|
فضاءات ثقافية تتوزّع رواية «أن دبليو» إلى أربعة فصول، كل فصل يدور حول حياة أحد أبطالها، وهم شباب وشابات من لندن: لِيا، ناتالي، فيلكس، وناثان. وتصف سميث واقع هؤلاء الشباب الذين يحاولون التمرد على فكرة الجذور التي تشدهم إليها، إلى جانب أحداث تتراوح ما بين العبثيّ والحتميّ حول صدمة هؤلاء الشبان بواقعهم ومجتمعهم وسعيهم للحصول على واقع أفضل لكن دون جدوى. تتركز الأحداث الرئيسية حول نتالي وليا، وهما صديقتان من أيام الجامعة وبظروف حياتية متشابهة، لكن نتالي تنجو من دائرة الفقر، وتغدو محامية ناجحة، ثم تتزوج من رجل ثري يعمل في بنك، وتنجب طفلين، لكن حياتها جافة، وتتسم بالفراغ الروحي، لذا نراها تلجأ للقيام بعلاقات عاطفية عابرة. وفي مقابل نتالي تحضر صديقتها ليا، التي تعمل في وظيفة بسيطة، وتتزوج من رجل محدود الدخل، ولذلك تجد مشقة في تدبير شؤون حياتها المادية والعائلية، وتبدو طوال الوقت حانقة على الأوضاع الطبقية الجائرة، وتتعكر مشاعرها نحو صديقتها ناتالي. ولعل المثير في كتابة سميث أنها لا تطلق أي تقييم لأبطالها، بل تقدمهم في ظروفهم الواقعية، مع استدراجهم إلى مونولوج داخلي، تاركة للقارئ حرية الحكم على أفعالهم. يمكن القول إن العولمة الاقتصادية والسياسية تحتل مكانة بارزة في هذه الرواية، بل في كتابة سميث عموماً، إلى جانب وجود أشخاص من مختلف الانتماءات والأعراق.. اعتبر النقاد الإنكليز أن رواية سميث التي تستخدم فيها تقنيات جديدة في السرد تجريبية في الشكل والمضمون، إذ توجد فيها محاكاة لأسلوب فيرجينيا وولف من خلال وجود «تيار الوعي» مع تداعي الأفكار والمونولوج الداخلي، كما تأثرت أيضاً بجيمس جويس حيث تغوص الرواية في معالم المنطقة اللندنية التي تصفها بكل دقة، مع رصد الواقع المعيش لأبنائها في أدق تفاصيله المتعلقة بالمال والجنس، والعولمة. فالرواية تكشف تلاشي الإيمان بالثوابت، وتركز على التحولات الإيديولوجية خاصة بعد الانهيار الحالي للنظام الاقتصادي في بريطانيا. حظيت زادي سميث بشهرة عالمية، وتعتبر وجهاً من وجوه الأدب البريطاني الحديث ورمزاً له وتمثل الجيل الجديد من الكتاب في إنكلترا، بل وتعتبر إحدى الظواهر في عالم الأدب الإنكليزي. وصف النقاد زادي سميث قائلين: إن هذه الفتاة المبدعة والبديعة تخرج من عباءة تشارلز ديكنز، أعظم روائي بريطاني في القرن التاسع عشر» فازت روايتها «أسنان بيضاء» بجائزة الأورانج، وقد كتبتها وهي في الواحد والعشرين من عمرها وحققت بفضلها نجاحاً كبيراً. تنحدر زادي سميث من أب إنكليزي، وأم جامايكية، وعاشت حياتها في شمال لندن، وسط خليط عرقي وثقافي متنوع. ربما لهذه الأسباب نجد أسئلة الجذور والهوية موجودة بوضوح في رواية «أسنان بيضاء»، خاصة حول الأشخاص المهاجرين من أوطانهم، إلى أماكن أخرى، لذا إن المحور الرئيس في كتابة سميث هو كيف تحقق التوازن بين المكان الذي أتيت منه، والمكان الذي تعيش فيه. حازت «أسنان بيضاء» عدة جوائز منها جائزة الغارديان للكتاب الأول، وتم تحويلها إلى سلسلة تلفزيونية قصيرة من إنتاج هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».. الجدير بالذكر أن زادي سميث تعيش حالياً في نيويورك، متفرغة لكتابتها، ولتربية طفلتها، ولمحاضراتها حول الكتابة الإبداعية. |
|