تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فعــــلاً تســـــتحق..

مجتمع
الأربعاء 5-11-2014
غصون سليمان

تستحق البيئة السورية أن يكون لها يوم وطني بامتياز .. بل أيام وأيام من العمل الجاد والمسؤول .. فالتنوع الحيوي الذي تشتهر فيه هذه البيئة بفصولها الأربعة ومناخها المعتدل،

‏‏

جعلت من البساط الأخضر على امتداد مساحة سورية بمثابة هوية وعنوان لقبلة الشرق وعاصمة الإنسانية سورية التي اختزلت الكون بطاقاتها وقدراتها ومكامنها الجمالية والروحية والإنسانية.‏‏

فمنذ الأزل اهتم الإنسان بالبيئة وكان متجذراً في فهم خصوصيتها ما تحت الأديم ومافوقه، فاشتغل وهندس وأجاد صناعة البناء مزيناً بذلك أسوار المدن والأحياء والضواحي بالحدائق والغابات والبساتين والمسطحات الخضراء.‏‏

‏‏

فالنباتات لها حكاياتها والأشجار لها قصصها والورود والأزاهير لها رواياتها.. إنه الإنسان الذي بيده يصنع المستحيل ويروض المعجزات، وحده من ينفخ بعد الله روح الحياة في العدم ، فنجده فلاحاً ماهراً وعاملاً نشيطاً ومهندساً بارعاً وطبيباً ناجحاً وأستاذاً ومعلماً ومحامياً مدرباً، كل ذلك في محيط الوسط البيئي الذي يعيش فيه الإنسان ويحيا..‏‏

وكما الإنسان بحاجة ماسة إلى بيئة طبيعية صحية ومناسبة كذلك البيئة بحاجة إلى نفس الإنسان وروحه وجهوده ليجدد ثوبها ويفرد خصوصيتها على تعرجات سهولنا وجبالنا وهضابنا فالتنوع الحيوي في بلدنا له من المحاسن الشيء الكثير حيث تنعم سورية بغابات خضراء طبيعية وأشجار حراجية قلّ نظيرها في الاقليم وتمتلك من الأعشاب والنباتات الطبية والعطرية الكثير من الخصوصية العلمية والدوائية والجمالية ، ولديها من النباتات الرعوية والموسمية مايجعلها تكتفي ذاتيا وتوفر إلى حد كبير في تأمين حاجة الثروة الحيوانية من أغنام وغيرها.‏‏

أهم المصانع‏‏

فالأشجار باختلاف أنواعها لعبت دوراً مهماً في استقرار المناخ والغلاف الجوي من ناحية جذب كميات من الأمطار وتوفير الرطوبة اللازمة والهواء العليل الدائم ، فالغابات بما تحتويه تعد من أهم مصانع الطبيعة إذا بقيت على حالها دون أن تعبث يد الإنسان المدمرة في قلبها ومحيطها ، وكذلك البساط الأخضر ومايعنيه لأسرار التربة وماتحتاجه من غذاء ومعادن وأملاح تطرحها الأعشاب وتتفاعل مع جوفها ليخصب العطاء حسب نوع كل زراعة مثمرة أو رعوية .‏‏

فسورية التي حرصت كل عام على الاحتفال بعيد الشجرة إذ تقوم وزارة الزراعة ومديرياتها وفروعها في جميع المحافظات السورية بالاحتفال ولعدة أيام بزراعة وغرس مئات الآلاف من أشجار الصنوبر والسرو والزيتون وغيرها من الأشجار المطلوبة الأخرى, حيث تستنفر جميع الجهات الرسمية والأهلية والحملات التطوعية لتأدية الواجب في هذه المناسبة بمناطق متعددة لما للشجرة من أهمية وفائدة‏‏

ابن البيئة‏‏

ونظراً للعلاقة التبادلية بين الإنسان ومحيطه فهو ابن بيئته بالنهاية .. البيئة الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والطبيعية الجمالية ، فقد كان الاستهداف مبرمجاً منذ بداية الأزمة والحرب الشرسة على سورية بحيث لم تسلم البيئة الوطنية بكل ماتعنية هذه الكلمة من معنى مادياً ومعنويا من حالات الاعتداءات المتكررة ، بل كانت هي مستهدفة بعينها كما الإنسان السوري المتميز كل حسب موقعه، فحرقت الغابات وقطعت الأشجار ولاسيما أشجار الزيتون في ادلب الخضراء وحلب وباقي المناطق، ودمرت المسطحات الخضراء وحرقت المحاصيل وبعثرت جهود عشرات السنين من العناية والرعاية والاهتمام السوري بحضارتهم وبيئتهم التي يعتزون بها.‏‏

لذلك كله نجد الدعوات متلاحقة والنشاطات مستمرة وقائمة على مدار أربع سنوات من العمل الجاد والمثمر للاهتمام بالبيئة ونظافة الشوارع والأحياء والمدن وترميم وتجبير ماتم تدميره وتخريبه من قبل أصحاب العقول المظلمة والقلوب الحاقدة والأيدي العابثة ، لنجد سواعد وجهود وعرق أبناء سورية يسكب خيراً وقوة وهم يذودون عن حياض دولتهم كل حسب موقعه وعمله وماتقتضيه الحاجة .‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية