تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يد واحدة لا تصفّق..

مجتمع
الأحد 4-1-2015
غـانـم مـحـمـد

مازال طعم «هريسة الدجاج» في حلوقنا، حيث تصرّ أمهاتنا وجداتنا على هذا التقليد السنوي، ومازالت لكل إطلالة عام جديد تخيّم على بعض أحلامنا وأوهامنا، وما هي إلا أيام ونعود إلى قسوة الواقع وإلى «النقّ» بسبب هذه القسوة،

فنتذكّر «فروج بقعة ضوء» الذي يُقسَّم على مدار الشهر، وإلى «الجاكيت» التي يتقاسم لبسه أكثر من شخص في العائلة الواحدة، وإلى اختراعات الحاجة التي يذهب إليها معظم ضعيفي الحيلة من أجل تمضية أيامهم في هذه الدنيا..‏

متفقون جميعاً على أن الإنسان السوري قوي جداً وقادر على تجاوز أي ظرف مهما كان صعباً ولو بـ «النكتة»، ونتفق أيضاً على أن بعض المحاولات من جهات أهلية ومجتمعية وحكومية حضرت لتساعد هذا الإنسان لزيادة دخله ولو بنسبة ضئيلة جداً من مشاريع صغيرة أو متناهية الصغر وصولاً إلى زراعات منزلية وغير ذلك من الأفكار التي انتهى معظمها مع تسليط الضوء عليها من قبل الإعلام!‏

عندما لم يكن في ضيعتنا أي محل لبيع الفلافل وكان من يشتهي سندويشة فلافل ينتظر من يذهب إلى طرطوس فيوصيه عليها كنّا نتابع سنوياً مسرحية على الأقل في باحة المدرسة من خلال المسرح الشبيبي أو مسرح الطلائع، أما وقد أصبح لدينا العديد من مطاعم الفلافل والشاورما والوجبات الجاهزة فلم نعد نتابع أي فعل ثقافي حقيقي حتى ما هو مفروض على المراكز الثقافية من أنشطة تُنجَز معظم الأحيان رفع عتب ولا يسمع بها أحد مع بعض الاستثناءات القليلة جداً في بعض المراكز الثقافية النشطة في المحافظة..‏

وعندما لم يكن في ضيعتنا إلا «باصان» فقط، لم يكن يعاني أحد من أزمة نقل بين ضيعتنا وطرطوس، أما وقد صار لدينا عشرات الميكروباصات فسعيد الحظّ هو من يجد مقعداً في ميكرو باص يذهب ويأتي من خلاله لعمله الوظيفي أو لحاجة في مركز المدينة، وأصبح الواصل من محافظة أخرى إلى طرطوس بعد الساعة الرابعة عصراً أمام خيارين لا ثالث لهما وهما إما أن يذهب إلى قريته بسيارة أجرة أو يتفق مع غيره من المتواجدين في مركز الانطلاق من قرى متجاورة على «تطبيق» ميكرو باص موجود صدفة من أجل نقلهم بسعر مضاعف إلى قراهم!‏

كان بعضنا يحضر مجلس أولياء التلاميذ على «الواقف» بسبب كثرة الحضور وآخر مجلس أولياء حضرته كان عدد الحضور /4/ فقط من أولياء الأمور وحوالي نصف الكادر التدريسي!‏

لا نستطيع على وجه الدقة أن نحصي كل التغيرات التي طرأت على حياتنا لا من باب التباكي على ما أصبح ذكرى وإنما إحساس بسلبية الكثير مما وصلنا إليه، وإشارة إلى تخلّي الكثير من المنظمات والجهات عن أدوارها..‏

قد يقول قائل: هل الوقت مناسب لنصنع مسرحية أو لنضيّع وقتنا في حضور مجلس أولياء، وهل ننسى أن البلد في أزمة ومن الطبيعي أن ترافقها أزمة في النقل وفي الدخل وغير ذلك، ولا يرفض أي عاقل مثل هذه الملاحظات ولكن أليس بإمكاننا أن نستنتج أن المراجعة مطلوبة لأي شيء وأن هذه المراجعة لا تحضر نهائياً وبالتالي نتخلّى عن مسؤولياتنا بكل سهولة ولا مبالاة وهذا التخلّي ينعكس سلباً على جيل سيكون مطالباً بإعادة ألق سورية؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية