تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«أيام» أردوغان وعنق الزجاجة

الافتتــاحية
الأحد 6-1-2013
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

منذ بداية الأحداث وأردوغان يطلق «حديث الأيام» المعدودة، تارة يحددها بعدة أسابيع وفي أغلب الأحيان ببضعة أيام، يغيب بعدها لأشهر وقد بلع لسانه، وحين يعود، يطل علينا بما لقنه له أسياده من تقولات أو بما أملته عليه أوهامه من نفخ في القربة المثقوبة.

كلما حضرت معدودات أردوغان كان اليقين يزداد بأن المأزق الذي يواجهه مرتزقته وصل إلى الذروة، وأن ما يتفوّه به ليس أكثر من محاولة يائسة لرفع معنوياتهم وضخ جرعة إضافية لدى إرهابييه.‏

واليوم لا يختلف عما قبله، وليس هناك ما يمكن إضافته إلى ما تحمله تقوّلاته الأخيرة، وقد باتت مؤشرا يمكن من خلاله تلمّس تداعيات ما يجري على الأرض وصداه لدى أردوغان وزمرته، خصوصاً حين يتناغم مع أصوات اعتادت الغياب لأشهر هي الأخرى، في تنفيذ حرفي لأمر العمليات الجديد بنسخته المعدلة أميركياً، والمنقحة إسرائيلياً.‏

عنق الزجاجة الذي يضغط على أردوغان ومعه جوقة التآمر لم يعد استنتاجاً ولا هو تحليل بقدر ما تعكسه الوقائع والمعطيات وتفرزه المواقف والأدوار، وبات يضغط أكثر من أي وقت مضى، وقد شهد الجميع أن كل ما كذب به أباطرة العثمانية الجديدة وما ذهب إليه نواطير المشيخات، وما افتروا، وكل الأوهام التي ساقوها والوعود التي أطلقوها، ذهبت كغيرها وروزنامة المواعيد كانت تتبدّل بتبدّل الهواجس وتتغيّر بتغيّر المخاوف، وأحياناً تبعاً للحاجة والأولويات.‏

بالطبع لم يكن أردوغان وحده في هذه الرزونامة ولا هم فقط حراس البوابات في محميات الخليج ومشيخاته، بل سار على الدرب قبلهم وبعدهم ساسة ورؤساء ووزراء غربيون كثر، بعضهم ذهب قبل أن تأتي الأيام المعدودة وبعضهم ينتظر دوره في الرحيل، وآخرون لا يزالون يحصون أيامهم، فيما البقية الباقية تعدّ العدّة لما تبقّى من تواريخ لم تأت حتى الآن.‏

منذ البداية كان يتضح حجم رهانهم الخاسر وكانت تتبلور إلى العلن مآزقهم جماعات وفرادى، كذبوا في البداية كما في النهاية، وافتروا قبل بداية الأحداث وبعدها وأثناءها، أطلقوا وعوداً وحددوا تواريخ جميعها كانت واهمة وكاذبة، ورّطوا العالم وتورّطوا في آتون كذب لم يتوقف، وفي المحصلة وحدهم من سيدفع ثمن الكذب وضريبة الافتراء.‏

يستطيع اردوغان أن يخرج ليجرب صوته أو ليختبر إن كان لسانه الذي ابتلعه لمرات لا يزال صالحاً لمزيد من الكذب والخديعة، لكنه لم يعد بمقدوره أن يخدع شعبه ولا أن يتخفّى بجلباب المشيخات التي تحالفت معه، ولا أن يحتمي بباتريوت الناتو، وقد انكشف أمام شعبه، والأصوات التركية الرافضة لمنطقه ودوره والداعية لمساءلته عمّا جرّه ويجرّه على تركيا تعلو أكثر من أي وقت مضى.‏

يدرك أردوغان سواء أكان بطربوشه العثماني أم بكوفية المشيخات، كما يدرك العالم أجمع أن ما يقوله لم يعد يجد أذناً مصغية فلا هو قادر على تحريك مياهه الآسنة، وفي الوقت ذاته لا يستطيع أن يخرج من القاع الذي يغوص فيه، ويدرك أيضاً أن تواريخه لا تتطابق مع الزمن، ومواعيده لا معنى لها ولا مصداقية، وحتى مرتزقته وإرهابييه سمعوا هذا الكلام مراراً وتكراراً إلى درجة الملل، والأهم أن من سبقه لعق ما تفوّه به ورحل أو في الانتظار، وهو على الطريق ذاته عاجلاً أم آجلاً.‏

a.ka667@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية