|
معاً على الطريق هل تحممتَ بعطر وتنشفت بنـــور ؟ وشربت الفجر خمراً في كؤوس من عبير؟ فيعيب عليه بعض النقاد الخطأ اللغوي في قوله (تحممتَ) لأن الأصحّ هو (استحممت) وكان أحد مراجع مادة (الأدب المهجري) التي كان أستاذنا فيها الدكتور عبد الكريم الأشتر . أما الذي خطفني خلفاً خمساً وأربعين سنة وألقى بي في خضم دراستنا الجامعية في أواسط الستينيات فهو صوتٌ جاءني عبر الهاتف بلهجة حمصية مغرقة (مرحبا عبد النبيه هل عرفتنيه ؟) هتفت لاهفاً (دريد ؟) لم أرَ دريداً خلال هذه المدة الطويلة سوى مرات عابرة كلانا بعد التخرج انخرط في التعليم ثم غادر البلد للإعارة . كنا خلال دراستنا الجامعية في ثلة من الهواة الطامحين إلى دخول عالم الأدب ، وكان دريد يترجح بين النقد وكتابة القصة القصيرة وحمصياً بما يمتاز به الحمصيون من حدة الذكاء والتلقائية ويزيد عليهم لساناً حادّاً لا يتقن فن المجاملة، فجعل نقاشاتنا لاهبة إلى حدّ الشجار وجعل الآخرين ينفضّون عنا، فانضم إلينا من خارج أسوار الجامعة بالمصادفة صديق ثالث ينتمي إلى جيل أكبر هو الشاعر اسماعيل عامود الذي يعدّ مع سليمان عواد من الرواد الأوائل لقصيدة النثر . كان اسماعيل حلو المعشر سلساً ليست فيه فورة معظم أبناء السلمية عندما يغضبون وتتدفق الكلمات الجارحة على ألسنتهم , وكان كلما كتب قصيدة يقرؤها علينا فنتناولها كلمة كلمة وماكان أمرّ نقد دريد الذي يجعل اسماعيل يتعرّق ويقول: (لايهمني أن يقرأني ناقد متغطرس أو قارئ متفضل يكفيني أن تردد شعري فتاة من السلمية) كنا نجتمع في بيوتنا أو نشدّ الرحال إلى جيرود نتبادل الآراء في أعمالنا وأعمال الآخرين . كان اسماعيل (مساعد أول) في الجيش يعمل في مجلة الجندي التي كانت واحدة من المجلات السورية القليلة التي تعنى بالأدب والثقافة ، وكان يعمل متبرعاً في مجلة (الثقافة) للأستاذ مدحت عكاش التي انطلق منها د. عبد السلام العجيلي وألفت الإدلبي ونزار قباني وغادة السمان وكثيرون . وكنت آنذاك أنشر فيها بعض المقالات والقصص القصيرة . وأخيراً اعتكف اسماعيل بالسلمية ، وأنا اختطفني الإعلام ردحاً من الزمن أما الدكتور دريد يحيى الخواجة الذي أصبح واحداً من النقاد العرب البارزين فقد كنت أسمع أخباره بدعوته إلى ندوات نقدية هامة بهذا البلد العربي أو ذاك ومساهماته في كتابة أبحاثها أوعند صدور كتاب جديد له وبخاصة (إشكالية الواقع والتحولات الجديدة في الرواية العربية) الذي تناول فيه روايتي (الصخرة) بدراسة إضافية ، أما الدافع المباشر لاتصال دريد فهو ترحيبه بالزوايا التي أكتبها في الثورة (معاً على الطريق) وعتبه: لماذا لانلتقي ؟ anhijazi@Gmail.com "> anhijazi@Gmail.com |
|