|
ترجمـــــــــــة بمستقبل إسرائيل وحتى بوجودها على قاعدة ما يواجهها من مخاطر وتحديات داخلية وخارجية خطيرة وجمة ، فقد اختلطت الأولويات في نظر الكثير منهم ، بعدما كان ما يسمى« سلم الأولويات القومية» واضحا للكل ، إذ بات الكثير يرى أن مصدر الخطر الذي يواجه الكيان يتمثل في ما تشهده من تحولات داخلية خطيرة جدا على المستويات والصعد كافة على مستقبله من حيث مستوى التطرف والعدائية للغير ، ومن حيث فقدان القيادة السياسية والحزبية القادرة على مواجهة التطورات والتغييرات الكبيرة والهائلة التي تشهدها المنطقة والعالم : «فحكومة نتنياهو تستخف بالعالم. لا يعنيها الفلسطينيين، ولكن هذا لا بد سينفجر لنا جميعا في الوجه. حكومة نتنياهو تقود إسرائيل نحو المصيبة».على حد تعبير مصدر سياسي رفيع المستوى ليديعوت أحرنوت ويحذر المصدر السياسي من أنه إذا لم يعد نتنياهو بعد الانتخابات إلى طاولة المفاوضات – فإن إسرائيل ستفقد العالم. «ما حصل في الولايات المتحدة حين بقيت الولايات المتحدة لن يتكرر. الأوروبيون ملوا. يكفي أن تعلن دول الإسلام عن المقاطعة ضد إسرائيل وكل العالم سيسير ضدنا. إسرائيل هي اقتصاد يميل إلى التصدير، والتصدير مبني على النية الطيبة. إذا ما قتلنا النية الطيبة – فالتصدير سيتضرر، وإسرائيل ستعلق في أزمة اقتصادية عميقة». تحديد الأولويات مجدداً أول المتنبئين بمستقبل مظلم لإسرائيل هو عاموس يادلين رئيس مجلس الأمن القومي سابقا ورئيس معهد البحوث الأمنية ، قال لصحيفة يديعوت احرنوت :«تحدثنا هذا الصباح وكأن إيران ليست موجودة، وكأن الموضوع المهم جدا لسوريا ليس موجودا، وكأن حزب الله لا يواصل التسلح. مصر نجحت في اختبار «عمود السحاب»، ولكن ليس بالضرورة أن يستمر هذا الأمر في 2013. نحن الإسرائيليين نميل لان نكون في احدى حالتين – إما النشوة أو الفزع. أحيانا يخيل لي أن هذا نوع من الكبت وهو إشكالي جدا».وقدر يدلين بان احتمال حرب أخرى في السنة القادمة منخفض، ولكنه ليس صفرا: «عندما أسأل نفسي عن حرب في السنة القادمة أقول إن الردع الإسرائيلي ليس كما كان في السابق. ومع ذلك فان احتمال الحرب ليس منخفضا.كما تناول يدلين التهديد النووي الإيراني واقترح استنفاد الخطوات السياسية قبل عملية عسكرية. «إذا أرجع اقتراح الحل الوسط الأمريكي إلى الوراء بنصف سنة ساعة أجهزة الطرد المركزي – فهذا انجاز هام. ليس مؤكدا ان هذا سينجح، ولكن الأمريكيين يتصرفون بشكل نظري هكذا ينبغي إدارة إستراتيجية». عمير ربابورت أشهر المحللين العسكريين في صحيفة معاريف حاول من خلال مقالة له في معاريف ان يحدد الأولويات مجددا تبعا لخطورة كل أولوية بالنسبة للكيان وأمنه ويرى ان اولية خطرمايسمى «بالنووي الإيراني قد تراجع وان إمكانية ان تخوض أي حكومة اسرائيلية مقبلة حرباً ضد إيران قد تراجعت هي الأخرى ولكنه رغم ذلك يعتبر عام 2013عام حاسما في تاريخ كيانه :«2013 يعتبر في الجيش الإسرائيلي بأنه «عام الحسم»، ولكن يوجد احتمال معقول أن يتدحرج ليصبح عام الحرب. وحتى لو انتهى العام دون حرب في أي جبهة، فانه يمكن القول انه لم يسبق للجيش الإسرائيلي ان دخل عام عمل مع كل هذا القدر من علامات الاستفهام مثلما يبدأ العام الميلادي الجديد. الفرضية في أساس خطة الجيش الإسرائيلي للعام 2013 هي أن الشرق الأوسط يوجد في فترة تغير. الهزة مستمرة. سياقات ذات معنى تاريخي، كانت في الماضي تستغرق سنوات طويلة، تجري اليوم في غضون أسابيع بل وبضعة أيام .وليس الشرق الأوسط وحده يتغير: الساحة الدولية كلها أيضا. الولايات المتحدة لم تعد القوة العالمية الوحيدة. روسيا، الصين والدول النامية تتحداها». ربابورت يتفق مع من يرى ان الملف النووي الإيراني قد تراجع عن كونه اولية قومية للكيان ويعتقد ان معالجة هذا الملف مناط إلى حد بعيد بالإدارة الأمريكية بعد ان يتم الإعلان عن تشكيلة إدارة اوباما الجديدة :» الإدارة الجديدة ستستأنف أيضا المحادثات بين القوى العظمى وإيران. وستطالب القوى العظمى إيران بان تنزع عنها اليورانيوم الذي خصب إلى مستوى عسكري فوق 20 في المائة، وقف عمل أجهزة الطرد المركزي وحل المنشأة النووية في قم. وستنتهي المحادثات مرة أخرى بلا نتائج. احتمالات الحرب منخفضة وحول احتمال نشوب حرب مع حزب الله يرى ربابورت :«احتمال نشوب حرب مع حزب الله في لبنان في أثناء العام 2013 يستمد بشكل مباشر من احتمال الحرب مع إيران. كما ان حقيقة أن حزب الله أصبح جزءاً لا يتجزأ من حكومة لبنان تقيد حريته في العمل العسكري حيال إسرائيل بشكل يتجاوز إطلاق الطائرات دون طيار. ولكن إذا ما تعرضت إيران للهجوم، فسيطلق حزب الله نحونا ترسانة السلاح الهائلة التي بنتها له إيران بالضبط من أجل هذا اليوم. وفي كل الأحوال، صحيح حتى الآن، فإن احتمال الحرب مع حزب الله في 2013 يبدو منخفضا حتى متوسطا. أما سورية وما يجري داخلها من أحداث فيعتقد ربابورت شأنه شأن الكثيرين من الكتاب الإسرائيليين بأن هذا الذي يجري في سورية يصب مباشرة في مصلحة إسرائيل ، وينتقل من مسألة استخدام الأسلحة الكيميائية إلى الصواريخ إلى احتمالية :« ان يهاجمنا الرئيس بشار الأسد وهو بذلك سيدخل التاريخ كأقوى زعيم في المنطقة ، وبرغم التهويل والتضليل الذي يمارسه الإعلام الإسرائيلي عما يجري في سورية إلا ان هناك كتابا يرون الأوضاع على غير ما تراه مختلف وسائل الدعاية والإعلام الإسرائيلي الأخير، فيقدر ايال زيسر المختص بالشأن السوري :«هناك انطباع ان الصراع في هذه الدولة قد بلغ مرحلته الأخيرة. إن الأسد في الحقيقة اجتاز التأبينات المبكرة وأظهر نظامه قدرة مدهشة على البقاء» وحول الأردن يقدر ربابورت :»في كل ما يتعلق بحدودنا الشرقية، يواصل الأردن كونه جزيرة استقرار في نهاية 2012 أيضا. في الأشهر الأخيرة تصدى الملك عبدالله غير قليل من المشكلات الداخلية، ولكن يبدو أنه اجتاز الفترة الصعبة بسلام. فقد هدأ غضب القبائل البدوية التي يتشكل منها جيشه من خلال رفع الرواتب، واستخدم يدا قاسية ضد شرارات الاضطرابات في قلب المملكة. لقد ترك عبدالله لمصيره اقتصاديا من قبل دول الخليج وفقدَ العلاقة الاستراتيجية مع مصر بعد سقوط حسني مبارك. إذا فقد الملك عبدالله كرسيه في 2013، فان الحدود الطويلة مع الأردن كفيلة بان تعود لتكون ساحة ارهاب مثلما في عهد «بلاد المطاردات» في الستينيات من القرن الماضي. وعلى فرض ان مثل هذا السيناريو سيتحقق، كاستمرار لمظاهر عدم الاستقرار في العالم العربي، فان من شأن الأمر أن يكون مصيبة استراتيجية من ناحية إسرائيل». وبالنسبة لمصر محمود مرسي فإنها بحسب عامير ربابورت فاجأت أجهزة الاستخبارات العسكرية من حيث البراجماتية العالية التي يتمتع بها مرسي رجل الإخوان المسلمين بالتعاطي مع الملفات المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي :«مرسي لم يستطب المعركة التي تدحرجت إليها حماس حيال إسرائيل في شهر تشرين الثاني. من زاوية نظره، هذا عدم مسؤولية من جانب حماس في ضوء المصالح المنشودة من حركة الأخوان المسلمين التي ترسخ حكمها في مصر. في أعقاب ذلك لا يسارع مرسي إلى فتح المعبر بين مصر وقطاع غزة في رفح بعد انتهاء القتال. وذلك في الوقت الذي نجد أن غير قليل من المحافل في إسرائيل معنية بفتح معبر رفح كي تعتبر مصر مسؤولة عما يجري في قطاع غزة، وإلا تتهم إسرائيل بالحصار». ويستخلص ربابورت :« مهما يكن من أمر، فإن احتمال إلغاء اتفاق السلام من جانب مصر وخلق مواجهة عسكرية أو سياسية مع إسرائيل في أثناء 2013 هو احتمال صفر. بالمقابل، فإن المدى البعيد في كل ما يتعلق بمصر الإخوان المسلمين هو اقل تفاؤلا. حضور العامل الإسلامي تحليلات الصحف الإسرائيلية ورؤيتها للأحداث والتطورات للعام الجديد لاتختلف بالمطلق عما ورد آنفا لكن التركيز في هذه التحليلات حول العامل الإسلامي وحضوره في المشهد السياسي في المنطقة فتحت عنوان « السنة التي كانت: من ربيع عربي إلى شتاء إسلامي »كتب ايال زيسر في إسرائيل اليوم يقول :«اصطبغت سنة 2012 كالسنة التي سبقتها بصبغة الربيع العربي، وسيكون من يقولون انه شتاء إسلامي الذي زار منطقتنا. ومن الواضح منذ زمن أن ليس الحديث عن حادثة نقطية بل عن مسار تاريخي كانت نقطة بدئه الثورة في تونس في كانون الأول 2010 لكن ما يزال من غير الممكن ان نرى نهايته.توجد أماكن يمكن الحديث فيها عن «نهاية البداية» في الزعزعة التي جرت على دول المنطقة. في هذه الأماكن كمصر أو تونس بل ليبيا، انتهى بنجاح النضال لإبعاد المستبدين البغيضين وانقضى النظام القديم. لكن توجد أماكن كسورية لا يمكن الحديث فيها حتى عن «نهاية البداية». ونقول في النهاية انه توجد أماكن كالممالك العربية ولا سيما الأردن أو حتى دول الخليج حتى لم يبدأ فيها الربيع العربي برغم الغليان الذي يتم الشعور به في الشوارع. ان الأردن مثلا قد يكون، وذلك لغير صالحه ومن المؤكد انه لغير مصالح إسرائيل الواضحة، قد يكون بطل الربيع القريب أو ربما ذاك الذي سيأتي على أثره. لكن حتى في الأماكن التي أُسقط فيها حكام الماضي يتبين ان النضال لم ينته بل ما يزال في ذروته. ولم يعد هذا نضالا للحاكم البغيض بل أصبح نضالا لملء الفراغ الذي نشأ في أعقاب سقوط نظم حكم الماضي وهو في الأصل نضال عن الوجهة والطريق التي ستسير فيها الدولة والمجتمع – في تونس وليبيا ومصر. وهو صراع بين التيار الإسلامي الذي يريد للإسلام ان يحكم حياة الدولة والمجتمع وبين الدوائر العلمانية التي تريد التحرر والحرية لا من الحاكم المستبد فقط بل من سلطة الفقهاء أيضا. كانت 2012 «سنة مصر» لأنه في هذه الدولة انتقلت السلطة الفعالة إلى ممثل الإخوان المسلمين محمد مرسي. لكن الصراع حتى في هذه الدولة ما يزال بعيدا عن الحسم كما شهدت الأحداث العنيفة في شوارع القاهرة في الأسابيع الأخيرة. وبدوره كتب الوزير السابق زلمان شوفال حول آفاق التعامل مع الملف النووي الإيراني :» تكثر الدلائل على ان 2013 ستكون السنة التي يُحسم فيها أمر هل يكون لإيران قنبلة ذرية. يرى كثيرون في واشنطن ان الرئيس اوباما سيضطر في الأشهر القريبة إلى ان يبت هل يسمح لطهران بإحراز هدفها أم يوقفها ويشمل ذلك استعمال الخيار العسكري الذي التزم به ضمنا على الأقل. اعتماد سياسة الاحتواء يدعو معارضو عملية عسكرية من إسرائيل أو من الولايات المتحدة اوباما إلى أن يقرر سياسة «احتواء»، أي ان يتم تمكين الإيرانيين لعدم وجود مناص من التوصل إلى قنبلة ذرية لكن مع منعهم استعمالها إما باقتراح «قطع حلوى» على اختلافها وإما بتهديدات تشمل تهديدات عسكرية في المستقبل. ويزعم أنصار الاحتواء ان عملية عسكرية لن تجعل انطلاق طهران الذري ببطء أكثر من سنتين وأن ذلك سيفضي إلى فوضى في الشرق الأوسط ويعزز تأييد الشعب الإيراني لقادته ويزيد في الوقت نفسه في موالاة طهران عند الجمهور العربي. ويصعب ألا نرتاب في ان أنصار هذا التوجه يرون ان إسرائيل هي «الشخص السيئ» أكثر من إيران. ثم يخلص شوفال في نهاية مقاله :«ربما من اجل تقوية الجهات الأمريكية والدولية التي تعارض عملية عسكرية، أُشيع ان إيران ضاءلت بإرادتها تخصيب اليورانيوم، والى جانبها أنباء عن اتصالات دبلوماسية سرية بين واشنطن وطهران. وينبغي ان نفترض ان هذه وتلك ترمي بالنسبة للإيرانيين إلى كسب وقت وتنويم تيقظ العالم. وستضطر إسرائيل في أقرب وقت لإجراء حوار مكثف مع حليفتها الأمريكية والفحص عن جميع الاختيارات التي تملكها. |
|