تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


(شرق أوسط) جديد.. لكنه مقاوم!

شؤون سياسية
الاحد 14/1/2007
بقلم: نعيم قداح

توجهت أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان, أنظار الباحثين الروس إلى المنطقة, وذهب كثير منهم إلى ميدان القتل

للبحث في تداعياته الإقليمية والدولية في محاولة لتحليل الأسباب التي أدت إلى العدوان الإسرائيلي على لبنان وأشار فيتالي تومكين رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية بروسيا إلى أن العنوان جاء نتيجة لعدم تسوية باقي نزاعات (الشرق الأوسط), فلا يمكن فصل المقاومة اللبنانية عما يحدث يوميا بين الصهاينة والفلسطينيين, أو عن الأزمة الأشمل المتعلقة بالصراع العربي- الإسرائيلي.‏

وأكد أن الأوضاع قد تتفاقم في أي لحظة طالما ظلت إسرائيل متمسكة باحتلال الأراضي العربية, جاء ذلك في بحث على طاولة مستديرة نوقشت فيها النيات العدوانية التي راودت الوزيرة الأميركية رايس عن مخاض جديد لولادة الشرق الأوسط في المخطط الأميركي الصهيوني الذي حطمه صمود المقاومة.‏

وأشار الباحثون إلى أن الأزمة الأخيرة يمكن ربطها بمحاربة المقاومة الإسلامية في العالم, فهدف إسرائيل المدعومة تماما من الولايات المتحدة, كان الإطاحة بالقادة ذوي النهج المقاوم في المنطقة وتحديدا في مناطق السلطة الفلسطينية (حماس) وفي جنوب لبنان (حزب الله), وعلى الرغم من فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها حتى الآن فإن تومكين يرى أن المحاولة قد تتكرر.‏

أما الجنرال جاريف رئيس أكاديمية العلوم العسكرية الروسية فيرى أن الأهداف الإسرائيلية كانت أبعد بكثير من حزب الله حيث يعتقد أن تحرك إسرائيل ضد لبنان وحزب الله لم يكن سوى وسيلة لاستدراج كل من سورية وإيران إلى حرب أوسع نطاقا تشارك فيها الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل بهدف ضرب المنشآت النووية الإيرانية, ويؤكد جارييف أن منع تطبيق ذلك المسار المدمر حتى الآن هو النصر الحقيقي الذي حققه صمود حزب الله واعتراف المجتمع الدولي بذلك في القرار ,1701 ويؤكد الجنرال الروسي عدم تقبله لحجة تدمير إسرائيل للبنان بهدف استرداد أسيرين, فالقبول بهذا المنطق معناه أن تقوم روسيا التي فقدت أربعا من دبلوماسييها في العراق بضرب الجسور وآبار النفط في العراق أو أن تقوم بضرب لندن التي منحت الحماية لأحد قادة الشيشان المناوئين لموسكو, ويعتقد ماركوف مدير معهد الدراسات السياسية أن أطراف النزاع الأخير تميل إلى (الهدنة) فقط وليس إلى السلام في ظل فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها, ذلك أن الصهيونية وأميركا ليس لديهما مشروع السلام في المنطقة.‏

ولقد أظهرت التقارير المتسربة والتداعيات عن حرب تموز 2006 في لبنان أن أميركا ليست راضية عن أداء (إسرائيل) كقوة إقليمية لا مثيل لها في المنطقة, وقد أشار قسطنطين كوزاشيف رئيس لجنة الشؤون الدولية بالدوما (البرلمان الروسي) إلى أن الهجمات الإسرائيلية على لبنان فشلت في إيجاد حلول للهاجس الأمني الذي تشعر به الدولة الصهيونية, بل أدت إلى تدعيم موقف حزب الله, وزادت من شعبيته في المنطقة, ويرى الكسندر برهانوف كبير محرري صحيفة (زافترا الروسية) أن تفاعلا متسلسلا عقب استئناف محتمل للصراع يمكن أن يؤدي إلى نشوب حرب عالمية ذات نتائج مدمرة, فإيران دولة إقليمية قوية ذات موقع استراتيجي واقتصاد متين وعلوم متقدمة وليست فريسة سهلة للمطامع الأميركية والإسرائيلية.‏

وأشارت ميريام بيلينكايا المعلقة السياسية بوكالة الأنباء الروسية إلى أن حرب لبنان أوجدت (شرقا أوسطا جديدا) وغيرت من ميزات القوة بالمنطقة, مؤكدة أنه لم يعد على العرب الاعتراف بإسرائيل,ولكن إسرائيل وأميركا عليهما القبول بأن حركات المقاومة الإسلامية مثل حزب الله وحماس, هي عنصر لا يمكن استبعاده من الساحة السياسية (للشرق الأوسط) وإن إهمالها يبدو أمرا لا فائدة منه, هناك خياران فقط أمام (إسرائيل) والغرب وهما إما تصفية تلك الحركات أو التعامل معها وهو الأمر الذي تراه المعلقة صعبا في الوقت الحاضر وخصوصا بعد فشل السياسة الأميركية في العراق وانتصار الديمقراطيين في الانتخابات النصفية.‏

إن فشل السياسة الأميركية الصهيونية في جنوب لبنان والآمال الخائبة التي عقدت على العدوان الأميركي الصهيوني في المنطقة قد خلق (شرقا أوسطيا جديدا) أربك إلى حد كبير سياسة أميركا في المنطقة.‏

*سفير سابق‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية