|
ثقافة
لكن احدا ما لم يحرك ساكنا, بل إننا أعددنا لندوة يشارك فيها باحثون وكتاب ومفكرون, وفي اليوم الموعد والساعة المحددة التقى الجميع بثقافي أبي رمانة, وكان طلاب من قسم اللغة العربية يقيمون احتفاء بأمر ما, لم يكلف أحد منهم نفسه عناء البقاء لدقائق وحضور ندوة يقدمها أساتذة أجلاء, انفض الجميع, وكأن على رؤوسهم الطير, وبالتأكيد لم تعقد الندوة, على أمل أن يتم تدارك الامر فيما بعد, ومضى عام على الأمر, وما زلنا نحلم.. اليوم نقول: لقد أتم مجمع اللغة العربية بدمشق قرنه الأول صانعا تاريخا من العطاء والثقافة والقدرة على صون اللغة نعتز أنها لغة التنزيل, وكانت يوما ما لغة العولمة, يوم ازدهت الدولة العربية, وكانت حدودها الارض كافة, وكانت الثقافة والتجارة, والمصطلحات كلها عربية, لأن العرب كانوا سادة العالم, ويطيب لي أن أقول: إنها كانت اول عولمة إنسانية نبيلة, لم تضق الامبراطورية العربية بأحد، انصهر الجميع ببوتقة الفكر والعطاء, وظللتهم راية التسامح, ويمكن الحديث عن ذلك بإسهاب, لكنه ليس مجالنا اليوم.. ويختزل بالقول: عندما تزدهي الحياة وتتطور العلوم والثقافات تسمو اللغة وتنضج وتتجدد, وحين نموت فكرا وثقافة وحضارة تموت معنا, لا تنفعها وصفات العالم كله. بكل الأحوال, مجمع اللغة العربية, أبو المجامع اللغوية كلها في الوطن العربي, ولا يمكن لأحد أن يتجاهل الدور المهم والكبير الذي مارسه المجمع ومؤسساته في الحفاظ على لغتنا بهية,نقية, شفافة, أنجز وأعطى, وخلال فترة وجيزة ظهرت علائم هذا كله, ومن مجمع اللغة العربية بدمشق مازالت تصدر أعرق المجلات التي تعنى باللغة العربية وشؤونها, صحيح أنها تغرب أحيانا خارج الحال, كما المجمع لكنها الثروة اللغوية التي تشكل رافدا ثرا للثقافة العربية, بكل الأحوال: كون مجمع اللغة العربية بدمشق صامتا حول هذه المناسبة (مرور قرن) لا ندري ما السبب, طبعا كما صمت حول مئوية التعريب, لابأس أن نذكر ببعض المحطات بتاريخ المجمع, ومن موقعه الالكتروني الذي لم تحدث معطياته من عام. محطات في تاريخ المجمع جاء في موقع المجمع الالكتروني: كان المجمع العلمي العربي يعرف لأول أمره بالشعبة الأولى للترجمة والتأليف، التي أسست على إثر تأليف الحكومة العربية في أواخر خريف سنة 1918م، ثم جعلت هذه الشعبة ديوان المعارف وعين الأستاذ محمد كرد علي رئيساً لها في 12 شباط 1919م موكولاً إليها النظر في أمور المعارف والتأليف، وتأسيس دار آثار، والعناية بالمكتبات ولاسيما دار الكتب الظاهرية. ثم انقلب هذا الديوان بأعضائه الثمانية (أمين سويد، أنيس سلوم، سعيد الكرمي، عبد القادر المغربي، عيسى إسكندر معلوف، متري قندلفت، عز الدين آل علم الدين، الشيخ طاهر الجزائري) ورئيسه إلى مجمع علمي في 8 حزيران 1919م، وأخذ على نفسه النظر في إصلاح اللغة، ووضْع ألفاظ للمستحدثات العصرية، وتنقيح الكتب، وإحياء المهم مما خلفه الأسلاف منها، والتنشيط على التأليف والتعريب, كان المجمع أولاً يعقد جلساته في إحدى الغرف العلوية من دار الحكومة, ثم بعد إصلاح قسم من مبنى المدرسة العادلية، نقل إدارته