تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عكا .. نار تحت الرماد

ترجمة
الأحد 19/10/2008
ترجمة: ليندا سكوتي

مرة أخرى سيعود معسكر اليسار الاسرائيلي لمناقشة ميزانيات السلطات المحلية, وسيبحث حالة الحرمان التي يعيشها العرب في داخل (إسرائيل) باعتبارها السبب الرئيس للتوتر الحاصل في عكا وسيعيد الكرة معسكر اليمين بتقديمه احصاءات عن ضلوع العرب في (إسرائيل)

بهجمات(ارهابية) ويحذر من تنامي الشعور القومي لديهم , الذي يدفع بهم لمجابهة اليهود, وسيطالب اليسار بزيادة الانفاق لوقف الاضطرابات في عكا قبل انتقالها إلى المدن التي يقطنها اليهود والعرب معا, وسيطالب اليمين بأن يعاقب المحرضين في عكا بشدة ليكونوا عبرة لسكان يافا, وفي كل الأحوال, فإن كلا من المعسكرين يسعى لتحقيق مصالحه بأفضل الوسائل التي يراها مناسبة له.‏

ليس من الضرورة بمكان أن تكون ضليعا في علم الاجتماع لتتفهم ما يعانيه العرب في الداخل الاسرائيلي من تمييز عنصري, خاصة من حيث الأمور المتعلقة بالخدمات والبنى التحتية والتعليم والتوظيف ما يوغر صدورهم تجاه الأغلبية من اليهود.‏

وقد تبين من الانتقاضة الأولى والتي هبت في الأراضي الفلسطينية نهاية عام 1987 عجز سياسة العصاو الجزرة التي اتبعتها (إسرائيل), والاعلان عن الانخفاض في عدد وفيات الأطفال والتحسن الملحوظ في مستوى المعيشة (مقارنة بالوضع الذي كان سائدا إبان فترة الحكم الاردني) كلها لن تفضي إلى خلق المحبة والوئام مع الصهاينة.‏

أكد الواقع عدم نجاعة الأساليب القمعية التي تتبعها (إسرائيل) من حيث لجوئها إلى اغتيال قادة حماس في الضفة الغربية والقدس واعتقال العديد من ناشطي الحركة واغلاق المؤسسات الخيرية التابعة لها, كلها لن تفضي إلا إلى تنمية الدعم لهذه المنظمة, وتزايد التأييد لها بين صفوف الشباب, الأمر الذي يؤكد أن كل الأجراءات التي تمت في القدس من حيث ضم الأراضي والتحكم والسيطرة على السكان واعتقال الكثير منهم وبناء حاجز الفصل وفرض القيود على الهجرة كلها لم تكن بالوصفة الناجعة لتحقيق الأمن, إذ كيف يتسنى ايجاد التعايش بين الأطراف في ظل تلك الظروف المجحفة, وفضلا عما ذكر ثمة 104 سجناء تم القاء القبض عليهم للاشتباه بضلوعهم بعمليات ارهابية في نهاية شهر أيلول بينما كان هذا العدد 37 في عام 2007.‏

إن التهديدات التي اطلقها آفي إيتان وانصاره من اليمين المتطرف ودعا بها إلى مساءلة العرب في عكا لم تفض إلى تحسين الأجواء في هذه المدينة , بل جعلت العرب ينظرون إلى أولئك الشباب بصفتهم ابطالا من هذا الزمان, كما لن يكون لدعوة اليسار إلى انصاف الأقلية العربية وقع يحول دون لجوئهم إلى التظاهر والاحتجاجات العنيفة, علما أن التوزيع العادل للثروة القومية لن يضر بالأغلبية, كما أن اتخاذ موقف عادل بشأن مشاريع البناء في التجمعات العربية قد يساعد في جسر الهوة بين الإدارة الإسرائيلية وجيل الشباب الذي يعاني من نقص في مساحات الأراضي المخصصة لهم للبناء, ويضاف إلى ذلك معاناتهم بمختلف فئاتهم سواء أكانوا علمانيين أم مسلمين أم مسيحيين من عدم توفر السيولة المالية لديهم الأمر الذي يحول دون شعورهم بالانتماء للدولة اليهودية.‏

إن عدم حصول العرب في اسرائيل على حقوقهم, واعتبارهم مشكلة ديمغرافية جعلهم يتمسكون بهويتهم, وخاصة من حيث انتماؤهم القومي وروابطهم الأسرية والاجتماعية مع الفلسطينيين الذين يعيشون في الجانب الآخر, يضاف إلى ذلك ما حصل من تشويه في مسار الخط الأخضر, وضم للأراضي بحيث أصبحت المنطقة الواقعة بين ساحل عكا وضفاف نهر الأردن منطقة مختلطة سكانيا ما جعل من اسرائيل دولة ثنائية القومية, وكيانا يفتقر للديمقراطية الحقة.‏

سبق وأن جرت دراسة في عام 1976 تبين منها أن 45% من العرب في اسرائيل قد عرفوا أنفسهم بأنهم من أصول فلسطينية, لكن الدراسات التي اجريت بين عامي 1985 و 1999 بينت ارتفاع تلك النسبة لتصبح ثلثي الذين تم استطلاع آرائهم , حيث رفض الكثير منهم تسميتهم بعرب اسرائيل وطالبوا أن يطلق عليهم اسم ) الفلسطينيين(.‏

إن ما حدث جراء اغتيال اسحاق رابين, وخيبة الأمل من اتفاقيات اوسلو, وقيام الانتفاضة الثانية أثار الكثير من التوترات بين العرب والاسرائيليين في الوقت الذي زاد به التواصل بين العرب في اسرائيل وسكان الأراضي المحتلة وزاد به الشعور بالانتماء القومي خاصة بين جيل الشباب.‏

توصلت لجنة أور التي حققت في أحداث تشرين الأول عام 2000 إلى أن الأغلبية العظمى تفضل التوصل إلى سلام دائم وتحدوهم الرغبة في تأسيس دولة فلسطينية مستقلة, ويرون أن السياسة الاسرائيلية هي من تضع العراقيل في وجه قيامها.‏

اشار تقرير لجنة اور ( الذي جرى اهماله) إلى ما قاله عضو الكنيست عبد العزيز الزعبي ) دولتي تخوض حربا ضد شعبي( وعليه فطالما يوجد اعتقاد أن الدولة تخوض حربا ضدهم (أي الفلسطينيين) فإن شرارة تتقد في يوم الغفران قد تكون كافية لاضرام حريق لن يتسنى لأحد اطفاؤه بأي وسيلة سواء أكانت سلمية أم قمعية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية