|
فلك
أطلق أجدادنا تسمية (طريق اللبن) وباللغة الدارجة في بلاد الشام (طريق الحليب)على البساط النجمي الممتد الذي يقطع السماء برمتها من الأفق إلى الأفق، والذي شاهدوه بلون أبيض. ولكن بصر الإنسان لا يكون حساساً للضوء في الظلام، وهناك أجزاء من المجرة التي يميل لونها للأصفر أو الأحمر مقارنة بالخلفية البيضاء التي يميل لونها للازرقاق. ولا يمكن لعين الإنسان أن تميز هذه الدرجات في الظلام، ولكن الأجهزة الحساسة أو الصور الفوتوغرافية يمكن أن تكشف هذه الاختلافات. حين ننظر إلى المجرات الأخرى فنحن نراها من الخارج بشكلها الكامل، وبالتالي يمكن لنا دراسة ضوئها وتركيبها بشكل مفصل، ولكن الأمر مختلف بالنسبة لمجرة درب التبانة، فنحن عاجزون عن رؤيتها من الخارج ودراستها بشكل كامل. ولا يمكن لنا إلا أن نشاهد المناطق القريبة منا من هذه المجرة لتحديد كيف يبدو لونها بشكل إجمالي. ولذلك يبدو أن الطريقة الوحيدة لمعرفة اللون الحقيقي لدرب التبانة هو النظر إلى المجرات الأخرى التي تشبه مجرتنا بالنسبة للبنية والتركيب العام، وخصوصاً الكتلة الإجمالية، درجة الحرارة، ومعدل تشكل النجوم في المجرة. ومن خلال هذه الطريقة يمكن للعلماء وضع منحنى بياني يظهر تبدل لون المجرة حسب خصائصها الفيزيائية المختلفة مقارنة مع المجرات الأخرى. وبالنتيجة فإن مركز المجرة يظهر أكثر اصفراراً، أما المناطق المحيطية منها ضمن الأذرع الحلزونية فهي تميل أكثر للون الأزرق. أما اللون الإجمالي للمجرة من بعيد فسيكون أبيض مائلاً للزرقة. وبما أن الحليب يمتلك نفس هذا اللون الأبيض المائل قليلاً للزرقة، فإن تسمية «الطريق اللبنية» هي تسمية دقيقة للغاية. ولكن هذه الصورة ستتبدل في المستقبل، حيث سيتراجع معدل تشكل النجوم الجديدة خلال مليارات السنين، وبذلك فإن المناطق الزرقاء ستبدأ بالتحول تدريجياً إلى اللون الأصفر والبرتقالي، وبالتالي فإن المجرة ستظهر هرمة، وربما يطلق عليها اسم آخر في ذلك الوقت. |
|