|
هيرالدتريبيون التي تهدف إلى منع أسلحة الدمار الشامل من التسرب إلى بعض الدول التي قد تسيء استخدامها أو من الوصول إلى أيدي الإرهابيين, والمشكلة تكمن في أنه قد يطلب منها مساعدة الولايات المتحدة الأميركية ومساندتها عن طريق منع الطائرات والبوارج البحرية المشتبه بها من التوجه من وإلى كوريا الشمالية, والخطورة تكمن في أن المشاركة في تلبية طلب كهذا سوف تثير حنق الصين وغضب كوريا الشمالية, وسوف تكون بمثابة ناقوس خطر يدق في أرجاء جنوب كوريا ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك إذ يقولون إن من شأن عمل كهذا أن يسهم في تقويض جهاز الأمم المتحدة. لكن الإحجام عن تلبية المطالب الأميركية سوف يغضب الولايات المتحدة الأميركية حتماً وسوف يؤدي إلى إحداث شرخ كبير قد يضر بالتحالف الأميركي-الياباني. لقد ابتدع الرئيس بوش هذه المبادرة في عام 2003 وأحد أهم أهدافها منع انتشار الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية من وصولها إلى الدول المهتمة بهكذا نوع من الأسلحة إذ تدعي الولايات المتحدة الأميركية أن شمال كوريا قد زودت ليبيا بمادة اليورانيوم, وأوضحت الولايات المتحدة الأميركية أنه في حال لم تتخل كوريا الشمالية عن برامجها النووية كما اتفقت عليه الأطراف الستة خلال مباحثاتها الأخيرة قد تتمكن من زيادة أو مضاعفة عملية التصدي لمشروع منع الطائرات والسفن المشتبه بها من وإلى كوريا الشمالية. وقد صرحت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس أن الولايات المتحدة الأميركية وشركاءها في المعاهدة قد تمكنوا لتوهم من القيام بعمليتين ناجحتين إحداهما إحباط عملية وصول مادة WMD إلى كوريا الشمالية والثانية هي إحباط عملية وصول بعض المواد التي تستخدم في صنع القذائف البالستية إلى إيران, لكن وبالرغم من تصريحها هذا فضلت عدم الخوض في التفاصيل ما جعل التصريح بعيداً كل البعد عن الشفافية. لقد صادقت حوالى 20 دولة ونيف منها: الفلبين - سنغافورة وروسيا بشكل علني على المعاهدة الأساسية وقد حدد أي وقت سيبدأ العمل بها, وقد عقد أكثر من 20 اجتماعاً حول العالم منها الاجتماع الذي عقد في اليابان أواخر شهر تشرين الأول من عام ,2004 إلا أن المعاهدة قد تعرضت للكثير من الانتقادات اللاذعة لانتهاكها حرمة القانون الدولي ولأنها تعمل خارج نطاق الأمم المتحدة ولإمكانياتها المحدودة, وأخيراً لافتقارها للمحاسبة والمساءلة الشعبية أو العامة, إذ إن العديد من الدول الأساسية والمهمة مثل الصين - الهند - شمال كوريا - لم تشارك الولايات المتحدة الأميركية مشاركة فعلية رغم إلحاح أميركا على القيام بذلك , ويبدو أن بعض الدول التي وافقت على المعاهدة مثل روسيا واليابان هي عبارة عن شركاء ممانعين إلى حد ما وبمعنى آخر ليس لديهم نية أو رغبة حقيقية في تنفيذ بنود المعاهدة ويبدو أن اليابان تتجنب إعطاء جواب قاطع حول مشاركتها الفعلية والكاملة لأنها غير راغبة بإثارة حفيظة كوريا الشمالية وتحريضها أولاً وبسبب الحساسيات المحلية والأجنبية ثانياً. لقد كثر الجدل حول تلك المعاهدة حتى تم التوصل إلى أنها لا تستهدف كوريا الشمالية على وجه الخصوص وأنها ستدان إذا ما تعهدت في القيام بأي حظر جوي أو بحري لأي دولة. ووفقاً للقانون الدولي لا يمكن للبوارج البحرية العبور دون أن تسمح لها الدولة المضيفة بالعبور باستثناء بعض الحالات الخاصة جداً وعلاوة على ذلك لا تعتبر الدول التي لم تشارك في التوقيع على معاهدة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل طرفاً فيها, أو الدول التي تقوم بشحن مكونات WMD أو المواد التي تدخل في تكوين القذائف لبعضها البعض وعلى متن بوارجها البحرية دولاً خارجة على القانون الدولي, وفي محاولة للهروب من الوضع الراهن دق مجلس النواب الياباني أجراس الخطر سامحاً لقوات الدفاع البحري منع بعض السفن التي يشتبه بأنها قد تهدد أمن الدولة من الاقتراب من سواحلها كما يسمح لتلك القوات بالبحث عن مكونات مادة WMD وتدميرها إن وجدت بشرط أن لا تطبق هذه الأحكام إلا إذا تعرضت اليابان لهجوم ما. وعلى الرغم من ذلك فإن الصين لم تتوان عن انتقاد هذا التشريع الجديد واعتباره نقطة تحول مهمة في الاستراتيجية العسكرية اليابانية لأنها تنقل اليابان من حالة المدافع إلى وضعية المهاجم. لقد أجلت طوكيو مبدئياً استضافتها لاجتماع الدول التي وافقت على التوقيع على المعاهدة والذي قرر عقده قي تشرين الأول من عام 2004 لأنها لم تحصل على دعم وتأييد جيرانها الآسيويين ولخوفها من ردة فعل كوريا الشمالية, وما قد يترتب عليه الأمر من تداعيات, وعندما عقد الاجتماع في آخر الأمر كانت عرضة للسخرية والنقد عندما تولت قوات الدفاع اليابانية بالإضافة إلى بارجتين من البوارج اليابانية عملية المراقبة والإشراف. إلا أن الصين وكوريا الشمالية رفضتا إرسال مراقبين وأعلنت كوريا الشمالية بأن هذا الحدث هو تحريضي واستفزازي بحت, واليوم تم الاحتفاظ بهذه المعاهدة في تصريح أو بيان لجنة الأمن الأميركية-اليابانية المشتركة كإطار خاص للتعاون فيما بينهما وفي غضون ذلك نجد أن مشاعر الخوف والقلق تتنامى إزاء ما يمكن أن تسببه هذه المعاهدة التي نشأت خارج نطاق الأمم المتحدة من تآكل وضرر في مصداقية المنظمة الدولية إذ إن سن هكذا تحريم وعدم وجود أدلة وبراهين مقنعة من أن الحمولة تعود لمنظمات إرهابية في ظل غياب قرار مجلس الأمن رقم 1540 وفي ظل غياب قرارات الأمم المتحدة التي تسمح أو تأذن بهكذا تحريم أو باتخاذ مثل هذه القرارات هو شيء مريب حتماً ومشكوك في مصداقيته. وهو بمثابة عمل أخرق قامت به اليابان الطامحة لأن تصبح أحد أعضاء مجلس الأمن الدائمين, وبكلمة أخرى على اليابان أن تتوخى الحذر وأن تفكر ملياً في تداعيات اختيارها من أجل اتخاذ القرار المناسب والصحيح. |
|