|
رؤية لم يقل لنا عزام يومها, ماهي الطرق السرية التي ستسلكها فكرته المبدئية تلك, وماهي الادوات التي سيعالج بها مادته الخام التي بدت لنا عديمة الجاذبية.. ماهو الأكسير السحري الذي يملكه ليحول المألوف والرتيب والعادي إلى دهشة خالصة.. لذلك فقد فاجأتنا (أرض الكلام)-روايته الاخيرة-مجدداً,وصفعت ارواحنا على حين غرة, لنتيقن عندها من صواب ماكتبه ماريو فارغاس يوسا ذات مرة: ( الموضوع بحد ذاته لايمكن له ان يكون جيداً او سيئاً في الادب..لايوجد موضوع مستنفد ولا بيئة غير صالحة.. كل الموضوعات يمكن ان تكون جيدة وهذا لايعتمد على الموضوع بحد ذاته وانما على مايتحول اليه الموضوع عندما يتجسد في رواية, فالطريقة التي تتجسد بها القصة هي التي تجعلها أصيلة او مبتذلة, عميقة أوسطحية.. ) لايتوقف ممدوح عزام عند سطوح الاشياء بل ينبش عميقا ً في حيوات من حوله وهذا مايجعله في كل مرة يقف ازاء منجم لاينضب من الافكار والتفاصيل والمشاعر ,وهو كذلك لاينطلق من تيمات محددة او افكار جاهزة بل يستجيب فحسب لشياطينه الخاصة.. لذاكرته المترعة بالصور القديمة والانطباعات المخبوءة وهذا مايسم رواياته بتلك الاصالة المتفردة, ويبعده عن تكلف الصنعة البليد.. وعلى خلاف روايات الموضة التي ( هي بالتأكيد أشبه بتقارير عن الحياة اليومية)-على حد تعبير ادونيس- يصر عزام على اكتناه الحياة وفهم العالم على نحو اكثر تعقلاً, متحلياً بتلك البصيرة التي تميز الكتاب الكبار. |
|