|
اقتصاديات وتصفح الكتاب يزيل لبس صدوره عن وزارة الثقافة اذ هو تعرض لنشأة وتطور مفاهيم الفكر المالي منذ الاغريق والرومان وصولا الى المجتمع العربي والاسلامي بمعنى ان الدكتور السيوفي تعاطى مع »السياسة المالية في سورية ,ادواتها ودورها الاقتصادي من منظار شمولي تاريخي ليضعها في سياقها الصحيح ففي العصر الاغريقي كانت افكار ارسطو هي الناظمة لنظرية تنظيم الدولة والملكيات الخاصة وتقسيم العمل .. الخ فيما عالج التشريع الاسلامي المواضيع المالية بنظرة واقعية لتنظيم حياة الجماعة لينتقل المؤلف الى سقوط الاقطاعية في القرون الوسطى وكيف تحولت اوروبا بعدها الى قلب نابض بالحركة الاقتصادية (الرأسمالية التجارية) لتلد لاحقا الرأسمالية الصناعية. في هذا الفصل الثاني يعرض السيوفي للنظريات والمؤلفات التي سادت في تلك الفترة لجعلها مدخلا لحديثه عن الضرائب «توماس مان - بودين - وليم بيتي - آدم -ريكاردو ...» وفي الفصل الثالث تناول المؤلف ما قبل الفكر المالي الحديث ليصل في فصله الرابع الى نشأة الفكر المالي الحديث وتطوره في الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق وتطرق في هذا الفصل ايضا الى اسس الفكرة والتنظيم المالي في الدول النامية وكيف يتوجب عليها لتحقيق التنمية اجتراع سياسات انتاجية واقعية ومنح الاستثمار اهمية واولوية على الاستهلاك. في الباب الثاني يبدأ التخصص والحديث العميق والمعمق حول مكونات الموازنة العامة للدولة ادوات السياسة المالية فالموازنة العامة للدولة هي خطة »مالية سنوية تعدها السلطة التنفيذية كمشروع يتضمن تقديرات رقمية للنفقات العامة المتوقعة وللايرادات اللازمة لتمويل النفقات العامة المقدرة«. في السبعينيات التطبيق الفعلي للقانون المالي ويصنف الدكتور سيوفي مكونات الموازنة العامة للدولة تصنيفاً تقليدياً »موازنة البنود وموازنة البرامج والاداء ونظام التخطيط والبرمجة والميزانية والموازنة في الانظمة الاشتراكية اما الموازنة العامة للدولة في سورية فقد بدأت في الفصل الثالث ليقدم المؤلف اطلالة على ثورة اذار عام 1963 والتغيرات التي احدثتها على صعيد البنية الهيكلية للاقتصاد الوطني وفي تلك الفترة انصب العمل على تحقيق توافق بين الموازنة العامة وبين الاهداف العامة للفلسفة السياسية والاقتصادية للدولة ونجم عن ذلك وجود قطاع عام واسع وبعد عام 1970 اعتمدت مبدأ التعددية الاقتصادية وطبق القانون المالي الاساسي في سورية الذي صدر عام 1967 اما اسس اعداد الموزانة العامة في سورية فتعتمد على المبادئ الاساسية للموازنة وهي : مبدأ السنوية , وحدة الموازنة, الشمولية ,عدم تخصيص الايرادات »شيوع الموازنة« . اما دورة الموازنة العامة للدولة فتعتبر عملاً فنياً اقتصادياً سياسياً وتمر هذه الدورة بالمراحل التالية: مرحلة اعداد مشروع الموازنة العامة-مرحلة اقرار الموازنة او اعتمادها ومن ثم تنفيذها من خلال قانون يصدره رئيس الجمهورية اما المرحلة الرابعة والاخيرة فهي الرقابة على تنفيذ الموازنة ومجلس الشعب يقوم بهذه المهمة من خلال لجانه البرلمانية كما ان وزارة المالية تقوم ايضا بمراقبة مدى تقيد اجهزة الدولة المختلفة بالانظمة والتعليمات المالية. الفلسفة الضريبية والنظام الضريبي في سورية ضمها الباب الثالث في سبعة فصول تحدث فيها المؤلف عن اسس النظام الضريبي وأسسه الثلاثة والنظام الضريبي والاعتبارات السياسية ومدى تأثر النظام الضريبي بالعوامل الاقتصادية ثم تطرق المؤلف إلى الضرائب في سورية متناولاً إياها من الألف إلى الياء (ضريبة ريع العقارات -ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة على سبيل المثال لا الحصر) في الفصل السابع يرصد السيوفي تاريخ »العبء« الضريبي في سورية, إذ يعود أول تقدير ضريبي لعام 1943 وفيها بلغ الدخل القومي لسورية ولبنان معاً (1,5) مليون ليرة وبلغت الاقتطاعات الضريبية للبلدين معاً (60488) ليرة سورية, ويعزو الكتاب أسباب انخفاض معدل العبء الضريبي في سورية إلى عدة عوامل أبرزها ضعف الوعي الضريبي والاعفاءات الكبيرة التي منحت سابقا للعديد من القطاعات الاقتصادية كالزراعة والصناعة والسياحة ومن الاسباب ايضا ضعف كفاءة الجهاز الفني والاداري العامل في الحقل الضريبي. دراسة تطبيقية عن موازنة 2008 ثم يوضح لنا تطور العبء الضريبي في سورية بين عامي 1981-2008 ونسبته من الناتج الاجمالي المحلي وكان للانفاق العام ودوره في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية فصله »الرابع« شارحا فيه التعريف بالنفقات العامة وتطور مفاهيمها وفلسفة النفقات العامة وتبويبها وسياسة الانفاق العام واثرها على النشاط الاقتصادي وسياسة الانفاق العام في سورية ودورها في مسيرة الاصلاح والتحديث الاقتصادي وفي هذا الفصل يقوم المؤلف بتحليل ارقام النفقات العامة وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني منذ عام 1970 وحتى عام 2008اما الباب الاخير »الخامس« فقد شرح ادوات السياسة المالية وتوجهات الاصلاح والتحديث الاقتصادي في سورية, وفي فصول هذا الباب ألقى المؤلف الضوء على دور وتأثير مكونات وعناصر السياسة المالية بدءا بالسياسة الضريبية وانتهاء بسياسة الانفاق العام. والدكتور السيوفي دأب في كتابه على تقديم او دمج النظري بالعملي ولذلك خصص الفصل الثالث لقراءة تحليلية للموازنة العامة للدولة لعام 2008 ودرسها كحالة تطبيقية ويتعرض كذلك للسياسة المالية في سورية وعجز الموازنة العام ة للدولة ويتحدث عن اسباب العجز التي يراها في عدة اسباب كدعم وتحسين الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية ودعم اسعار السلع وتزايد النفقات الدفاعية والاستثمارية ويختم المؤلف كتابه الذي جاء في 303 صفحات عن اقتصاد السوق الاجتماعي ويرى ان تطوير وتحديث الصيغة المتقدمة للتعددية الاقتصادية من شأنه ان يوصل الى اقتصاد السوق الاجتماعي ويخلق مناخا مناسبا لعمل اليات السوق القائمة على تفعيل دور رأس المال الخاص والتنافسية وايضا تفعيل دور الدولة التنظيمي للاشراف والرقابة والتدخل عند الضرورة. ماقدمناه في الاسطر السابقة لايعد الا عرضا سريعا خاطفا لكتاب فيه من الدسم مالا يتسع له مقال او مقالان وهو الى ذلك كتاب تمكن مؤلفه من جمع الاختصاص والثقافة العامة في صفحة واحدة فكلا الفريقين يجد فيه مرجعا وأي مرجع. |
|