|
حديث الناس وقد جاء كلام عبيد, على خلفية رأي الباحث الاقتصادي الدكتور أسامة الأنصاري, وهو أحد أعضاء المجلس الاستشاري للوزارة, حيث أوضح أن هناك ضرورة لمواجهة أسباب الفساد, وأن المشكلة الأساسية تكمن في هياكل الرواتب والأجور, وفي انعدام المحاسبة, على مدى طويل من الزمن. لا نعرف - حقيقة - ما الذي يعنيه السيد الوزير بأن انخفاض الرواتب ليس مبرراً للفساد?.. ولاسيما أن انخفاض الرواتب والأجور أصلاً, بما لا يتناسب مع الأسعار, هو أحد منعكسات الفساد في بلد كبلدنا يمتلك ثروات باطنية وزراعية كبيرة, ويمتاز باقتصاد قوي, ما يعني أن انخفاض الرواتب, وانخفاض مستوى المعيشة عموماً يشير إلى سوء في توزيع تلك الثروة ما يشير بدوره إلى وجود فساد ما نعنيه هو مفهوم الفساد الحكومي عموماً, الناجم عن سوء توزيع الثروة, حيث يستأثر الأقلاء فيها, فيما يتم حجب الأكثرية عن منافعها, وقد بدأت هذه الحكومة الحالية تتلمس ذلك, وتتحدث عما سمته إعادة توزيع الثروة. فلعل السيد وزير النقل أراد أن يقول إن أسباب الفساد, هي أبعد بكثير من انخفاض الرواتب والأجور, وإن مبرر وجود الفساد, يكمن في السبب الرئيسي الذي أدى إلى انخفاض الرواتب, والمتمثل في سوء توزيع الثروة. وهذا موقف جيد قد نفهمه بأن السيد وزير النقل سوف يبدأ بخطوات عملية في إطار توزيع عادل للثروة الناجمة عن النقل. أما إن كان المقصود بالعبارة, أن انخفاض الرواتب والأجور لا تمنح الفاسد عذراً شرعياً أو قانونياً للفساد, فهذا صحيح أيضاً, لأن الفساد لا عذر له إطلاقاً, وإن كان ثمة عذر قانوني له, أو تشريعي, لما كان اسمه فساداً, كان يسمى عملاً, أو نشاطاً. غير أن ما نخشاه, هو أن يكون السيد وزير النقل يعتقد بأن انخفاض الرواتب والأجور, لا يجوز أن يكون محرضاً للفاسدين كي يفسدوا, وبالتالي لا داعي للتفكير بإصلاح الرواتب والأجور, وإعادة هيكلتها, ولاسيما أن هناك - حسب المهندس عبيد - موارد كثيرة شريفة يمكن أن تكون مصدر رزق, وغير (الله) لا يعرف ما هذه الموارد الكثيرة والشريفة التي نتوه عنها جميعاً. فانخفاض الرواتب والأجور تحرض الفاسدين وغير الفاسدين على الفساد, ولابد من إصلاح هيكلية هذه الرواتب والأجور الحالية, التي لا يمكن إصلاحها إلا بتوزيع عادل للثروة, ولا يمكن القيام بالتوزيع العادل للثروة إلا بإعادة النظر في طريقة التعاطي مع هذه الثروة, ومن غير السهل إعادة النظر في هذه الطريقة إن لم نغيّر ما بأنفسنا, ونكف عن التخيل بأن مجرد الكلام كافٍ..! |
|