تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من الصحافة الإسرائيلية... يديعوت أحرونوت: يهودية تصرخ.. خذوا العرب من عكا..!!... التمييزضدالعرب حقيقة واقعة

ترجمة
الأحد 19/10/2008
أحمد ابو هدبة

أعادت الاعتداءات على المواطنين العرب في عكا وإحراق ممتلكاتهم والتصريحات العنصرية بحقهم قضية المواطنين العرب الفلسطينيين إلى واجهة الأحداث, وسياسات التمييز العنصري المتبعة ضدهم منذ إنشاء هذا الكيان على الأرض الفلسطينية,

إذ لم تعد هذه السياسات تتعامل مع أصحاب البلاد الشرعيين , أقلية قومية لا حقوق لها وحسب وإنما تعدت هذه السياسات لتطال كل شيء في حياتهم , حيث جرى تقسيمهم الى مسلمين ومسيحيين ودروز وبدو,بعد ان تم انتزاع الكثير من أملاكهم وبيوتهم وأراضيهم , وجرى تحويل الكثير منهم الى لاجئين في وطنهم,وفرض الكثير من القوانين العسكرية عليهم من اجل تحديد حركتهم والتضييق عليهم , بعد ان حولتهم سياسات التمييز العنصري على المستوى الاقتصادي والاجتماعي الى أجراء في سوق العمل اليهودي , وبعد ان طالت هذه السياسات جميع المناحي من تعليم وصحة وتشغيل والهدف من وراء ذلك كله ترحيلهم عن ديارهم بعد سلخهم عن قضايا شعبهم وأمتهم.‏

وكانت مدينة عكا قد شهدت مؤخرا سلسلة من الاعتداءات العنيفة على المواطنين العرب قام بها متطرفون يهود تحت حجة ان مواطنا عربيا قاد سيارته بعد حلول يوم الغفران على حد زعم المتطرفين اليهود وأحرق اليهود 21 منزلاً يقطنها عرب في عكا, كما منع يهود عائلات عربية غادرت منازلها خشية الاعتداء عليها, من العودة إليها, وسط دعوات عبر مناشير إلى طرد العرب ومقاطعة التجار منهم. وألقت الشرطة القبض على 45 شخصاً منذ بداية الأحداث, بتهمة التعرض للنظام العام, ما زال 21 منهم قيد الاعتقال.‏

وبحسب مصادر الشرطة ,اعتقل 54 عربيا حتى الآن شاركوا في المواجهات, وتم تمديد اعتقال نحو 20 منهم لأيام أخرى. وأعلنت هذه المصادر أنها تعتزم تقديم لوائح اتهام ضد عدد من المعتقلين.‏

وحذر المفوض العام لشرطة الكيان بأن الشرطة ستتعامل بصرامة مع من اسماهم بالمخلين بالنظام للحيلولة دون المس بمواطنين أبرياء. وأضاف ان الشرطة ستستمر في الحوار مع القياديين في المدينة من اليهود والعرب لتهدئة الوضع.‏

واعترفت مصادر في شرطة الشمال: بأن النواة التحريضية في عكا مصدرها مجموعات يهودية متطرفة تدعو إلى تأجيج العنف في المدينة .‏

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية أن ضباط كبار في الشرطة قالوا: إن المسؤولين عن التحريض على العنف وحرق منازل عرب في عكا, هم زمرة من اليهود المتطرفين , وأعربت أوساط قيادية في الشرطة الإسرائيلية عن خشيتها من: أن يجر تحريض جهات يهودية يمينية متطرفة ضد العرب إلى اندلاع أحداث مماثلة في مدن مختلطة أخرى, وعليه نشرت الشرطة قوات إضافية في كل من يافا واللد والرملة .‏

ونقلت صحيفة هارتس أن: ثمة أنباء في المدن المختلطة تتردد عن نشاط تقوم به مجموعات يمينية متشددة بمشاركة مستوطنين تم إخلاؤهم من قطاع غزة في إطار خطة فك الارتباط قبل ثلاثة أعوام, يهدف إلى الاستيطان في المدن المختلطة لمنع أي خلل في الميزان الديموغرافي في هذه المدن.‏

