تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أطماع أردوغان والتواطؤ الأميركي

إضاءات
الأربعاء 5-11-2014
أحمد عرابي بعاج

مع مرور الوقت ومنذ تشكيلها الحلف لمحاربة الإرهاب على حد زعمها ما زالت واشنطن تحاول أن تظهر بصورة من يتخبط ويفقد اتجاه البوصلة وكأنها لا تعرف إلى أين تذهب في حربها المزعومة على داعش.

فالضربات الجوية محدودة التأثير ولم تثن التنظيم الإرهابي عن الاستمرار في عدوانه على المزيد من الأراضي العراقية ومحاولة الدخول إلى مدينة عين العرب التي حال دونها المقاومة الشعبية.‏

لم يستطع البيت الأبيض لجم تهور أردوغان الذي ما زال يسعى للمغامرة والمقامرة خاصة بعد سماحها للعناصر الأجنبية والمرتزقة التي ترعرعت على أراضيها بالدخول إلى عين العرب، في محاولة لتجريب ما تستطيعه لإحداث تغيير في قواعد اللعبة الأمريكية لتأديب داعش، فأردوغان وحكومته يظهران بموقع المتمرد على ما خططت له دوائر البنتاغون فضحتها حالة التوافق مع واحدة من طلباته ولو جزئياً في صفقة مريبة مع واشنطن، لا تخلو من خبث ورغبة في استثمار غزوة داعش في العراق وتداعياتها على الأراضي السورية.‏

الولايات المتحدة لا يغيب عنها ما يفعله حليفها هولاند مع أردوغان وربما ينفذ دوراً بالوكالة باعتبار أنهما يتناغمان في الدور الوظيفي المرسوم لهما أمريكياً، وقد التقيا وتوافقا على استمرار العداء للدولة السورية ودعم رغبات أردوغان بدل كبح جماحه كما حاولت واشنطن أن توحي من اللقاء.‏

حديث هولاند عن أن معركة داعش هي في حلب تثير الريبة وما تبع ذلك من خطوات قام بها أردوغان في اليوم التالي لاجتماعه بهولاند، حيث بحث مجلس أمنه القومي وضع الحرب على سورية وبشر بأن داعش عينها على حلب وهذا ما يفضح سياسات أردوغان القادمة وأطماعه التاريخية في حلب كما كانت أطماعه في الموصل وكركوك التي لطالما حلمت بضمهم تركيا ولم تستطع ذلك والتي يريدها أردوغان أن تكون جائزته في حربه المعلنة على الدولة السورية.‏

فبعد تحالفها مع داعش باتت تركيا في الآونة الأخيرة تعتبر الجهة التي ربما لديها التأثير الأكبر على التنظيم الإرهابي، حيث أدى ذلك إلى تشجيعها على التمرد على أسيادها في واشنطن باعتبارها الأقرب إلى أرض المعركة أكثر من أي جهة أخرى.‏

ورغم ذلك تستمر واشنطن بالتراخي واللعب في مصير المنطقة دون حساب للزمن ولا لتداعياته القادمة، فهي لم تخسر شيئاً بل بالعكس ترى أن ما يجري هي حرب رابحة استراتيجياً ومرحلياً ومادياً أيضاً، فتكاليف الضربات الجوية والصاروخية تعهد بتسديدها شيوخ النفط والغاز الذين يدفعون الفاتورة تلو الفاتورة صاغرين وقابلين أيضاً، رغبة منهم بالانتقام ودفع المنطقة إلى الفوضى كما تريدها واشنطن تعزيزاً لتواجدها وإراحة للكيان الصهيوني من جيوش الدولتين العربيتين سورية والعراق، إضافة إلى قطع خطوط التواصل مع الحليف الإيراني وإبعاد شبح الحرب عن العدو الصهيوني الذي يسعى أن يكون بعيداً عن الجبهات المباشرة، حيث أوجد ملاذاً لجبهة النصرة والمجموعات الإرهابية ذات المسميات المختلفة على الحدود الجنوبية لسورية وقدم لها كل أشكال الدعم وينتظر ما ستفعله تركيا في مسألة إلحاحها لإقامة مناطق عازلة حيث تشجعه استجابة واشنطن أيضاً فيما لو استطاعت تركيا إقناع البيت الأبيض بهذه المغامرة بعيداً عن مجلس الأمن إلى طلب ذلك أيضاً على الحدود الجنوبية لسورية.‏

حتى الآن لم تقترب واشنطن من أي حل سياسي يعزز مبدأ مكافحة الإرهاب ويقي المنطقة والعالم من شره الذي يتمدد ويزداد تأثيره يوماً بعد يوم بقدوم أعداد كبيرة من الإرهابيين عن طريق تركيا التي أصبحت القاعدة الأخطر في الحرب على سورية والعراق معاً.‏

فأي حرب على الإرهاب مصيرها الفشل ما لم تبدأ بالضغط على حلفائها لوقف دعم الإرهابيين وأن تنتهي بقناعة واشنطن بالتأثير الأساسي لسورية في محاربة الإرهاب.‏

وحتى ذلك الحين سيبقى استمرار تعنت البيت الأبيض في رفض التعاون الدولي والإقليمي لمحاربة الإرهاب بجدية وإصرارها على اللعب في مصير المنطقة ورعاية مموليه وداعميه هو المشهد الحالي المسيطر في المنطقة إلى أجل غير مسمى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية