشلونة, وحينها شدد الوزراء المشاركون »27دولة « على الاهمية الاستراتيجية للبحر المتوسط واتفقوا على ان يكون الاعلان بمثابة خطوة تخلق سلاماً وازدهاراً لدول التكتلين بما يحقق طموحات الطرفين في علاقات مستقبلية تخدم مصالح كل منها. ومن اوائل تلك» التشديدات« هي دعم المشاركين في المؤتمر »تحقيق تسوية سلام عادلة وشاملة ومستديمة في الشرق الاوسط ترتكز على قرارات الامم المتحدة «.‏‏

ولأن السياسة بوابة للاقتصاد في كثير من الاحيان عبر المشاركون في برشلونة على ان السلام والاستقرار في منطقة المتوسط تشكل مكسباً مشتركاً يتعهدون بتشجيعه اما في الشق الاقتصادي فقد كانت طموحات المجتمعين كبيرة وتتلخص بالتأسيس التدريجي لمنطقة تبادل حر, وحينها وضعوا الوصول الى التبادل الحر ضمن جدول زمني ينتهي في عام 2010 كتاريخ عملي لتأسيس هذه المنطقة لكن فيما بعد شطت السياسة بالاقتصاد, فاتفاقية الشراكة التي وقعت بالاحرف الاولى بين سورية والاتحاد منذ عام 2004 لم تأخذ طريقها بعد الى التصديق رغم ان الخطة الخمسية العاشرة, السارية حاليا, تتوافق واهداف ومضامين اتفاقية الشراكة في العديد من القضايا كالتنمية الاقتصادية المستدامة وخلق فرص عمل, وهو ما تدعمه اتفاقية الشراكة في الباب السادس الخاص بالتعاون الاقتصادي, ورفع انتاجية عوامل الانتاج وغيرها ..‏‏

ان تحقيق غاية برشلونة يتطلب اقامة منطقة تجارة حرة, اي يتطلب تصديق ما بقي من اتفاقيات الشراكات الثنائية, فالشراكة الحقيقية في منطقة المتوسط تتطلب من الشركاء اجمعين انتاج مفاهيم جامعة تؤسس لنظرة متكافئة بين الطرفين .‏‏

***‏‏

استثمارات ضخمة للفرنسيين‏‏

حقق الميزان التجاري بين سورية وفرنسا لأول مرة فائضا لمصلحة سورية يقدر ب200 مليون دولار العام الماضي.‏‏

فقد بلغت قيمة الصادرات السورية الى فرنسا اكثر من 700 مليون دولار في حين كانت الصادرات الفرنسية الى سورية بحدود 500 مليون دولار في عام 2007 .‏‏

ويعزا ارتفاع الصادرات السورية الى فرنسا الى ارتفاع اسعار النفط وزيادة التشكيلة السلعية ضمن الصادرات السورية وتنوعها.‏‏

يذكر ان للفرنسيين استثمارات ضخمة في سورية فقد تم توقيع عقدين كبيرين مع شركة »لافاج« الفرنسية لبناء مصنعين للاسمنت في سورية بكلفة تصل الى 1.2 مليار دولار ليكون بذلك احد اكبر الاستثمارات الاجنبية في سورية وسيبدأ تنفيذهما هذا العام . وثمة استثمارات اخرى لشركة بيل المعروفة بصناعة المواد الغذائية واستثمار لشركة الغليكيد لبناء وحدة لانتاج الغاز ومشروع لشركة سي جي إم لتوسيع واستغلال ميناء اللاذقية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية