|
منوعات واصبحت تتكرر سنويا بشكل آلي، بل يرون فيه دعوة لإعادة احياء القيم والاهداف الوطنية والقومية التي التزم بها البعث تجاه الشعب العربي، وذلك بالتأكيد على المبادئ والحقائق التي تم تكريسها في نظرية الحزب وادبياته. وحينما اعلن البعثيون الاوائل قرار التأسيس في السابع من نيسان عام 1947 فانهم توجوا بذلك نضالا للشباب العربي الذي آمن بالامة وخصائصها،واستلهم نبض الشارع الرافض للحالة التي تعيشها الامة العربية من تخلف وتجزئة وضياع وقهر واستعباد، ولذلك فهم قد اعتمدوا الاهداف وحدة حرية اشتراكية وكانت الرسالة الخالدة هي الشعار الذي ارتضوه والرسالة ليست ملكاً لحزب او جماعة او فئة. ولأن الحزب تمثل اهداف الجماهير وناضل بينها ومعها، اتسعت محبة الناس له والتفت حوله، ودافعت عن اهدافه ومبادئه، فكان مناضلوه يتقدمون الصفوف عملا وتضحية واستشهادا، الى جانب مساهماتهم الفاعلة في ترسيخ الحياة الديمقراطية قبل ثورة اذار وبعدها، وفي اي موقع تواجدوا فيه، سواء اكان برلماناً، ام منظمة شعبية ام مهنية، او مؤسسة اجتماعية، لأن الحرية والديمقراطية اساس في دستور البعث، وواجب في سلوك اعضائه، وهنا يجب ان لا يفهم بأن جميع المراحل التي مررنا بها كانت مشرقة وناجزة، فالحزب مر في تاريخه بفترات ألق ونجاح في تطبيق برنامجه كما مرت عليه بعض فترات الاتكال والتراخي، لكنه استطاع ان يجتاز العقبات وان ينتصر، عبر طرح برامج وافكار جديدة منسجمة مع التطورات التي أتت بها الاحداث، ودائما مع التمسك بالثوابت الوطنية والقومية والانحياز المطلق الى قضايا الناس، فبقي الحزب في ضمير الناس ووجدانهم، لانهم يؤمنون باهدافه ويرون فيه القادر على تجاوز الثغرات والعودة الى الالق رغم خسارته جزءا منه بسبب انغماس بعض اعضائه في بهرج السلطة ومفاسدها، الامر الذي انعكس سلباً على السمعة العامة، فأصبح الافراد في الادارات الحكومية سواء أكانوا من منتسبي الحزب ام لا ، امام استغلال الاسم والموقع، والاساءة الى المشروع الكبير الذي يحمله البعث في توجهاته واهدافه، وكان التماهي بين المواقع الحزبية والحكومية هو اكثر ما اثر سلبا على حركة الحزب ونضاله، حيث اصبح كل ماهو خطأ حكومي ينسب للحزب والانجاز يجري تجييره للافراد، وفي ذلك ظلم كبير لحق بالبعث وقياداته. ومما لا شك فيه الآن، بأن ما صدر من مراسيم وقوانين خاصة لجهة تعديل الدستور وغير ذلك، سيصنع حقائق جديدة على الارض، تعيد العلاقات الداخلية في الحزب الى حيويتها، مثلما تعيد وصل ما انقطع مع الناس، فالحزب ليس مسؤولاً عن خطأ في هذه الوزارة، او ارتكاب في تلك الدائرة، والحزب في النهاية ليس اداة السلطة، بل هو الرقيب على سلوكها وبرامجها. الآن وفي هذه الفترة بالذات، نطرح على ذواتنا ونحمل أنفسنا ويحملنا الناس جملة من التساؤلات والأسئلة: ماذا نريد للحزب؟ وماذا نريد من الحزب؟ ألسنا نريد له العودة الى جماهيريته، وأن يتحلى مناضلوه بالنزاهة والشفافية والتضحية. ألسنا نريد حزباً للناس كما هي اهدافه ومبادؤه، وكما بدأ منذ التأسيس. ألسنا نريد له ان يتوجه للجماهير التي احتضنته ودافع عنها، مع التذكير دوماً ان الكم العددي ليس الاساس في أي حزب، فبضع مئات من البعثيين كانوا يلهبون الشارع العربي في مواجهة مخططات الاستعمار والقوى الحليفة له في المنطقة. نعم اننا نريد للحزب كل ذلك، بهدف ترسيخ الثوابت الوطنية والقومية، مع الاخذ بعين الاعتبار المتغيرات الداخلية والدولية وخلق صيغة امثل لتعزيز البناء الداخلي سياسياً وثقافياً واقتصادياً، الامر الذي بدأ كما اشرنا مع الدستور الجديد وقانون الاحزاب وجملة من القوانين الاخرى. وكما كانت الحركة التصحيحية عام 1970 محطة حاسمة في مستقبل الحزب فإن المؤتمر القادم لحزب البعث سيكون بمستوى الأحداث والمسؤولية التاريخية نظراً للظروف الدقيقة التي نمر بها الآن داخلياً وعربياً ودولياً، وخاصة أن سورية تتعرض لأخطر مؤامرة تستهدف وجودها أرضاً وشعباً وكياناً، مثلما تستهدف القضية الفلسطينية عبر تصفية حقوق الشعب الفلسطيني والحيلولة دون اقامة دولته فوق ارضه. ورغم كل ذلك فنحن على ثقة بأن مناضلي البعث سيتابعون مسيرتهم بقبول التحدي الذي يواجههم على مختلف الصعد، وسيستمر المناضلون في عطائهم، فمن رأى في الحزب انتماءه ليس كمن وجد نفسه مدفوعاً باغراءات السلطة والمنصب، ومن رأى في مبادئ الحزب تعبيراً عن ذاته، فسيواصل مسيرة العطاء والنضال، اما الذين وجدوا فيه مصالحهم قبل كل شيء، فلن يكون لهم مكان مستقبلي في حزب، هو عنوان البناء والتحدي والتضحية على مختلف الجبهات، فالمعركة متواصلة بدءاً من مواجهة تحدي الارهاب واستئصاله الى مواجهة تحديثات بناء سورية المعاصرة المتجددة. البعث في ذكرى تأسيسه اليوم، بحاجة الى تجديد صياغة مشروعه الوطني والقومي الذي هو احد ابرز دواعي النجاح، رغم تأمر الغرب والحكومات العربية المرتبطة بالمشروع الاستعماري الصهيوني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. ان اهتمام المواطنين جميعا بما يجري على صعيد الوطن، وعلى صعيد الحزب الآن، انما هو ظاهرة حيوية يجدر الاستفادة منها واستثمارها على اوسع نطاق لتعزيز الحضور وتطوير بناء الحزب والمجتمع، والانتصار على المؤامرة، ولان الحزب يستند في تنفيذ مشروعه الى رغبات الجماهير، ويعتمد على حشد طاقات القوى والفعاليات السياسية الاجتماعية، فقد رأى في الحوار الوطني بين جميع مكونات المجتمع طريقاً أساسياً للخروج من الازمة التي تمر بها البلاد وللوصول الى صيغة ناجعة للنهوض بسورية والانتقال بها نحو الاستقرار والامان، بهدف اعادة البناء والاصلاح والدور الريادي في المنطقة والعالم، ومن الواجب التذكير دوماً ان مسيرة العطاء طويلة وان المهام كبيرة، ومن الانصاف ألا نحمل الحزب جميع الاخطاء والانكسارات، وان كنا نأمل ان يتغلب البعث على التحديات ويتجاوز الصعاب بدعم وتأييد جميع الشرفاء في وطننا على طريق تحقيق اهداف امتنا في الوحدة والحرية والاشتراكية. رئيس اتحاد الصحفيين |
|