وأضافت هارتس: هذا الأمر حدث في عكا, حيث جلب نحو 200 مستوطن من اليمين المتطرف وافتتاح معهد ديني يهودي متزمت في المدينة فيما استمرت منظمات وهيئات يمينية متطرفة في عكا توزيع منشورات عنصرية ضد العرب مثل الموت للعرب وأخرى تدعو الى مقاطعتهم تجارياً بعدم التسوق في البلدة القديمة.‏

وطغت أحداث عكا والاعتداءات المتكررة على المواطنين العرب على جدول أعمال حكومة اولمرت المستقيل وجميع وسائل الإعلام الإسرائيلية وخاصة الصحف ,فقد قال اولمرت أمس إنه أصدر أوامره للشرطة : بعدم إبداء أي قدر من التسامح مع مثيري الشغب في مدينة عكا والعمل على إعادة النظام إلى نصابه. وأضاف في مستهل جلسة حكومته الأسبوعية انه يتعين على الأقلية العربية في إسرائيل, التي تشكل نحو 20 في المئة من السكان, أن تجد لنفسها مجالاً لتكون جزءاً من الجمهور, لكنه جزء من قواعد الحياة المتبعة في دولة ديموقراطية.‏

وقال لوفد من فلسطينيي ال48 : لقد قررت انه يتعين ان أغير هذا الوضع. ان أعمال الشغب في تشرين الأول عام 0002 (إشارة الى اندلاع انتفاضة الأقصى): كانت حدثا ذا مغزى تاريخي في العلاقات بين العرب واليهود في الدولة... لا سلطة لي أو النية لتغيير أو إعادة النظر بقرار المدعي العام, لكن يحق لي ان أشارككم ألمكم وحزنكم , ... وأن إسرائيل دولة يهودية, ولكنها ديموقراطية أيضا.‏

هذا يعني انه على كل مواطن, وإن كان غير يهودي, ان يشعر بأنه ينتمي إليها ...وبلا شك انه لسنوات طويلة حصل تمييز بحق السكان العرب لأسباب عديدة ومتعمدة... اعتبر الأمر غير مناسب .‏

بدوره صرح وزير الحرب باراك خلال اجتماع عقده لوزراء حزبه : إنه يجب العمل على إعادة الحياة إلى طبيعتها في عكا ) وطالب بالاستمرار بالإجراءات لافتتاح مهرجان المسرح ا السنوي الذي قررت سلطات المدينة منعه هذا العام نتيجة لأعمال الشغب على حد تعبير الناطق باسم بلدية المدينة.‏

الصحف الإسرائيلية , كعادتها حاولت ان تصور ما حدث في عكا وكأنه حدث قام به شبان يهود متطرفين وليس تعبيراعن سياسات عنصرية فقد وصفت صحيفة هآرتس,بداية الأحداث يوم الأحد 12/10/2008: أنه بعد ساعات قليلة من حلول مساء أمس, خرج مئات الشبان اليهود واصطدموا مع قوات الشرطة في الحي الشرقي. وراح الشبان اليهود يلقون الحجارة باتجاه أفراد الشرطة والمواطنين العرب.‏

ووصل منفذو أعمال الشغب إلى بيت عربي في الحي وأضرموا النار فيه بإلقاء زجاجة حارقة عليه. وكان البيت خاليا من أصحابه, الذين نزحوا عن الحي مع بدء المواجهات ليلة يوم الغفران, الأربعاء الماضي.‏

وأصيب في أعمال الشغب هذه, التي لم يكن العرب طرفا فيها, ثلاثة شبان يهود واعتقلت الشرطة عددا منهم. وبلغ عدد الشبان اليهود الذين اعتقلتهم الشرطة يومي الجمعة والسبت حوالي الأربعين. لكن تم إطلاق سراح عدد منهم لكونهم قاصرين .‏

