|
هآرتس وإذا انضم إلى حكومة ليفني سيتعفن وسيذوب وكأنه مجرد دائرة في كاديما. وإذا بقي خارجاً واختار الانتخابات, سيعاقبه أنصاره على إعادته بنيامين نتنياهو إلى السلطة. حزب العمل لايملك اليوم أي رسالة تميزه في نظر الجمهور, أي علم يرفعه أمام أعين الناخبين, كاديما سرق منه الوجه الأمني إضافة إلى الاعتدال السياسي, وطرح نفسه كحزب المفاوضات, إزاء الليكود الذي يعارض المسيرة السلمية, وخلال مقابلة إيهود أولمرت مع يديعوت أحرونوت والتي دعا فيها إلى الانسحاب من كل المناطق تجاوز معظم زعماء العمل. فهم لايملكون طروحات أكثر يسارية, حتى النخبة المميزة في معهد وايزمن لم تتمكن من تحديد الفوارق الايديولوجية بين السياسيين في الحزبين الكبيرين, وبأي شيء يختلف كل من أولمرت وليفني وحاييم رامون ومئير شطريت عن باراك وبنيامين بن اليعزر واسحق هيرتسوغ وعامي ايالون? كيف نفرق بين عمير بيرتس وآفي ديختر, بين روني بار أون ومتان فيلنائي? في مثل هذا الوضع لاشك أن باراك وجد صعوبة في طرح مطالب ائتلافية إلى أن وجد زيادة الميزانية ب 2.5 في المئة , عفواً, ماهذا? كم من الجمهور يفهم عما يدور الحديث? ومن سيزج نفسه في كفاح في سبيل هذا الهراء?. الفقاعة الكبرى التي أحدثها آرئيل شارون في تشكيله حزب كاديما كانت في البداية كضربة مميتة لليكود الذي فقد جزءاً هاماً من قادته وتقلص إلى 12 مقعداً, لكن النتيجة كانت عكس ما كان متوقعاً. لقد تمسك الليكود بمبادئه ورمم نفسه في المعارضة, بينما أخذ العمل في التلاشي, ومثل البكتريا القاتلة سيطر كاديما بسهولة على ذخائر شريكه الائتلافي, على البرنامج السياسي والأمني وعلى طريقة الانتخابات التمهيدية وعلى تقدم النساء, والأهم- على نواة الناخبين والمتبرعين, الاشكناز والأغنياء, الذين فروا من العمل بسبب عمير بيرتس إلى أحضان كاديما, والمتقاعدون عشقوا الآن تسيبي ليفني ولايريدون العودة, ليس لدى العمل مايعرضه عليهم. كيف نصدق أن حزباً من الفارين جاء على الموضة مثل كاديما سيرث العمل مع كل تاريخه في إنشاء (إسرائيل)? في لحظة الحقيقة, كما يحاول مؤيدو الماضي أن يهدئوا الناس, سيصحو الجمهور ويعود إلى الأصول, وهم يذكرون بأن العمل نجا من ثورة داش (الحزب الديمقراطي للتغيير برئاسة يغئال يدين) في السبعينيات, وسيجتاز أيضاً أزمة كاديما, ولكن الاستطلاعات تقول خلاف ذلك, وتضع حزب العمل على الرف إلى جانب العلامات التجارية مثل )آتا(, والقناة الأولى التي سيطرت ذات مرة على السوق الإسرائيلية, إلى أن هجرها المستهلكون. الأحزاب السياسية ليست مؤبدة, ومن يذكر الصهاينة العموميين, الذي قادوا المعسكر الشرقي في عهد الوجود السكاني هييشوف , وبعد إقامة الدولة عرضوا بديلاً عن مباي بن غوريون? الحزب التقدمي الذي سيطر لسنوات عديدة في وزارة العدل? حزب مبام مع حركة الاستيطان, الاشتراكية وإخوة الشعوب? كلها أحزاب اندثرت أوابتلعتها أحزب أخرى وهذاكما يبدو سيحدث لحزب العمل أيضاً?. هذه الظواهر ليست خاصة بالأحزاب في (إسرائيل), وهي معروفة أيضاًفي دول ذات أنظمة أكثر استقراراً, الحزب الليبرالي كان حزب اليسار البريطاني على مدى نحو مئة عام, وأنجب زعماء مثل غولدستون ولويد جورج, وحتى تشرشل الأسطوري فر إليه لبضع سنوات من حزب المحافظين, وها هو, بعد وقت قصير من الحرب العالمية الأولى يتلاشى ليرث مكانته حزب العمال, وكان لهذا التلاشي عدة أسباب, تنظيمية وشخصية واجتماعية, ولكن لحظة الحقيقة لديهم تذكر بالمعضلة التي يعيشها باراك اليوم, لقد وضعت انتخابات 1923 روبرت هنري اسكويت, زعيم الليبراليين في موقع متوج الملوك, ويقال عنه إنه فضل منح الحكم للزعماء غير المجربين من العمال على أمل أن يفشل هؤلاء بسرعة, فيعود مقترعو اليسار إلى الليبراليين. وهكذا شق الطريق إلى حكومة العمال الأولى لرمزي مكدونالد, التي وإن كانت سقطت بسرعة, إلا أنها نجحت بالاحتفاظ بالناخبين وحتى وهي في طريقها إلى المعارضة, وصفت الليبراليين في انتخابات 1924. في إسرائيل بعد استقالة أولمرت, نجد باراك هو متوج الملوك, وعليه أن يختار بين ليفني ونتنياهو, بين النجمة غير المجربة والخصم الايديولوجي, وأياً كان اختياره, سيكون وزيراً للدفاع, ولكنه سيضحي بحزبه, ليس أمام العمل سوى فرصة واحدة للنجاة من القبر السياسي, فقط عندما تظهر ليفني كزعيمة ضعيفة غير قادرة على اتخاذ القرارات فتخيب أمال أنصارها الذين قد يصوتون حينئذ لحزب العمل. |
|