إليها وعقد أول جلساته فيها في /30/ تموز سنة 1919م، و/3/ ذي القعدة سنة 1337هـ, واشترى المجمع كتباً ومكتبات برمتها تحتوي أنفس المخطوطات وأندرها وأبعدها زمناً, واجتلب كتباً في اللغات الفرنسية والإنكليزية والألمانية حتى بلغ مجموع ما جمعه من الكتب زهاء /3000/ كتاب.. تعطل المجمع بعد أن عقد من جلساته (75) جلسة فقط: أولها في /30/ تموز سنة 1919م، وآخرها في /29/ تشرين الثاني سنة 1919م أي مدة أربعة أشهر, وبقي من ذلك الحين متوقفاً عن العمل على رجاء أن يعود إلى سابق تأليفه من أعضائه الأولين أو معظمهم كي يتساندوا جميعا على خدمته وتوفير المساعي في استكمال أعماله. تجديد بتاريخ /11/ أيلول سنة 2008م صدر المرسوم التشريعي /50/ الذي أنهى العمل بالقانون /38/, بعد أن أدخل عليه إضافات وتعديلات مهمة, وتنص المادة /7/ من هذا المرسوم على أنه يشترط في عضو المجمع أن يتحلى بصفة أو أكثر من الصفات التالية: الاطلاع الواسع والعميق على علوم اللغة العربية وآدابها، والأصالة في البحوث اللغوية والأدبية, الإنتاج اللغوي أو الأدبي أو العلمي الرفيع في مجال اللغة العربية, التخصص في أحد ميادين المعرفة، مع إتقان لغة أو أكثر من اللغات الأجنبية الحديثة أو القديمة والتمكن من قواعد اللغة العربية, الاهتمام البالغ بالتراث والمخطوطات العربية مع دراية تامة بعلوم اللغة العربية, التخصص في تاريخ الأمة العربية أو آثارها أو تراثها اللغوي أو العلمي أو الأدبي، مع التمكن من قواعد اللغة العربية, وفي جميع الأحوال ينبغي أن يكون العضو المنتخب ذا سيرة علمية وأخلاقية حميدة، وأن يكون قادراً على ممارسة مهامه. أغراض المجمع كما جاء في قانون المجمع ذي الرقم /50/ الصادر بتاريخ /14/ أيلول سنة 2001م: المحافظة على سلامة اللغة العربية وجعلها وافيةً بمطالب الآداب والعلوم والفنون وملائمةً لحاجات الحياة المتطورة, وضع المصطلحات العلمية والفنية والأدبية والحضارية ودراستها وفق منهجية محددة والسعي في توحيدها ونشرها في سورية والوطن العربي, العناية بالدراسات العربية التي تتناول تاريخ الأمة العربية وحضارتها وصلتها بالحضارات الأخرى, العناية بإحياء تراث العرب في العلوم والفنون والآداب تحقيقاً ونشراً, النظر في أصول اللغة العربية وضبط أقيستها وابتكار أساليب ميسرة لتعليم نحوها وصرفها وتوحيد طرائق إملائها وكتابتها والسعي في كل ما من شأنه خدمة اللغة العربية وتطويرها وانتشارها, الحد من استفحال العامية في مختلف المجالات, النظر في كل ما يرد إلى المجمع من موضوعات تتصل بأغراضه. لن نذهب أكثر من ذلك, لكننا سوف نسأل عن السبات الذي يلفه الآن, أهو وضع طبيعي, أحقا لغتنا بخير, والمذبحة اللغوية التي نراها الآن لاتعنيه, في الشوارع والإعلام, العاميات التي كادت تصبح الشبكة التي جرت الكوارث علينا الشاخصات الإعلانية, وكثير منها قرب المجمع بدمشق, اسئلة كثيرة نطرحها, ونعرف أنه تقصير ليس إلا, خلاصة القول: كل عام ولغتنا وثقافتنا ومجمعنا بخير وعلى أمل الاستيقاظ ولو متأخرين ولكن قبل فوات الأوان, إذا كان ذلك ممكنا, نرجوكم. |
|