وبدورها وصفت صحيفة يديعوت أحرونوت ما قام به سكان الحارة الشرقية اليهود من الحي القديم في المدينة بقولها : إن سكان هذه الحارة اليهود هم بغالبيتهم من المهاجرين المتشددين من بلاد القوقاز. وقام هؤلاء برشق أفراد الشرطة والعرب بالحجارة. ونجح بعضهم مساء أول أمس في إشعال النيران في بيت عربي في الحي نزح عنه أهله مع اندلاع المواجهات الخميس الماضي, وهو البيت العربي الرابع الذي يتم حرقه. كما تم حرق سيارة تبين أنها ليهودي. ونقلت الصحيفة عن امرأة يهودية قوقازية في الحي قولها:‏

خذوا كل العرب من هنا... لقد أدخلوا القرف إلينا . وتحدثت الصحيفة عن نزوح 15 عائلة عربية من أحد أحياء المدينة الذي تسكنه غالبية يهودية.‏

وفي السياق نفسه نقلت بعض الصحف الإسرائيلية أن نشطاء يهود وعرب في مدن مختلطة أخرى, وخاصة في مدن اللد والرملة ويافا,أعربوا عن مخاوفهم الكبيرة من انتقال المواجهات والاعتداءات على العرب إلى هذه المدن.‏

وأن مخاوفهم :أن يؤدي حدث محلي وضيق إلى إشعال فتيل مواجهات واسعة بين العرب واليهود .‏

ونقلت هارتس عن مدير عام مؤسسة )صندوق اللد , أفيف فاسرمان, قوله : إننا لا نتحدث هنا عن مُثل التعايش. الوضع قابل للاشتعال, وثمة تخوف من أحداث عنيفة أكثر مما يحدث في عكا . ورأى فاسرمان أن أحداث عكا ينبغي أن تشعل ضوءا يحذر كل من له علاقة بذلك وهناك جهات كثيرة جدا تجلس على الجدار, وعليها أن تعمل الآن, بما فيها الحكومة والمنظمات الاجتماعية. ينبغي الاستثمار في المدن المختلطة بالذات .‏

وأفردت تحليلات الصحف العبرية حيزا كبيرا لما حدث في عكا وتحت عنوان عكا تحترق صورت هارتس الأحداث في المدينة بقولها : مثل اسم الفيلم الأميركي الشهير مسيسبي تحترق , الذي يصور عنصرية البيض ضد السود .‏

فيما وصف جدعون ليفي الكاتب بالصحيفة نفسها,عكا بأنها البوسنة الصغيرة. مضيفا أن عكا لا تشبه البوسنة فقط, وإنما تشبه نابلس أيضا, ففي كل ركن فيها يوجد حاجز . وأشار ليفي إلى أن إحدى المباني في حي الحجي تضم 32 شقة تسكن فيها ثلاث عائلات عربية و29 عائلة يهودية من أصل قوقازي. العائلة العربية سميري تسكن إلى جانب (العائلات القوقازية) شِمطوف, شموئيلوف, يعكوفوف ورحمانوف, والبوسنة هنا.‏

وقال ناحوم بارنيع في يديعوت :إن قصة الرعب في ليلة الغفران(عيد الغفران) آخذة بالتعاظم في كل مرة تناقلها سكان الحي الشرقي مجددا في إشارة من الكاتب الى المبالغة في التحريض على العرب. ويصف بارنيع هذه المبالغة التي تقف وراءها دوائر عنصرية يهودية بقوله: الآن أصبحوا متأكدين من أن هذه كانت مؤامرة تم التخطيط لها سلفا.‏

ولم يكن هناك سائقا واحدا وإنما عدة سائقين. ولم يسافروا بسيارتهم وحسب وإنما كانوا يشتمون. والجموع العربية لم تكسر الزجاج ودمرت فقط وإنما تسببت بإصابات بالغة لليهود.‏

وخلص بارنيع الى أن مرشحين لانتخابات المجلس البلدي, واحد قوقازي والآخر ينتمي إلى حزب الملياردير اليهودي الروسي الأصل, أركادي غايدماك, يحاولان بناء شعبيتهما من خلال الغضب في الشارع اليهودي. ونقل عن مواطنين يهود قولهم إن القرار بإلغاء مهرجان المسرح هو قرار جيد للغاية لأنه سيمس جيب العرب .‏

جاكي خوجي المستشرق اليميني يصف أيضا ما اسماه أعمال الشغب في عكا وخاصة في الحارة العربية الشرقية في مقال له في هارتس بقوله : بدت عكا في نهاية الأسبوع كمدينة محصنة ألاف من إفراد الشرطة انتشروا في نقاط الاحتكاك المركزية ونصبوا الحواجز. البلدة القديمة, التي بشكل عام تعج بالناس في أيام السبت بدت فارغة تماما باستثناء بعض السياح, الصحافيين والفنيين الذين عملوا على تفكيك المعدات التي كانت مخصصة لمهرجان عكا للمسرح الذي كان سيفتتح هذا الأسبوع والغي بقرار من رئيس البلدية شمعون لانكري ,إلغاء المهرجان سيلحق بالغ الضرر برزق تجار المدينة العرب, الذين تعد مداخيلهم في هذه الفترة هي الأكبر طول السنة. ويضاف الى ذلك الإبطاء المتوقع في السياحة في المدينة.‏

في موقع الانترنت الذي أقامه مؤيدو المشاغبين اليهود نشر أمس نداء بمقاطعة التجار العرب و الدخول الى مناطق العرب بالقوة(. قسم من سكان عكا العرب ادعوا بان قرار إلغاء المهرجان هو خطوة عقاب من جانب رئيس البلدية. مندوبون عرب ويهود من الجمعيات العاملة في المدينة دعوا لانكري للتراجع عن قراره. احد البيوت التي أحرقت يعود الى صبحي مرسي من سكان الحي المختلط.‏

وروى مرسي أمس قائلا: كل مالي استثمرته في هذا البيت والآن كل شيء تحطم. ولكني أعد بإصلاحه وترميمه للعودة للسكن هنا مع زوجتي وأولادي(. وأضاف: )الكل يظن أن اليهود فقط تضرروا في الحي الشرقي ولا يولينا احد أي اهتمام . ويوم السبت التقى مرسي مع ممثلي الجمهور العربي بما فيهم زعيم الجناح الشمالي في الحركة الإسلامية الشيخ رائد صلاح الذي وعد بمساعدة العائلات العربية التي تضررت بيوتهم .‏

بن درور يميني يرى في يديعوت احرنوت : ان ما يحصل في عكا ليس ظلما ولا إهمالا كما يروي لنا الكذابون. ففي السويد أيضا لا يوجد تعايش , هذا نزاع قبلي وثقافي وهو مرض عالمي عضال .هذه الساعة الكبرى للكذابين. مسألة عادة. أولم يقولوا هذا ألف مرة ومرة? وسيقولونه مجددا. سيروون لنا الان ان كل شيء بسبب الظلم. بسبب الإهمال.‏

بسبب تراكم متعدد السنين للاستياء. ومثلما هو دوما مع الأكاذيب المتطورة, يوجد هنا نواة من الحقيقة. عرب إسرائيل عانوا ويعانون من الظلم, من الإهمال, من دونية الميزانيات. ولكن لا توجد أي صلة بين الاضطرابات في عكا وبين الإهمال. الإهمال هو ذريعة جيدة. مناسبة أخرى للطمس. حقيقة صغيرة في خدمة كذبة كبيرة. والحقيقة البسيطة والمعروفة, وان لم يكن هذا من السلامة السياسية قوله, هي ان الاضطرابات تندلع بسبب القبلية. توجد هنا قبيلتان. وهما لا تتدبران.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية