تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ميراث المرأة من حقٍّ إلى تبرُّع

مجتمع
الخميس 12-3-2009م
ميساء العجي - لينا عيسى

مشاعر التردد والخوف والخجل تنتا ب المرأة في مجتمعنا قبل المطالبة بحقها الشرعي بالميراث وغالبا ما تحرم منه عنوة تحت ذرائع واهية ابرزها الوضع المادي غير الجيد للعائلة .

ولكن ان يلجأ البعض من الاباء الى تهريب اموالهم وتسجيلها للابناء الذكور ضاربين بعرض الحائط التعاليم السماوية حتى لا يعطوا تعبهم للصهر الغريب فهذا ظلم واضح ولكن اسئلة كثيرة لم تدر في خلد اولئك الاباء منها : ماذا لو لم تتزوج الابنة؟ هل تبقى تحت رحمة اخيها وزوجته؟ ماذا لو تعرضت لمرض او طلقت او اصبحت ارملة ولا مأوى لها ؟ واينما توجهنا في مجتمعنا نجد قصص نساء حرمن من هذا الحق الشرعي .‏‏

أحسست بالكره لأبي ولأخي‏‏

اميرة عازبة عمرها 40 عاما قالت: انا البنت الكبرى في عائلتي الفقيرة تركت المدرسة وعملت بالخرز والاراكيل للمساهمة في مصروف البيت ، لكن والدي كان يأخذ اجري ليزيد البيت طابقا تلو الاخر تعرضت لعدة أمراض بسبب الجلوس الطويل منها الديسك وقصر النظر تفاجأت عندما كتب والدي لأخي الوحيد كل ما يملكن وعندما استفسرت عن السبب قال: لن اقدم تعبي للصهر على طبق من ذهب واذا لم تتزوجي ، أخوك لن يتخلى عنك وسؤالي كيف رضي ابي ان يعطي تعبي لأخي؟‏‏

فاطمة عازبة عمرها 25 عاما لا تعمل ، جامعية قالت: يشترط ابي واخوتي الشباب على البنات التنازل عن حقهن بالميراث مقابل الموافقة على تزويجهن ممن يردن والا يبقين بلا زواج نريد قانونا يحفظ حقنا ، بالميراث من جهة ويحمينا من هذا التسلط والظلم من جهة اخرى وللاسف امي تضغط علينا خوفا منهم.‏‏

المرأة يسلب حقها باسم الأخوة والمودة‏‏

ريم متزوجة معلمة عمرها 30 عاما قالت : المرأة في صراع حقيقي من اجل استرداد حقها الشرعي بالميراث الذي ضاع بسبب العادات والتقاليد الموروثة من الجاهلية طلبت امي مني التنازل حتى لا اخسر اخوتي كون وضعي المادي جيداً ولأنهم كما قالت : هم سندي وقت الشدائد وبعد التنازل تركني اخوتي وحيدة في المحكمة حينها شعرت بالغبن والاهانة لانهم ضحكوا علي وشعرت بالذنب لانني تنازلت عن حق لا يخصني فقط بل يخص اولادي الذين هم بحاجة له في هذا الزمن الصعب فكل ما يقال عن الاخوة هدفه سلب حقوق المرأة واتمنى ان يكون ما حصل معي درسا لبنات جنسي.‏‏

منال متزوجة عمرها 40 عاما متوسطة التعليم قالت: القوي يفرض شروطه والضعيف ينتظر الفتات اذ قام والدي في حياته بإعطاء كل بنت مبلغ 100 ألف ليرة كترضية خاطر وكتب الباقي للذكور الذين وصلت حصة كل واحد منهم الى مليون ليرة سورية هذا التصرف زرع الحقد والكره في العائلة وعندما مرض والدي الذكور ابتعدوا عنه والبنات خدموه فندم على تصرفه ولكن بعد فوات الاوان.‏‏

المرأة الواعية تطالب بحقها‏‏

سوسن مطلقة مهندسة قالت: بعد طلاقي كتب والدي لي غرفة في بيت العائلة حتى لا ارمى في الشارع بعد وفاته ولكن ماذا لو ان طلاقي وقع بعد وفاة والدي؟‏‏

حاول اخوتي ان يكتب والدي لهم املاكه ولكنه اعترض وقال: بعد وفاتي ليأخذ الشرع والقانون مجراه ، ولكن بعد طلاقي شعر بأن اخوتي سيظلمونني فكتب لي الغرفة التي تعادل حقي الشرعي بالميراث تماما لذلك المرأة الواعية تطال . ب بحقها لان الزمان غدار.‏‏

بالمقابل هناك قصص إيجابية‏‏

ندى متزوجة ضد رغبة عائلتها ومع ذلك اخذت حقها بالميراث دون زيادة او نقصان لان اخوتها لا يخلطون الامور ببعضها ويخافون من عقاب الله . وعلاقتها بهم جيدة للشباب ايضا آراؤهم بميراث المرأة وعلى القضاء تبسيط الاجراءات فالشاب ذو الفقار متزوج وعمره 35 عاما قال: المعروف عرفا كالمشروط شرطا وهذا مبدأ البعض في التعامل مع ارث المرأة فأختي لا تأخذ وكذلك زوجتي لا تأخذ ويبقى الارث محصورا بالذكور ويرجع السبب في بعض الاحيان الى ضعف الكمية الموروثة واكثر الاحيان الى الجهل والطمع . وبالنسبة لي اختي تأخذ وزوجتي تأخذ وهنا يأتي دور القضاء في تبسيط الاجراءات التي تقف عائقا امام مطالبة المرأة بحقها وكذلك عدم السماح للاب بالتنازل عن ممتلكاته لصالح الذكور عن طريق بيع صوري قبل مماته.‏‏

رامي متزوج عمره 30 عاما قال: الميراث بالكاد يكفينا نحن الشباب فأخواتي لهن ميراث ازواجهن ولا نقبل ان يقاسموننا الميراث حتى امي لا نقبل ان تقاسمنا اذ تعيش بيننا حتى وفاتها وهذا حال أي واحدة لم تتزوج من اخواتي البنات.‏‏

ربيع عازب عمره 30 عاما قال: الذرائع التي تطلق لا تلغي احقية المرأة بالميراث وعليها ان تدرك منذ الصغر بأن لها حقا يجب ان تطالب به مهما كان الثمن فكيف نتصور مجتمعاً متطورا والمرأة التي تشكل فيه 50٪ محرومة من حقها الشرعي؟ هذا امتهان لانسانيتها وكرامتها.‏‏

د.مصطفى : المرأة لا تتنازل‏‏

عن حقها عن طيب خاطر‏‏

طلال مصطفى دكتور في كلية علم الاجتماع في جامعة دمشق قالت: العادات والتقاليد البعيدة عن الاديان السماوية والقوانين الوضعية تعرض المرأة في مجتمعنا السوري لضغوط خفية حينا وجلية احيانا اخرى من اجل التخلي عن ميراثها لصالح الذكور. وعندما ترفض المرأة تعامل كمسيئة لسمعة الاسرة وخارجة عن المألوف عندما تحرم المرأة من ميراثها تمنع من الحصول على مصدر دخل قد يكون الوحيد لها لمواجهة الاعباء الاقتصادية .‏‏

وهذا الحرمان سيبقيها تابعة اقتصاديا اما لزوجها او لاخوتها الشباب وهذا يكرس تبعيتها ودونيتها تجاه الذكور حتى عملية البيع والشراء هي اعتداء صارخ للقانون اذ يتم تحت حجة اننا لا نحب ان يقاسمنا الغريب في الميراث وهذا مؤشر لالغاء مكانة المرأة وشخصيتها واستقلاليتها فبعض الازواج لا يفضلون ان تأخذ زوجاتهم الميراث حتى لا تستقل وتقف امامه ندا . قد يقول البعض ان الاخ لا يتخلى عن اخته ولكن هذا غير صحيح لان الوضع الاقتصادي الراهن لا يسمح للاخ بمساعدة اخته فلديه ما يكفي من الالتزامات تجاه اولاده وزوجته . لذا من الافضل ان تخرج فتوى دينية تؤكد ان هذا التصرف تجاوز للدين وهو نوع من الاعتداء الخفي لان المرأة لا تتنازل عن حقها عن طيب خاطر .‏‏

د.المؤنس : الخلل بالتطبيق‏‏

وليس بالنصوص‏‏

الدكتور عبد الرزاق المؤنس قال: الايات القرآنية واضحة وجلية لا لبس فيها يرجع الخلل الى سوء التطبيق بالاشخاص وليس بالنصوص اذ لو ملكت المرأة اموالا بمئات الملايين شرعا لها الحق من الميراث وفي ادارة اموالها ولا يحق لاحد ايا كان ان يقتطع من مالها شيئا بغير حق . فحتى لو كانت قاصرا فالوصي على المال يحفظه ولا يحق له ان ينتفع منه بأي شيء واخطر ما نراه هو ان يكتب الاب في حياته املاكه للذكور ويهمل الاناث. فقد يقول احدهم ان الاب حر بماله ولكن هذا القول يجاب عليه من ناحيتين الاولى في حال حياته وصحته وفي حال قبل وفاته ومرضه ، ففي الاولى يجب المساواة بين الاولاد ذكورا واناثا فلا يجوز ان يعطي الذكر اكثر من الانثى . قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (اتقوا الله وسووا بين اولادكم في العطية).‏‏

والحالة الثانية عند مرض الوفاة لا يحق للأب ان يملك ولد دون الاخر لأن الممتلكات تصبح بهذه الحالة من حق الورثة ولكنها موقوفة التنفيذ لما بعد الوفاة وان ما يفعله بعض الاباء لاعتبارات يظنون انهم على حق من الناحية الاقتصادية او يتوهمون ان الذكر بهذا التملك يرعى الاسرة هو اثم ينذر بتهديد اهم الحقوق والامانات بين الناس وربما يتصنع بعض الابناء البر والحب الذي يأسر قلب الاب او الام وليبطن نوعا من التمثيل النفاقي للاستئثار ببعض الاموال خاصة اننا بهذا الزمان نرى الالحاح على الاستحواذ المالي بأقصر الطرق لذا على الاب الانتباه لهذه الاساليب الملتوية.‏‏

ان شريعة الله عز وجل شريعة وسطية رحيمة متوازنة لا تحابي احداً على احد مهما كانت المثيرات المستعجلة ، فحرمان البنت من التملك زعما بأن المال سيرجع للصهر هذا التفكير ظالم اما بالنسبة للوصية يضيف الدكتور مؤنس قائلا لا وصية لوارث لأن الوصية تكون لغير الورثة وفي حدود ثلث التركة حصرا من غير زيادة واذا لم تكن شرعية فلا تنفذ واود ان اتوجه الى الشباب بكلمة ان تخصيص الاب لهم دون اخواتهم لا تعني شرعا اباحة الاستفادة من هذه الاموال بل في ذلك اثم . كل هذه الامور تستدعي البحث عن قوانين وانظمة تفرض قوتها التنفيذية لتعديل الملكية المالية.‏‏

المحامي حمامة: القضاء ينصف المرأة‏‏

المحامي جميل حمامة قال: القانون يحمي حقوق الجميع من ذكور واناث لذلك عندما تلجأ المرأة للقضاء فإنه ينصفها وتأخذ حقها الشرعي بأكمله . ولكن للأسف لا يمكن للقضاء التدخل عندما يكتب الاب امواله باسم ابنائه الذكور ولكن على الاب الالتزام بالشريعة الدينية فالمشكلة في جوهرها غير متعلقة بالقوانين بل في ثقافة ووعي المجتمع وادراك الفرد لحقوقه من جهة وواجباته من جهة اخرى.‏‏

نرى مما سبق ان ارث المرأة قضية معقدة ومتشعبة لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها بل تحتاج الى وقت طويل وكفاح مرير من قبل المرأة اولا والمناصرين لحقها ثانيا. فهي في معركة حقيقية للقضاء على العادات والتقاليد التي ما زالت مسيطرة على عقول البعض الذين ينظرون للمرأة نظرة دونية فهي الضعيفة التي يمكن ان يهضم ويسلب حقها بسهولة دون اي رادع اخلاقي او محاسبة قانونية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية