تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفنان محمد الحريري .. الراحل بلا استئذان

ثقافة
الأربعاء 23/2/2005 م
محمد قاسم الخليل

ان قلة من الفنانين يمتلكون شفافية الدخول الى القلب ويرتاح المشاهد لرؤيتهم وكان محمد الحريري واحدا منهم ومنذ بداية دخوله الى عالم الدراما عرفته دمث الاخلاق , طيب القلب يحمل الود والحب لكل الناس ولم تتغير صفاته وطباعه مع مرور الزمن .

‏‏

كان الحريري مقلا في احاديثه الصحفية وبعد عدة لقاءات اعطاني لمحة عن اعماله ونشرت في الصفحة الفنية بجريدة الثورة في 23 كانون الثاني .2002‏‏

ظهر اسم الفنان محمد الحريري لأول مرة عندما اختاره هيثم حقي لبطولة فيلمه الروائي الطويل الوحيد ( تقرير عن ملابسات حادثة عادية) في ذلك الفيلم لعب الحريري دور عامل بناء يسكن في حي بائس ويعمل في ظروف قاسية وبناء على الحاح تاجر البناء يتابع عمله وهو مريض مما يؤدي الى سقوطه اثناء العمل ,وكان الحريري قد بدأ حياته هاويا في مسارح حلب ثم انتقل للعمل في مدينة الثورة بمحافظة الرقة وهناك اكتشفه المخرج هيثم حقي واسند اليه بطولة فيلمه التلفزيوني الاول والاخير .‏‏

وعرض الفيلم في مهرجان دمشق السينمائي الاول عام 1979 ونال جائزة التحكيم الخاصة كما وجد اهتماما نقديا ولفت الحريري الانظار بأدائه العفوي الهادئ المتزن .‏‏

في ذلك الحين كانت الاعمال الدرامية التلفزيونية محدودة العدد وكان الفيلم السينمائي المحلي يسير نحو الافول بعد ظهور الفيديو.‏‏

‏‏

وتأثر محمد الحريري بهذا الوضع وهو الذي كان يأمل ان يفتح له فيلم (التقرير) الأبواب على مصراعيها ثم وجد في المسرح العسكري مكانا يتواصل فيه مع الفن وشارك في معظم عروضه في الثمانينات,وقد بذل جهودا كبيرة بصبر وعناد حتى استطاع ان يوجد لنفسه مكانة في الدراما السورية.‏‏

وتمتع الفنان الراحل محمد الحريري بحضور غني ومتنوع في الدراما السورية من خلال العديد من السهرات والمسلسلات .‏‏

سينمائيا شارك الحريري بعد (التقرير) في فيلم ( حب للحياة) لبشير صافية ولم يشارك بأفلام القطاع الخاص وبعد عدة اعمال تلفزيونية اتجه الى السينما ليلعب بطولة فيلم ( صهيل الجهات) اخراج ماهر كدو, وأدى فيه دور شاب يعمل في حقول استخراج الملح وعندما يشاهد الفتاة ملقاة على الملح يساعدها في متابعة البحث عن قاتلي ابيها .‏‏

في فترة الثمانينات شارك في عدد من الاعمال التلفزيونية بدأها بسهرة ( بدايات صغيرة) لغزوان بريجان ثم مع المخرج لطفي لطفي في مسلسل ( الصقر) وفي مسلسل ( النهر سلطان) وفي سهرة تلفزيونية بعنوان ( سلاما ايتها الام ) اخراج هند ميداني .‏‏

في التسعينات بدأت اسهم الدراما السورية ترتفع مع انتشار الفضائيات وشارك الحريري في مسلسل (نهاية رجل شجاع) مع المخرج نجدة انزور .‏‏

كما شارك في ( الجوارح) و( اخوة التراب) و( تل الرماد ) و ( رمح النار ) وادى دور بطريرك انطاكية في ( البحث عن صلاح الدين ).‏‏

وبقي اثيرا لدى مكتشفه هيثم حقي حيث عمل في عدد من مسلسلاته منها في (خان الحرير) و( ليل الخائفين ) و(الايام المتمردة) و( ذكريات الزمن القادم ) .‏‏

كما شارك في عدة اعمال من اخراج غسان جبري منها مسلسل (ابودلامة) ودور الخال صبحي في ( القيد) و ( الطير) و ( عطر البحر) و السهرة التاريخية (ارث الدم ).‏‏

ومن المسلسلات التي شارك فيها ايضا ( الخطوت الصعبة) و( تلك الايام ) لرياض ديار بكرلي و(جريمة في الذاكرة )لمأمون البني و(قلوب في الميزان) لعبد المسيح نعمة و(باب الحديد) لرضوان شاهين وبادارة المخرج محمد بدر خان شارك في مسلسلي (كنا اصدقاء والخيزران) .‏‏

ويبقى الدور الاكثر مساحة في اعماله التلفزيونية دور المحامي نادر مقصود في الاجزاء الخمسة من مسلسل (حمام القيشاني) لهاني الروماني وهي النموذج الاكثر قربا من شخصيته ويمثل الانسان الوطني الساعي الى مساعدة المحتاجين .‏‏

آخر اعماله التلفزيونية مسلسل (دوار القمر) اخراج خالد الخالد وقدصوره في حلب وأدى فيه شخصية ابي عادل ورحل قبل ان يراه على الشاشة.‏‏

محمد الحريري يرحل فجأة ويترك غصة في قلوب محبيه من زملائه واصدقائه في ذلك اليوم كان محمد الحريري في مديرية الانتاج التلفزيوني يتبادل اطراف الحديث مع زملائه , وكان كما كان دائما ودودا لطيفا في حديثه وكان ثمة اتفاق على اللقاء في اليوم التالي , ولم يكن احد يظن انه لن يأتي غدا , فقبيل منتصف الليل جاء نعي محمد الحريري , وفقدت الدراما السورية احدى لبنات جدارها الطيب .‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية