تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عصر جديد من الدبلوماسية.. ولكن!

شؤون سياسية
الجمعة 6-3-2009م
حسين صقر

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن الولايات المتحدة تدشن عصرا جديدا من الدبلوماسية وأعقبه بتصريح عن إمكانية سحب قوات بلاده من العراق مع نهاية عام 2010

وكذلك عن أفغانستان دون أن يحدد الفترة الخاصة بذلك، في الوقت الذي يتحدث فيه عن إتمام المهمة فيما يخص مكافحة الإرهاب وضرورة رصد المبالغ المالية الضخمة لهذا الشأن، على حين لم تتوقف الجولات المكوكية لمبعوثيه وأعضاء إدارته منذ الأسبوع الأول لتسلمه مقاليد السلطة في أميركا إلى الشرق الأوسط في خطوة ربما يراد منها التعاطي مع قضايا المنطقة بطريقة تختلف عن الإدارة السابقة ذات الإرث السيئ.‏

لكن مانود قوله إن هذه الجولات والتصريحات لن تؤتي ثمارها إذا بقيت مجرد أقوال ليس إلاولم تقترن بخطوات فاعلة على أرض الواقع الذي يحتاج إلى الكثير من إعادة النظر به بعد أن أغرقته إدارة بوش بالويلات والحروب والدماء بدءا من التعامل مع القضية الفلسطينية وما يتعلق بها من إقامة دولة مستقلة تعاد على أساسها الحقوق المسلوبة للفلسطينيين الذين يعانون من الحصار والجوع والاستيطان والاغتيالات والاقتحامات ليل نهار والضغط على إسرائيل بهذا المجال وغيره من أجل إعادة الجولان المحتل لسورية ومزارع شبعا للبنانيين والبدء بخطوات حثيثة لإنهاء الحربين في العراق وأفغانستان والتعامل مع الملف النووي الإيراني بشيء من الشفافية والمنطقية وقضايا أخرى عالقة، عندها فقط نستسيغ سماع هكذا خطابات وتصريحات ونعلم أن العصر الذي يتكلم عنه أوباما لايدشن فحسب وإنما بدأ العمل به فعلا وسيكتب له النجاح وسيظهر أوباما صانع السلام لأميركا والعالم.‏

إضافة إلى ذلك التحاور مع كافة أطراف النزاع في المنطقة وإعطاء كل طرف فرصته للدفاع عن نفسه وسماع وجهة نظره مادامت أميركا بدأت في إطار سماع وجهات النظر وتكوين المعلومات عن المنطقة التي لم تخف مشكلاتها على أي مهتم بالسياسة يوما ما.‏

لذلك كله إن ماشهدته سورية في الأيام الأخيرة من حركة دبلوماسية نشطة وزيارات لرؤساء ومسؤولين عرب ووفود دبلوماسية أميركية وأوروبية يشيع جوا من التفاؤل ويشكل منعطفا في تاريخ العلاقات السورية مع تلك الدول كما يؤكد الدور المحوري الذي تضطلع به سورية في حل جميع القضايا العالقة في المنطقة.‏

وكان اعتمادها لغة الحوار والتفاهم ورفضها سياسة الإملاءات والضغوط ورغبتها في قيام علاقات مبنية على الاحترام مع الدول الشقيقة والصديقة ثوابت لايمكن أن تساوم عليها انطلاقا من المحافظة على الأسس والمصالح المشتركة ومنع القوى المتربصة من تحقيق أي أهداف أو مكاسب على حساب المصالح العربية.‏

وبالتالي فإن رفض الشروط التي تملى عليها في ضوء الوضع الذي يتردى يوما بعد يوم أعاد تقييم سياسة الولايات المتحدة وحلفائها وبات النظر إليها كجزء من الحل وليس جزءا من المشكلة وأصبح دورها أكثر أهمية في البحث عن إيجاد الحلول المناسبة للمعضلات القائمة بدلا مما كان يصبو إليه البيت الأبيض من تحجيم دورها الإقليمي وتبين مدى قدرة هذا الدور بمجرد تجاهل التأثير السوري المباشرة وغير المباشر على القضايا الأساسية كونه أدرك أن ما تسعى إليه وتجهد لتحقيقه هو بداية الطريق لحل ما نجم من أزمات على مدى العقود الماضية وتسبب في تعقيد القضايا.‏

إن السياسة التي انتهجتها سورية ولاتزال تؤسس لبدء مرحلة جديدة من التعاون بين هذه البلدان وينعكس إيجاباً على الوضع الدولي برمته، إذا توافرت النية للدول الكبرى والمعنية خاصة الولايات المتحدة الأميركية التي تنصب نفسها في مكان الحاكم على العالم لاتباع خطوات جدية تضغط من خلالها على إسرائيل لوقف ممارساتها العدوانية في الأراضي العربية المحتلة وبالتالي إعادة الحقوق لأصحابها الشرعيين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية