تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


توضيح حول مشروع قانون إعادة تأهيل القطاع العام الصناعي

اقتصاديات
الثلاثاء 25/3/2008
بقلم د. محمد الحسين وزير المالية

في ضوء ما تتناقله بعض وسائل الإعلام المحلية عن نوايا مبطنة لدى الفريق الاقتصادي في الحكومة بتصفية القطاع العام الصناعي وذلك عبر اضافة مواد او بنود الى مسودة قانون اعادة تأهيل القطاع العام الصناعي تؤدي في النهاية الى خصخصة هذا القطاع إزاء ذلك نود ان نبين الآتي:

1- ان مستقبل القطاع العام ومن ضمنه القطاع العام الصناعي وعدم خصخصته يعد مضمونا بقرارات سياسية كان آخرها قرار المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي المنعقد في حزيران من عام 2005 الذي أقر التمسك بالقطاع العام وخاصة الصناعي منه وإعادة تأهيله وتطويره وتمكينه من المنافسة وعلى قدم المساواة مع القطاع الخاص الصناعي.‏

إذا فليس واردا طرح مسألة تصفية او خصخصة القطاع العام الصناعي كما اننا نود التذكير بأن الفريق الاقتصادي هو جزء من الحكومة وليس جسما مستقلا عنها,اي ان القرار النهائي لمجلس الوزراء بعد موافقة القيادة السياسية بالنسبة للعديد من المسائل وخاصة ذات الأثر الاجتماعي.‏

2- ان التوجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي وفق مفهومنا له لا يلغي اهمية القطاع العام ولا يعني تراجع دوره ولا دور الدولة في الحياة الاقتصادية مطلقا...‏

3- ان ما تحدثت عنه وسائل الاعلام من ان بعض الاضافات التي أقرتها اللجنة الاقتصادية اسهمت في حرف مشروع القانون عن مساره...!! إننا نبين ان مشروع اعادة تأهيل القطاع العام الصناعي جرى مناقشته منذ سنوات عدة وقبل فترة تم تشكيل لجنة فنية لتقديم مشروع نص تشريعي اعدته مشكورة ورفعته الى رئاسة مجلس الوزراء واللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء (وهي لجنة وزارية) تمتلك رؤية ورأي في مسودة القانون وهي أضافت ما تراه لصالح القطاع العام الصناعي ولكي يكون للقانون المقترح مفاعيل حقيقية حين تطبيقه تسهم في تطوير حقيقي للقطاع العام الصناعي.‏

وهذا من حق اللجنة الاقتصادية ومسؤوليتها الا اذا كان المطلوب اعتماد المسودة المعدة من قبل اللجنة الفنية وبدون أي تعديل... حينها نتساءل هل أن مسؤولية دقة وفعالية هذا المشروع ستكون على عاتق اللجنة الفنية ام اللجنة الاقتصادية والحكومة...!!‏

وللعم فقط فالجميع يؤيد وبقوة مشروع القانون نظراً لأهميته القصوى.‏

4- ان اهم بند في المشروع تناوله الباحثين الذين انبروا للدفاع عن القطاع العام الصناعي هو جواز استثمار لبعض الاصول الثابتة غير المستثمرة او المتوقفة لدى القطاع العام الصناعي بما فيها بيع حق الانتفاع او الاستثمار لهذه الاصول.‏

ان هذا البند هو جوازي وليس وجوبي وان قرار الجواز متروك للمجلس الأعلى لإصلاح القطاع العام الصناعي(الذي نص عليه مشروع القانون) وهذا المجلس يرأسه رئيس مجلس الوزراء ويضم في عضويته عدداً من الوزراء ويضم ايضا رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال اي ان هذا المجلس هو من يقرر استثمار او بيع حق الانتفاع او حق الاستثمار لأي من الاصول الثابتة للقطاع العام الصناعي ولم يعطى هذا الحق للمؤسسات او الشركات الصناعية بشكل تلقائي...!!‏

ثم ان هذا البند لا يعني اطلاقا بيع الملكية لان خصخصة الملكية العامة ليست واردة على الإطلاق وليست مسموحة اصلا فالملكية العامة ستبقى للشعب عبر مؤسسات وشركات الدولة.‏

5- ان البند المذكور أعلاه تمت إضافته بالصيغة أعلاه حرفيا(لم يتضمن المشروع حق بيع الانتفاع أو الاستثمار لمدة 99 سنة كما ذكرت بعض وسائل الإعلام...!!)‏

وبالمفهوم الموضح اعلاه لسبب واحد و هو: سبب مالي بحت,فأيا كانت التقديرات المالية لإصلاح القطاع العام الصناعي(قالت أوساط وزارة الصناعة أنها تزيد عن 100 مليار ليرة سورية) فمن أين تتوفر هذه الموارد ...? هل من الخزينة العامة للدولة التي تعاني ما تعانيه من نقص حاد في الموارد غير الضريبية..? أم بالاقتراض سواء الداخلي أو الخارجي وما يعنيه ذلك من رهن لهذا القطاع مقابل هذه القروض...?‏

ام ان المطلوب قانون جديد لا تتوفر له موارد وبالتالي يبقى حبرا على ورق...‏

إننا نشير الى ان الموازنة العامة للدولة ستخصص اعانات سنوية حسب توفر الموارد لدعم هذا المشروع... كما ان الخزينة العامة(وزارة المالية) ستعفي المؤسسات والشركات المشمولة بأحكامه من توريد اي فوائض او حصة المالك(اي الدولة) للخزينة لمدة خمس سنوات من تاريخ نفاذ القانون بعد إصداره...‏

ان هدف ايراد البند المشار اليه هو تمكين وزارة الصناعة ومؤسساتها وشركاتها من تأمين التمويل اللازم لإصلاح مؤسساتها وشركاتها ومصانعها وخطوط إنتاجها وطرائق عملها دون ان يكون ذلك مقابل بيع او خصخصة أي من الاصول الثابتة التي تمتلكها هذه المؤسسات او الشركات فأين المشكلة في ذلك? الا اذا كان هدف البعض هو إبقاء القطاع العام الصناعي يغرق في خسائره عندها لن ينفع معه أي علاج حتى ولو كان بالصدمة...!!‏

6- نود طمأنة السادة الخائفين من إضافة البند المذكور آنفا اننا نقف معهم في نفس الخندق في الدفاع عن القطاع العام الصناعي والتمسك به والحفاظ على حقوق عماله وهذا مبدأ وقناعة لا نحيد عنها اضافة الى كونه قراراً راسخاً من قرارات المؤتمرات الحزبية والقيادة السياسية سواء القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية او القيادة القطرية وكذلك قرارات الحكومة وتوجهاتها الساعية الى ترجمة توجيهات قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد للقيادة السياسية والحكومة بالحفاظ على القطاع العام الصناعي وبذل أقصى الجهود لإعادة تأهيله وتطويره والحفاظ على حقوق عماله.‏

فكل ما في الأمر أننا في مرحلة يتم فيها وضع مشروع قانون لإصلاح القطاع العام الصناعي وهذا المشروع سيعرض بعد ذلك على القيادة السياسية لدراسته وإقراره وكذلك على مجلس الوزراء لدراسته وإقراره أي أننا أمام مسودة لم تقر بعد فليرتاح من يخاف على القطاع العام الصناعي لأننا معه ولا يمكن القول ان المشروع اقر إلا بعد اقراره من القيادة السياسية ومجلس الوزراء نظرا لأهمية هذا المشروع ومضامينه الاقتصادية والاجتماعية.‏

7- ان قيادة وحكومة سورية سبق وأصدرت قوانين عدة (تعد عملا حقيقيا وليس كلاما نظريا) هدفها دعم القطاع العام وخاصة الصناعي ومن أهمها:‏

- صدور القانون رقم 2 لعام 2005 وتضمن منح مؤسسات وشركات القطاع العام مزيدا من الاستقلال المالي والإداري وهو نافذ منذ تاريخ صدوره.‏

- صدور المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2006 المتضمن القانون المالي الأساسي الجديد للدولة والذي تضمن في بعض مواده ابقاء فوائض المؤسسات والشركات الاقتصادية الحكومية لديها بدلا من ان تحول الى وزارة المالية كما كان في السابق وهذا التشريع اصبح نافذا من 1/1/.2008‏

- كذلك تم تخفيض معدلات الضرائب والرسوم فمثلا خفض سقف ضرائب الدخل من 63% في عام 2003 الى 28% اعتبارا من 1/1/2007 وكذلك خفضت الرسوم الجمركية على مستلزمات الانتاج والمواد الأولية الى 1% فقط وهذه المزايا وغيرها يستفيد منها القطاع العام الصناعي كما يستفيد منها القطاع الخاص.‏

-في السنوات الاخيرة تم شطب عشرات المليارات من الليرات السورية كديون على مؤسسات وشركات القطاع العام تجاه صندوق الدين العام (وزارة المالية) كتسهيل على هذه المؤسسات والشركات وتخليصها من هذه الديون والالتزامات وذلك بموجب قوانين عدة صدرت لحل مسألة التشابكات المالية.‏

إن القطاع العام هو قطاعنا ونحن متمسكون به وحريصون جدا عليه ولا يدعي احد حرصا اكبر عليه فهذا القطاع هو ملك الشعب أولا واخيرا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية