تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يقتلنا أم نقتله ؟

عين المجتمع
الأحد 4-1-2015
منال السمّاك

أربع و عشرون ساعة ربما لا تكفي !! بل يكاد البعض يتمنى أن تزيد ساعات يومهم بضع ساعات أخر لينهي أعماله المتراكمة و يجني مزيداً من المال ليس طمعاً و جشعاً بل ليساعده على مجابهة تكاليف الحياة المرتفعة التي لم تعد ترحم ، فنرى البعض لا يترفع عن بعض الأعمال مهما تواضعت ،

و نلمحه راكضاً لاهثاً خشية هدر وقت يمكن استثماره بما يعود عليه بالنفع ، هو إنسان يعشق عمله و يتقن استغلال وقته ، شعاره «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك» ، و بينه و بين عقارب الساعة علاقة تنافس ودي و سباق لا ينتهي .‏

في الطرف المقابل نجد من أدمن الجلوس في زوايا الانتظار مترقبا لفرصة عمل تأتيه معلبة معقودة بشريط لامع ، يجاهر على الملأ بإتقانه لمهارات تبديد الوقت في المقاهي و التسكع في الأسواق ، بل يدعو المعارف و الأصدقاء لمساعدته في قتل الوقت و دفنه و كأنه عدوه اللدود أو ثأر قديم يحكم علاقتهما المأزومة ، إدمان النت و التجوال الفيسبوكي و بث رسائل الواتس آب هوايته و عمله الدؤوب على مدار الساعة ، أما تدخين الأركيلة فهو ملاذه الآمن كي تنجلي أموره كما الدخان الذي يرسم في فضائه الأوهام .. كيف لا و هو مصر على قتل الساعات و الثأر من الدقائق و وأد الثواني فيما طاب له من فنون التسالي ، و حجته .. يوم طويل و فراغ مديد .‏

على لائحة الترقب و اليأس و الإحباط يقف الكثيرون بانتظار فرصة عمل على المزاج و المقاس ، بينما سنوات الشباب تفر هاربة من بين أصابعهم الكسولة و نفوسهم المترفعة ، و إلى حين حصول المراد هم مصرون على الانتقام من الوقت عوضاً عن استغلاله بما يعود عليهم بالنفع نفسياً و معنوياً و هذا أضعف الإيمان إن لم نقل مادياً ، كالتطوع أو تنمية الخبرات و المهارات ، و الغوص عميقاً في قدراتهم و استثمار طاقاتهم الشبابية استعداداً لولوج سوق العمل ، قبل أن تدنو عقارب الساعة من سنوات الشيخوخة و يعلن الوقت عليهم الانتصار ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية