|
شؤون سياسية فالحرب الذي أراد لها الرئيس الأميركي جورج بوش وجماعة المحافظين الجدد أن تكون علامة على عصر جديد تحولت إلى مستنقع ليس للأميركيين فحسب بل للعراقيين الذين أصبحوا وقود هذه الحرب الكارثية من خلال عمليات ترتكبها قوات الاحتلال. لقد دمرت حرب بوش العبثية المؤسسات الأمنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وضربت وحدته الوطنية وانتشرت الفوضى وانعدم الأمن ونكلت الشركات الأمنية الأجنبية بالمواطنين وعمت البطالة والمفاسد الأخرى حتى أصبح العراق من أكثر البلدان خطورة في العالم حسبما وصفه تقرير لمنظمة العفو الدولية الذي صدر في لندن مقر المنظمة التي تعنى بحقوق الإنسان. لقد رصدت المنظمة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في العراق والأوضاع المآساوية التي يعيشها العراقيون نتيجة الغزو الأميركي لهذا البلد فأشارت إلى أن مئات الأشخاص يقتلون كل شهر على أيدي قوات الاحتلال الأميركي والجماعات المسلحة وأن عدد المعتقلين العراقيين في السجون الأميركية يتجاوز 60 ألفاً ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب دون أن يقدموا للمحاكمة أو من دون تهمة وأن ثلاثة عراقيين من أصل أربعة محرومين من مياه الشرب ونحو ثلث السكان أي ثمانية ملايين عراقي يعتمدون على المساعدة العاجلة للعيش بالإضافة إلى أن نصف الشريحة العاملة عاطلة عن العمل بينما قالت جماعة (أوقفوا الحرب) التي نظمت مظاهرات بالذكرى الخامسة للحرب وشارك فيها نحو 40 ألف شخص أن عدد القتلى من العراقيين تخطى المليون وأصبح العراق بعد الغزو أكثر خطراً. والأدهى أنه وبعد كل هذه المعاناة التي يعيشها العراقيون فإن وزيرة الخارجية الأميركية كونداوليزا رايس وصفت ما تسببت به الاستراتيجية الأميركية من دمار للعراق ومعاناة لأهله بأنها مجرد أخطاء. علماً بأن الإدارة الأميركية قادت الحرب على العراق رغم إرادة المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة. لقد جعلت الولايات المتحدة الأميركية من عراق اليوم نموذجاً لانتهاكات حقوق الإنسان والتخلف والجوع والعطش وعدم توفر أبسط مقومات الحياة ما يشكل تقويضاً للقيم الأخلاقية واستباحة للكرامة الآدمية وتشويهاً لمفهوم العلاقات الدولية وميثاق الأمم المتحدة وبالتالي إعلاء شأن مفهوم القوة والبطش على حساب الحق والمصالح على حساب العدالة. ولوقف مسلسل المآسي والحيلولة دون استمرار إراقة الدماء وما يتهدد وحدة وسيادة الأراضي العراقية يحتاج الأمر إلى تضافر جهود أبنائه المخلصين عبر مصالحة سياسة تشمل كافة أطياف الشعب العراقي لمواجهة هذا المحتل البغيض وإصلاح الدمار النفسي والمادي والأمني تمهيداً لعودة المهجرين العراقيين للمشاركة في بناء العراق الذي هدمت بنيته الأساسية حرب بوش الكارثية. |
|