تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أثقال السوق المتدحرجة

على الملأ
الاثنين 29-12-2014
علي محمود جديد

على الرغم من الترويج الكبير الذي تحظى به فلسفة (آلية السوق) وأن هذه الآليّة كفيلة بتنظيم الأسواق وتأمين وصول المنتجات والسلع للمستهلكين بأفضل المواصفات وأرخص الأسعار بفعل المنافسة الشريفة التي ستفعل فعلها ويكون المستهلك هو سيّد الموقف، وسيد السوق،

لأنَّ أي مستهلك يشعر بالغبن أو يلاحظ أي ملاحظة على السلعة المستهدفة، فليس بالضرورة تحت مظلة (آلية السوق) أن يتجه إلى مراقب التموين، أو حتى أن يضطر للاتصال على الرقم ( 119 ) والذي قد يرد مرة، وعشرين مرة قد لا يرد، وإنما تحت كنف تلك المظلة صار بإمكانه وبكل بساطة أن يترك بائع هذه السلعة ويتوجه إلى بائع آخر للسلعة نفسها ينافسه، ليجد أنه قادر بمجرد تغيير الاختيار على كسر السعر بالشكل الذي يرضيه، وهذا كله بفعل أفضال المنافسة التي ستكون أقوى من أي رقابة تموينية وسوف تتمكّن من تحييد المراقبين التموينيين عن الأسواق بشكل تلقائي لأن مساعيهم نحو ضبط الأسواق لم يعد لها داعٍ ولا فائدة بعد أن تمكّنت تلك المنافسة المزعومة من ضبط الأسواق ولجمها..!‏

هذه الأكذوبة مرّت علينا في غفلةٍ من الزمان وصدّقناها، فألغينا التسعير الإداري أملاً في أن تقوم المنافسة بشدّ لجام السوق، غير أن هذا اللجام قد انقطع، وتدحرجت الأسعار بأثقالها فوق رؤوس المستهلكين، ولا تزال تتدحرج وكأنَّ أحداً لم يعد قادراً على ضبطها وكبح جماحها، وهذا كله مع تراجع في المواصفات، وازديادٍ في حالات الغش والتدليس.‏

نعتقد أنه لم يعد هناك أي داعٍ للخجل ولا حتى للتردد - بعد أن حصل ماحصل دون وازعٍ من ضمير - بأن نعود إلى اعتماد فلسفة التسعير الإداري ولكل المواد، بعد أن جرّبنا وشبعنا من (آلية السوق) التي فشلت عندنا بامتياز، ومن أوّلها نقول بأنَّ التسعير الإداري وحده لن يفيد أيضاً، إذ لا بدّ وأن يترافق مع إعادة هيكلةٍ كاملة لجهاز الرقابة التموينية الذي أبدى عجزاً بارعاً في عدم قدرته على التأثير في الأسواق، لدرجة أنه تحوّل - في أغلبه - إلى نقيض أهدافه، فصار جزءاً من الأزمة والمشكلة فعلاً، ولم يعد جزءاً من الحل، فحجم التواطؤ الذي تتحدّث عنه عامة الناس عن عناصر الرقابة التموينية بات مُخجلاً، ولم يعد مقبولاً ولا محتملاً، لا من جهة المستهلكين، ولا حتى من جهة التجار، وأمام مثل هذا المشهد المؤسف لا نجد ما يبرر الإبقاء على مثل هذا الجهاز بهذه الصيغة التي صار رفضها متعدد الأطراف..!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية