تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مسلسل تركي

عين المجتمع
الأحد 7-4-2013
منال السمّاك

من الأرض الطيبة إلى العشق الحرام ثم وتمضي الأيام وصولاً إلى الأوراق المتساقطة و فاطمة مما عرض سابقاً إلى أحببت طفلة..

سلسلة طويلة بدأت و لاأظنها ستنتهي طالما العيون العربية تتوجه نحوها بمتابعة حثيثة لا تكل و لا تمل من تجاوز الحلقات المئات و توالي الأجزاء بشد و مط و مماطلة رهيبة ، لترقب الأحداث الدرامية المثيرة بشغف و ترقب ، و التعاطف اللامحدود مع الأبطال والانبهار بالطبيعة الخلابة و الوجه الحسن..مساحة واسعة من الفضاء العربي على اتساعه و تعدد محطات تُحجز لمسلسلات مدبلجة تركية المنشأ سورية الصوت و النبرة، يتم استيرادها خصيصاً للمشاهد العربي المستلقي على أريكته غارقاً بهمومه إلى حد التعلق بقشة .. الهارب من النشرات الإخبارية الكفيلة برفع الضغط الشرياني والإصابة باكتئاب و انهيار عصبي ، ليلوذ بركن حالم يحلق بعالمه مسترخياً بعد هزات البدن اليومية العنيفة التي يتكفل بها فراغ الجيوب و وجبات النكد والنق اليومية ..فيجلس مستسلماً مشدوهاً بالرومانسية المفقودة في زمن الجفاف العاطفي و النكبات العربية والثورات الفيسبوكية ..‏

حتى أنا و ربما أنت .. اعتراف شخصي صريح بالنهم و الاستسلام لذاك الوافد غير البريء صرح به أحد المتخصصين ذو الباع الطويل بعلم الاجتماع و تربية الأجيال ، منذراً بخطورة هذا الغزو المتمثل في حياكة القصص وقولبتها ضمن مسلسل درامي اجتماعي عاطفي يتسلل إلى عقولنا بنعومة ،ليعزف على أوتار الرغبات و المشاعر و عقد النقص العربية ، لإحداث تغييرات مقصودة بل و مخطط لها تشويهاً للقيم و اهتزاز الثقة بالنفس ، خدمة لنيات مبيتة تحمل في طياتها من الخبث و الدهاء ما يستدعي الوقوف عندها ،عادات لا تشبهنا و تقاليد غريبة عن مجتمعنا العربي المحافظ ..قصص حب جارفة خارجة عن العرف و المألوف ومنظومة القيم .. شخصيات مستهترة لا مبالية متمردة متحدية للسلطة المجتمعية و الأسرية و الأخلاقية ، حالة من الاستلاب أمام هذا الساحر الذي يستبيح فضاءنا العربي بلا قيود ولاحدود و لا فلترة ، إنه اختراق خطير لحدودنا الأخلاقية و الاجتماعية و الدينية ، كان تهيأة لاختراق حدودنا المكانية و خصوصيتنا الوطنية و الثقافية ، و لكن نخشى أن يطول زمن الاختراق التركي لأراضينا لمئات الحلقات ولأجزاء عدة كما مسلسلاتهم التي تبدأ و لا تنتهي !!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية