|
شؤون سياسية ورحل المستوطنون الصهاينة ليشمخ بكبرياء الجرح الصامدون ينشرون الوعد للعيون الدامعة والفرحة لجيل من أطفال فلسطين شاخ في ريعان صباه.. انحسر هذا المد السرطاني الاستيطاني عن أرض (غزة هاشم العربية) وأصبحت منازل المستوطنين أثراً بعد عين رغم أن الاحتلال الاستيطاني بدل ثوبه عبر الحصار وسياسات العدوان والإرهاب والاغتيال. كتاب (الاستيطان الإسرائيلي) لمؤلفه الدكتور جوني منصور يتحدث بالتفاصيل عن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي العربية وحتمية زواله ويتوزع الكتاب على مقدمة وخاتمة وعدة فصول عبر 209 صفحات من القطع الكبير وهو صادر عن مؤسسة الأسوار في (عكا). يبدأ المؤلف كتابه بالقول إن رحيل المستوطنين العنصريين عن كل مستوطنات غزة وعن أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية جاء ليؤكد أن الاحتلال زائل بشكل حتمي وكذلك الاستيطان الكولونيالي وأن شمس الحرية والسلام آتية ولو بعد حين. ويستطرد المؤلف قائلاً إن هذه المستوطنات وصمة عار مشين على جبين حكام إسرائيل, ولعل في تفكيكها ودكها تجسيداً لانتصار إرادة الحياة بعد كفاح بطولي خاضه الشعب الفلسطيني دفاعاً عن عروبة الأرض التي رواها رتل الشهداء الأبرار دماً طهوراً ونضالاً جسوراً فداء واستشهاداً ونصراً مبيناً. وفي تفاصيل هذا الموضوع يرى المؤلف أن الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي يختلف في كثير من مركباته عن بقية أنواع الاستعمار في العالم لكونه اعتمد ولا يزال على عقيدة دينية وفكرية وسياسية رغم أنه يتشابه في مركبات أخرى بطبيعة الحال مع أشكال الاستعمار الأخرى. فمن المركبات المتشابهة اللجوء إلى استعمال القوة من أجل السيطرة على الأراضي وترحيل السكان المقيمين عليها ومصادرتها من أجل إقامة المستوطنات فوقها وإحضار مستوطنين للعيش فيها وسط إجراءات أمنية وعسكرية مشددة, والعمل يومياً من أجل التضييق على السكان المحليين والحيلولة دون تنظيم وتسيير حياتهم اليومية بصورة اعتيادية واستخدام طرق الترهيب والتعذيب والقمع والقتل والمراقبة والحكم القضائي السريع لأقل مخالفة أمنية أو حتى مدنية, إضافة إلى عدم اهتمام الاستعمار الإسرائيلي بتطوير حياة السكان الفلسطينيين أو بناء بنية تحتية لهم. وفي ثنايا صفحاته يقول المؤلف إن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة مبني على فكر عقائدي (ديني - سياسي) متطرف للغاية, فالاعتقاد لدى الصهاينة أن الاستيطان هو مرحلة أخرى في تحقيق إرادة الله بتحرير اليهود عبر اقتطاع مزيد من الأرضي التي (منحها لهم الرب كوعد لشعبه المختار) وما الشعب الفلسطيني بنظر هؤلاء إلا مغتصب لهذه الأرض, وبناء على ذلك يجب بناء المستوطنات على هذه الأراضي وطرد الغرباء (الفلسطينيين) منها!. ويؤكد الدكتور منصور أن هذا الفكر المتطرف التقى مع الرؤية السياسية لحكومات إسرائيل المتعاقبة بضرورة تنفيذ حركة استيطانية واسعة في المناطق (المحررة) وفق مفهومها لحماية الأمن المزعوم للكيان الإسرائيلي وحماية المستوطنين الجدد. وباتجاه آخر يرى المؤلف أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية اعتبرت عبر السنين أن أفضل طريق لتثبيت المستوطنات هو القيام باستمرار بمصادرة أراضي الفلسطينيين وتنفيذ عمليتي افقارهم وربطهم بالاقتصاد الإسرائيلي وتحويل الأيدي العاملة الفلسطينية إلى خادمة طيعة للمجتمع الصهيوني الاقتصادي والاجتماعي, ورغم شدة وقسوة هذه الطرق والأساليب الإرهابية فإن الشعب الفلسطيني عرف كيف يواجه آلة الاحتلال والاستيطان من خلال مقاومة هدفها وأدواتها الاستعمارية. وبعد أن يغوص الباحث في تفاصيل الجانب التاريخي والتطوري للحركة الاستيطانية الصهيونية في فلسطين المحتلة فإنه يبحث في جوانب أخرى لهذه الحركة في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ومن بينها ما له علاقة بالمستوطنين وطرق حياتهم وبماذا يفكرون عن الفلسطينيين وتكلفة الاستيطان والنشاط التعليمي والاجتماعي داخل المستوطنات وتسخير جيش الاحتلال لخدمتهم, واعتمد المؤلف على وثائق كثيرة ومراجع عديدة متخصصة بالاستيطان ليدعم رؤيته بشكل علمي فكان الكتاب مساهمة جادة في نقل صورة حقيقية عما يجري داخل فلسطين المحتلة ولبنة فعالة في جدار مكتبتنا العربية. |
|