تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تطبيع أم إعادة تحالف ؟

شؤون سياسية
الأحد 7-4-2013
بقلم: نواف أبو الهيجاء

الاعتذار الاسرائيلي لتركيا عن حادثة جريمة (مرمرة) لم يأت مصادفة بل ان الضغط الامريكي على تل ابيب قد بلغ مستوى كبيراً لكي تعيد الولايات المتحدة الامور الى نصابها بين حليفيها في المنطقة ( تركيا والكيان الصهيوني ) .

فان كان الاعتذار يكفي فبها والا فمع الاعتذار وعد بالتعويضات لاهالي القتلى الاتراك التسعة مع وعد بتخفيف اجراءات الحظر والحصار الصهيوني على قطاع غزة . من هنا تلقفت انقرة اعتذار نتنياهو بكثير من الارتياح والود وجاءت التصريحات التركية الاردوغانية لتقول ان تل ابيب قد لبت جميع طلبات وشروط انقرة من اجل عودة العلاقات بين الجانبين .‏

هل ما يجري الان بين انقرة وتل ابيب مجرد محاولة لتطبيع العلاقات بين الجانبين بعد ثلاث سنوات من قرصنة الصهاينة في البحر المتوسط ضد الناشطين على متن السفينة التركية ( مرمرة ) ؟‏

ابدا . الجاري في الحقيقة هو اعادة وصل ما انقطع مؤقتا بين الطرفين التركي والصهيوني . والعودة الى تاريخ العلاقات بين الطرفين ترينا ان تركيا كانت اول دولة اسلامية تعترف بالكيان الصهيوني وتقيم معه علاقات على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والسياحية والامنية والعسكرية.‏

الحكومات ( الاسلامية ) في تركيا - منذ اربكان وحتى رجب طيب اردوغان - وقفت من العلاقات مع تل ابيب الموقف ذاته . بل ان العلاقات التنائية مع حكومة اردوغان وصلت الى مرحلة التحالف العسكري . فالكيان الصهيوني وفقا للاتفاقيات العسكرية المبرمة مع انقرة له الحق في ان يرسل طائراته المقاتلة والتجسسية في السماء التركية بحرية كاملة . ما يعني امكانية ان يقوم الكيان الصهيوني بالعدوان على سورية اوالعراق اوايران ايضا . وما يعني ان العلاقات التركية الصهيونية تحالفية وترقى الى مستوى العلاقة التركية بحلف شمالي الاطلسي ( الناتو ) .‏

من هنا نقول ان ما يجري بين الطرفين اليوم ليس مجرد البحث في سبل التطبيع بينهما بل في كيفية اخراج العودة الى مستوى متقدم في العلاقات الثنائية على المستويات الاقتصادية والتجارية والعسكرية والامنية ومن ذلك العودة الى القيام بالمناورات العسكرية المشتركة في المتوسط وفي السماء التركية الى جانب البحث في تزويد الصهاينة المحتلين بالمياه التركية مستقبلا .‏

من سورية الموقف التركي يتطابق مع الموقف الصهيوني . وكذا الامر بالنسبة لايران . وهذا الجامع بينهما يحتم ان تعاد العلاقات من جديد وترتقي الى مستويات غير مسبوقة من التنسيق التحالفي لشن العدوان على العرب والمسلمين عموما وعلى معسكر الممانعة والمقومة خصوصا.‏

لذلك انتاب المراقبون الكثير من الدهشة وهم يرون ان جهات فلسطينية بعينها في قطاع غزة قد اعتبرت الاعتذار الصهيوني لتركيا بمثابة نصر للمقاومة او لتيار المقاومة الفلسطيني . ونسيت هذه الجهات ان الاعتذار في محصلته النهائية يفتح المجال واسعا امام عودة العلاقات التركية الاسرائيلية الى سابق عهدها بل وفتح مجالات اخرى اوسع لمزيد من العلاقات التحالفية الاستراتيجية بين انقرة وتل ابيب .؟ التعويضات ،ووعد صهيوني - لن ينفذ بطبيعة الحال - لتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة . غريب امر هؤلاء الذين لم يروا من الاعتذار الا جانبا بسيطا وغيرمهم من المشكلة . وتغاضوا عن البعد الحقيقي الكامن وراء عودة التحالف العسكري والامني بين الطرفين . بل ان احد الاطراف التي ستكون بين الكماشتين التركية والاسرائيلية هي المقاومة العربية للغزوة الصهيونية .‏

المستفيد الوحيد من اعتذار نتنياهو لانقرة هو الكيان الصهيوني الذي يعاني من عزلة دولية غير مسبوقة فتأتي الخطوة لفك طوق العزلة من جهة ولتعيد الاجواء التركية والاراضي التركية الى الانفتاح التام امام الجهد العسكري والاستخباراتي الصهيوني من جهة اخرى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية