|
مجتمع مجرياً مقارنة ما بين هذه الأيام والأيام الغابرة ، فطفل اليوم بات يكبر قبل أوانه وغالباً ما نسمع أحدهم يقول عن ابنه :(إنه أكبر من عمره) ومرد ذلك إلى أنه يقيس تصرفات الطفل على مقاس تصرفاته هو عندما كان في مثل عمره متناسياً أن العالم يتغير ويتطور لا بل الألعاب بحد ذاتها تغيرت وتبدلت وأصبحت تعتمد أكثر فأكثر على التركيز والبحث والتفكير وشحذ الطاقة الذهنية ، فطفل اليوم يفاجئ والديه أنه يعرف كيف يتعامل مع التكنولوجيا حتى أفضل منهما ويسعى للاكتشاف والبحث المستمرين ويتعامل مع التكنولوجيا بأطيافها المتنوعة بشغف (ألعاب الأتاري والكمبيوتر وأجهزة الخليوي ..) . إلا أنه مما لا شك فيه أن لكل ظاهرة وجهين أحدهما سلبي والآخر إيجابي ، فأي الوجهين هو الغالب على نمط تعامل أطفالنا مع التكنولوجيا ؟ وإن حددنا الحديث ليكون حول كيفية تعامل الأطفال مع الكمبيوتر ، فأي فائدة يقدم ؟ وهل بات وسيلة ضرورية لتنمية المهارات والمدارك العقلية لديهم ؟ أم تراه تحول إلى سلاح سيفتك بكل المفاهيم والقيم التي نسعى لتوريثها إلى الأجيال القادمة ؟. بين السلب والإيجاب : ربما يعتبر انطلاق المدارس مناسبة لإثارة مجموعة من التساؤلات .. فهل ينظم الأهل وقت لعب أولادهم ؟ لا بل هل يطلعون على طبيعة لعبهم ؟ هل يتعاطون مع الأمر من باب أن اللعب ينمي الفكر أم إنه أمر واقع يفرضه أبناؤهم عليهم وليس أمامهم سوى القبول بالأمر الواقع ؟ ما هي نوعية الألعاب التي يتم الترويج لها في السوق ؟ وما مدى تأثيرها على أطفالنا ؟ وهل هي ألعاب بريئة في مجملها ؟!!. أليس عدد كبير منها يسوّق للعنف ؟ لا بل أليس عدد منها يحوي مفاهيم غاية في الخطورة يتم الترويج لها عن قصد أو عن غير قصد ؟ وهل ننتبه إلى ما تحمله هذه الألعاب من أفكار قد لا تتوافق مع معتقداتنا وعاداتنا وقضايانا فتتسرب لفكر أطفالنا لدرجة قد نعجز أمامها من إقناعهم بأفكار أخرى ؟.. ضمن هذا الإطار يؤكد صاحب أحد محلات الكمبيوتر أن أغلبية الألعاب المطلوبة هي الألعاب الحربية وتأتي في المرتبة الثانية ألعاب كرة القدم ولعبة سباق سيارات ، أما الألعاب التعليمية فانتشارها قليل ، بينما الموسوعات التي تتوافق مع مستوى الأطفال فهي مطلوبة على نطاق محدود . وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هناك ألعاباً تطرح في السوق العالمية تقف وراءها شركات تدفع ملايين الدولارات لإنجازها وفيها يتم طرح الكثير من الأفكار ، ومنها على سبيل المثال إن اشتريت لعبة عنف تجدها تشجع على القوة وأن البطل يحمل السلاح ويقتل من أمامه ويحل مشكلاته بالقوة وعليه أن يسيطر على من يصرخ بالعربية أو على من يصرخون بلغات أخرى !.. وكلها مفاهيم خطيرة يتم بثها عبر اللعب ، أما العنف المتضمن فيها فقد يؤدي إلى إفراز شخصيات طفولية عدوانية متلبدة المشاعر تعشق الرعب ومناظر الدماء . وكما أن هناك مآخذ ورؤى سلبية تجاه الألعاب فهناك منحى إيجابي لها يعزز المهارات الذهنية والمحاكمة العقلية لديه ، كما قد تؤدي هذه الألعاب دوراً في تنمية روح الجماعة والتعاون لدى الأطفال والفتية وتقوي الروابط الشبابية خاصة في الألعاب المصمم على هذا الأساس وإضافة إلى عامل التسلية والترفيه . ومما لا شك فيه اليوم أن ألعاب الكمبيوتر لا يمكن منعها وتجاهلها لذلك ينبغي أن ينصب الجهد على تنظيمها والاستفادة من ايجابياتها . سيف ذو حدين : عادة يتسم الطفل بحب المعرفة والاكتشاف والسعي لتكوين اتجاهات معرفية وأخلاقية يكون فيها كل ممنوع مرغوب ، واليوم بات الأنترنت مصدراً هاماً لمعلومات يتلقاها الطفل بطريقة مشوهة ويتوجه إليها برغبة كبيرة ، حيث يلج خلال (النت) عوالم خفية باحثاً عن كل جديد وغريب ، فالكثير من المواقع متوفرة ، الدردشة عبر الانترنت والمواقع الإباحية متاحة شأنها شأن المواقع المعرفية والعلمية وما على الجالس أمام الشاشة إلا أن يختار ما يريد .. ولكن : ما الذي يريده أطفالنا وأية مواقع يختارون ؟ وهل نحن كآباء وأهالٍ نراقب ونوجه بشكل صحيح ؟.. هو دور قد يغفل عنه الكثير من الأهل في زحمة العمل والحياة فيغضون الطرف حتى يكتشفوا أنه بات هناك غريب يشاركهم في تربية ابنهم ، والمصيبة أن الكمبيوتر هو هذا الغريب المتطفل الذي سبق وسمحنا له في دخول حياتنا دون ضوابط أو قواعد تنظم آلية تعاطي أولادنا معه . التوظيف الأمثل : مما لا شك فيه أن للكمبيوتر الكثير من الفوائد التي يمكن توظيفها بشكل صحيح في حياة أطفالنا فهو يلعب دوراً كبيراً في تنمية التفكير الابتكاري لديهم وتنمية شخصيتهم والكشف عن مواهبهم الإبداعية ، ولكن لجني القدر الأمثل من الفائدة ينبغي استخدام برامج تربوية منتقاة ومدروسة بعناية ، وبمعنى آخر لا بد من تنظيم هذه العملية لتفادي مساوئها وتعزيز إيجابياتها ، عبر ضبط الآلية بشكل سليم لا يسيء لمتلقي هذه الخدمة ولكن يجنب الكثير من الحوادث التي قد ترتكب . فالألعاب ليست ضارة بالمجمل لذلك ينبغي أن تتم عملية انتقاء صحيحة لها فهي ستؤدي دوراً بشكل أو بآخر في عملية التنشئة لأن اللعب أساساً واحد من أبرز وسائل تفتح مدارك الطفل . |
|