|
شؤون سياسية بوصفه أحد العناوين الرئيسية لحملته الانتخابية ووعوده بسحب قوات بلاده من العراق خلال 16 شهراً من تاريخ توليه الرئاسة. هذا في الوقت الذي أظهرت فيه بعض التصريحات الرسمية الأميركية، كذلك العراقية، تبايناً تجاه هذه الخطة، وتالياً آلية تنفيذها. ففي خطابه بعنوان «مسؤولية إنهاء الحرب في العراق»، الذي ألقاه نهاية شهر شباط الماضي، في قاعدة «كامب ليغون» في كارولينا الشمالية، بعد أسابيع على توليه منصب الرئاسة، وبعد 6 سنوات على غزو العراق واحتلاله، حدد أوباما الأجندة الأميركية لسحب القوات العسكرية لبلاده. إذ أكد أنه سيسحب معظم القوات الأميركية وينهي العمليات القتالية بحلول 31 آب عام 2010، وسيبقي على نحو 35 إلى 50 ألف جندي حتى نهاية عام 2011، (اخترت موعداً لإخراج فرقنا المقاتلة خلال الـ 18 شهراً القادمة...دعوني أقول لكم ببساطة إنه بحلول 31 آب عام 2010 ستنتهي مهمتنا القتالية في العراق)!، أي أن أوباما تراجع بضعة شهور عن وعوده الانتخابية الرئاسية، ومدد في الوقت نفسه، بقرار رئاسي بقاء القوات الانتقالية (نحو 50 ألف جندي) حتى نهاية عام 2011. واستند في توضيح آليات سحب القوات الأميركية إلى: (المعاهدة الاستراتيجية الموقعة بين الإدارة الأميركية السابقة- إدارة بوش- والحكومة العراقية)!!- وقعت هذه الاتفاقية في نهاية كانون الأول الماضي، وفي الأيام الأخيرة لعهد الرئيس الأميركي السابق ولم يستند إطلاقاًَ إلى برنامجه الانتخابي الرئاسي أو شعارات حملته الانتخابية ووعوده، كما أعلن أن هذه القوات الانتقالية الأميركية ستضطلع بتنفيذ مهمات تدريب القوات العراقية وإعدادها وتقديم المشورة لها. نشير هنا إلى أن غالبية قوات «التحالف الدولي» قد سحبت من العراق، ولم يبق عملياً من هذه القوات سوى بضع كتائب عسكرية لعدد قليل من الدول، تعاني من مسألة بقاء جنودها في العراق وخاصة بريطانيا التي تحضر لسحب قواتها من جنوب العراق في تموز القادم، وأستراليا التي تحتفظ بعدد قليل من جنودها في العراق أيضاً، فضلاً عن دول غير فاعلة، أرسلت قواتها العسكرية إلى العراق، لاعتبارات تمس علاقاتها الثنائية مع واشنطن، وتالياً استثنى هذه المشاركة في تحسين هذه العلاقات الثنائية. ورغم أنه أشار في خطابه إلى أن (على كل أمة وجماعة أن تعرف سواء كانت تتمنى الخير، أو الشر لأميركا، أن نهاية الحرب في العراق ستطلق حقبة جديدة من القيادة والدور الأميركي في الشرق الأوسط، هذه الحقبة بدأت للتو)، فقد أكد: (أننا بذلك نخفف العبء عن جيشنا، ولهذا نركز على القاعدة في أفغانستان وباكستان). أي إن سحب القوات الأميركية من العراق، سيقابله تعزيز لعديد القوات الأميركية في أفغانستان (أصدر أوباما قراراً بزيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان بنحو 17 ألف جندي). وعلى الرغم من إعلانه: (لا يمكننا بعد الآن مواجهة التحديات الإقليمية عبر العزل، نحتاج إلى مقاربة أذكى ودائمة، ولهذا الأمر فإننا نجدد دبلوماسيتنا، فيما نخفف العبء من جيشنا)، فإن إصراره على منع إيران من تطوير برنامجها النووي، وعدم وضوح خطته بعد لحل إشكاليات الصراع العربي- الإسرائيلي تضيف علامات استفهام أخرى. هذا التوضيح الذي أعلنه أوباما في خطابه الرئاسي حول «إنهاء الحرب في العراق» الذي تضمن تأخيراً لسحب القوات الأميركية «المقاتلة» بضعة شهور على أهمية ذلك، وإبقاء قوات انتقالية «لعام إضافي أيضاً، بديلاً عن الالتزام بالانسحاب الكامل خلال 16 شهراً، وفقاً لبرنامجه الانتخابي، أثار تصريحات رسمية أخرى، فقد أعلنت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب من الحزب الديمقراطي: (لا أدري ما التبرير لبقاء 50 ألف جندي في العراق... أعتقد أن ثلث ذلك، ربما 15 أو 20 ألفاً هو عدد كاف)!!. هذا في الوقت الذي أعلن فيه وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس (شغل منصب وزير الدفاع في ولاية الرئيس السابق أيضاً)، أنه لا يزال يعتقد أنه من الأفضل الإبقاء على قوة أميركية صغيرة في العراق بعد عام 2011. أما الجانب العراقي الرسمي فقد تباينت مواقف أطرافه، تجاه خطة أوباما للانسحاب من العراق، ما بين التساؤل حول مبررات بقاء 50 ألف جندي أميركي، إلى المطالبة ببقاء بضعة آلاف، مروراً بالحديث عن أهمية التعاون العسكري الأميركي العراقي. هذا في الوقت الذي أعلنت فيه قوى المعارضة العراقية عن أن الانسحاب الأميركي «المشروط» وفق أجندة الإدارة الأميركية الجديدة، يعد نصراً للمقاومة العراقية، واعترافاً خجولاً بالانسحاب الاضطراري لقوات الاحتلال. ولا نغفل هنا ما سيحدثه خطاب أوباما، وخطته الرئاسية الخاصة بـ «إنهاء الحرب في العراق» من تفاعلات في دول الجوار العراقي، المهمومة بالوضع العراقي وتداعياته من جهة، وفي المواقف الدولية المنشغلة بالهم العراقي ومستقبل العراق من جهة أخرى. batal-m@scs-net.org |
|