|
شباب نركّز على الشباب دون السوريين الآخرين «وكلهم يتمتعون بهذه الخصال» لأن الشباب عجينة في مرحلة التكوين وبالتالي يتمّ التركيز على استهدافهم، ولكن– والأيام هي التي قالت ذلك– فقد بقي شبابنا بعيدين كل البعد عن التأثّر بنيران الطائفية والحقد والمقولات التكفيرية الأمر الذي عزّز صمود سورية وحافظ على روح العيش المشترك الذي لم ولن نرضى عنه بديلاً. نعلم أن الاتجاه بالتفكير نحو مناطق القلق والتشاؤم أمرٌ قد يحدث بين الحين والآخر لكن أن يتحوّل إلى قاعدة فهذا بالتأكيد لا يعبّر عنّا كسوريين اعتدنا مقارعة الصعاب والتغلّب عليها في كل الاختبارات السابقة وما زلنا متمسكين بهذه الميزة.. من الطبيعي أن تضعف قلوبنا للحظةٍ نرى فيها مناظر التنكيل بجثث الأبرياء والدماء الطاهرة التي تختلط بكلّ الأمكنة لكن ما هي إلا هنيهات حتى نعود إلى قوتنا وبأسنا ماسحين من العيون كلّ ما يقول عكس ذلك وزارعين فيها كلّ ما من شأنه المساعدة على امتلاك الصبر والتحمّل والاستعداد للتضحية مهما طال الزمن ومهما زاد البطش والعنف.. عندما كان «ينشقّ» موظف صغير أو أي مغلوب على أمره ولو بالإكراه كانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها وتتسابق الفضائيات المتآمرة لعرض وإعادة عرض خبر انشقاقه مرات عديدة في اليوم، أما الآن وقد بدأ الآلاف بالعودة إلى حضن الوطن من المواطنين العاديين ومن «المنشقين والفارين» فإن هذا الأمر لا يعني تلك القنوات لا من قريب ولا من بعيد.. بصراحة، لا نراهن على صحوة ضمائر هذه القنوات أو ضمائر من يعمل فيها لأنهم بالأساس تخلّوا عن ضمائرهم عندما أعلنوا أنفسهم عدواً مباشراً للشعب العربي السوري، ولكننا نراهن على سقوطهم وسينجح رهاننا لأن الطفل الصغير أصبح قادراً على تعرية كذبهم ونفاقهم دون جهد كبير.. نتوجه لإخوتنا وأهلنا الذين اضطرتهم الظروف لمغادرة سورية أو أولئك الذين غُرر بهم أو وُعدوا ب «رفاهية المخيمات» و«رغد الحياة خارج الحدود» وندعوهم لتصديق دواخلهم وتصديق وطنهم وإخوتهم في الوطن أنه لا قيمة لأي إنسان خارج داره وسورية دارنا جميعاً وسنعيد بناءها معاً ولن تهنأ لنا حياة إلا فيها ومع بعضنا البعض.. بالأمس طال إجرامهم العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي فقط لأنه تمسّك بقول الحقّ ولأنه لم ينجرف خلف فتاوى قتل السوريين وإباحة أعراضهم، وظنّوا أنهم باستهدافه يسكتون صوت الحقّ السوري لكن خسئوا، وقبل أيام استهدفوا شيخ جامع الحسن في حلب وعلقوا رأسه بعد ذبحه فوق مئذنة الجامع اعتقاداً منهم أنهم سيرهبون السوريين ولكن العار غطّى حياتهم ولم ينتسب لهم سوى سوء العمل وقذارة الدنيا وعقاب الآخرة! حتى أولئك الذين خلدوا لاستراحة قصيرة بين محاضرة وأخرى في مقصف كلية العمارة لم يسلموا من حقدهم والسبب أن كلّ ما هو نيّر يخيفهم! سنختصر ببضع كلمات ونقول: السوريون أوعى من أن يسقطوا في فخّ التضليل، وأكبر من أن يمتشقوا الثأر في قادمات الأيام، وفي مقدمة السوريين يقف شبابنا رسالة أمان واطمئنان، فعندما تراهم حتى اللحظة يتسابقون لخدمة العلم والتطوّع في صفوف الجيش العربي السوري وفي صفوف جيش الدفاع المدني واللجان الشعبية ولا يتأخّرون عن الفعاليات الوطنية، وعندما تراهم محصنين من هذا الفكر التكفيري ومتراصّين في خندق الوطنية، يعرفون كيف يميزون بين الحق والباطل، وبين الوطن وبعض الفاسدين فيه، تدرك أن سورية لا تؤخذ، وأن المستقبل السوري لن يكون إلا كما يتمناه أصحابه وأعني الشباب السوري الرائع جداً. لم ولن ننتظر من القنوات الناطقة بالنفط والغاز أن تنصفنا كسوريين، ولا ننتظر من انقلب على أبيه وأمثاله أن يساعدنا أو يخفف معاناتنا، ولا ننتظر ممن لا يعي ما معنى الشرعية أن يدلّنا على خياراتنا، ولا ننتظر أن يتبدّل الغرب الطامع ويصبح في صفّنا، كلّ ما ننتظره هو ما نحن واثقون من مجيئه وهو النصر لبلدنا الحبيب والعزة والحياة الكريمة لكل السوريين، وما فقدناه من أحبة ومال ومنشآت نحتسبه عند الله ونتكل على الله سبحانه وتعالى بتعويضه، وعلى همّة القادرين في بناء ما هو أجمل منه. في كل بيت وجع، هذا صحيح، لكن الأصحّ أنه وعلى كل وجع نبتَ أكثر من أمل وحضرت أكثر من قاعدة دفاع عن سورية التي ستبقى قوية بأبنائها وبقيادتها وبوحدة أراضيها، والنفط الذي يحرقونه بقصد إضعاف الدولة سيحرق مآربهم.. |
|