|
|
حصاد الورق فيدرس تجلياته المختلفة من خلال أغراضه الشعرية ليجلو كوامن المتنبي ويرصد انفعالاته وتفاعله مع ذاته والمجتمع، مضيفاً أن البحوث التي درست حياة المتنبي وشعره تعددت وتنوعت اتجاهاتها في تناول أغراضه الفنية التقليدية لكن ثمة جوانب في شعره تتطلب الدرس والبحث وينبغي الوقوف عندها لاستجلاء غوامضها.. فنحن نقع في شعره على ملامح عدة تشي بطباعه وميوله, فهو منذ طفولته يميل إلى الجد والحزم ويعشق الرجولة ومظاهرها، كما نلحظ عنده نزوعاً شديداً للعروبة والعرب وغيرة على السيادة العربية ونزوعه للجد جعله ينصرف عن اللهو والمجون والخمرة إلى القتال وحب الحروب ولهذا تجلى في شعره نزوع التحدي للعالم والمجتمع. ويتراءى لنا طبع المتنبي من خلال شعره بمظاهر عدة منها مايعود إلى ذاته ومنها مايعود إلى عالمه الخارجي ومجتمعه ونحن نقف على تلك الملامح التي تشف عن طفولته وتنطلق منها لأن فترة صباه كان لها الأثر البليغ في نمو شخصيته واستمر تأثيرها في حياته كلها فقد نما فيها ميله إلى الثورة والعنف حتى غدا في كهولته محباً للسفك والتمرد نتيجة ظروفه القاسية التي مر بها وظروف مجتمعه المتقلبة. وقد أجمع النقاد أوكادوا على أن أبا الطيب من الشعراء المطبوعين الذين يصدرون في أشعارهم وفعالهم عن طبع حاد ونفس قوية وإحساس مرهف وكان قوام طبعه الإحساس بالعروبة والأصالة العربية، وقد قال فيه عبد الوهاب عزام: أبو الطيب شاعر عربي النسب، عربي النشأة، عربي الروح فهو يمثل العروبة تمثيلاً صادقاً في خشونته ونفوره من الترف وترفعه عن الدنايا وطموحه وبعد همته وشجاعته وإقدامه وصبره ودربته على الشعر وبصبره بالسبل والبلاد. أما عبد المجيد دياب فقد قال في المتنبي: وأهم مايميز المتنبي بروز شخصيته في شعره وصدق إيمانه برأيه وقوة اعتزازه بنفسه وصحة تعبيره عن طبائع النفس ومشاغل النفس وأهواء القلوب وحقائق الوجود وأغراض الحياة لذلك كان شعره في كل عصر مرداً لكل كاتب. ويظهر صوت طبعه في هذه الأبيات: أبلى الهوى أسفاً يوم النوى بدني وفرّق الهجر بين الجفن والوسن روح تردد في مثل الخلال إذا أطارت الريح عنه الثوب لم يبن كفى بجسمي نحولاً أنني رجل لولا مخاطبتي إياك لم ترن |
|
