تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العلاقات الروسية- الأميركية... تقارب أم ماذا؟

شؤون سياسية
الجمعة 6-3-2009م
حكمت العلي

أدت السياسة الطائشة لإدارة بوش الزائلة خلال الثماني سنوات السابقة إلى توتير العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا

ووصولها إلى مرحلة من التصادم والتعارض استعادت إلى الأذهان مرحلة الحرب الباردة بين البلدين قبل انهيار الاتحاد السوفييتي السابق ودفعت بفلاديمير بوتين رئيس الوزراء الروسي للقول بصفته رئيساً لروسيا أثناء مؤتمر ميونيخ للأمن قبل عامين: إن العالم على شفا حرب باردة جديدة بسبب السياسة الرعناء لإدارة بوش... ومنذ ذلك الحين بدأت شقة الخلاف تتسع وتتراكم بالرغم من التحذيرات الروسية المتكررة من مغبة القيام بالأعمال الاستفزازية من قبل واشنطن وخاصة في مسألة الدرع الصاروخي الذي تنوي نشره في كل من بولندا وتشيكيا وقيام واشنطن بإشعال الأزمة تلو الأخرى في القوقاز وتأجيجها أثناء قيام جورجيا باجتياح أوسيتيا الجنوبية وماتبعها من رد روسي لاحق عليها. كما بقي الملف النووي لإيران أحد أهم المسائل الخلافية بين موسكو وواشنطن بجوانبه وتداعياته المختلفة. ومع تولي باراك أوباما الرئاسة الأميركية توجهت الأنظار وعقدت الآمال عليها حول نيتها تخفيف اللهجة والأعمال العدائية ضد شعوب العالم والتي قامت بها إدارة بوش تحت شعارات مختلفة اتضح أن هدفها هو السيطرة على العالم وهو ما أعلنه فلاديمير بوتين نفسه في مؤتمر ميونيخ السابق. والواضح أن إدارة أوباما لديها النية في سلك طريق مغاير عن إدارة بوش وخاصة تحسين علاقاتها مع دول عدة في العالم ومنها روسيا... ولكن ما مقدار وحدود هذا التغيير الذي تنوي إدارة أوباما السير نحوه؟! كثير من المحللين يرون ـأن هذا المقدار لن يختلف في جوهره كثيراً عما جرى في عهد بوش وإنما ستختلف السياسات المتبعة للوصول إليه وهو ما ظهرت مؤشراته واضحة في مؤتمر ميونيخ الأخير، إذ أعلن جو بايدن نائب الرئيس الأميركي أن واشنطن تنوي مواصلة تطوير الدرع الصاروخي لمواجهة القدرات النووية الإيرانية... ولكن بالتشاور والتنسيق مع الحلفاء وروسيا. أي أن الاستراتيجية النهائية بقيت وهي الاستمرار في موضوع الدرع والضغط على إيران وإنما اختلف التكتيك وصولاً إليها وهو بالتشاور، والسؤال ما المقصود بذلك وما مقداره؟! ويرى المحللون أن الرسائل التطمينية المتبادلة بين واشنطن وموسكو حيال نشر الدرع الصاروخية الأميركية والرد الروسي بنشر صواريخ اسكندر في كالينينغراد قرب حدود الاتحاد الأوروبي قد لاتؤدي إلى حل المشكلة جذريا بين الطرفين وإنما هدفها تخفيف التوتر بينهما لاأكثر! وهو الأمر الذي كرره مسؤولو البلدين أكثر من مرة، حيث أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أنه يمكن بحث مسألة نشر عناصر من الدرع بالتعاون والتشاور مع روسيا في حين رأت الأخيرة أن وزارة الدفاع الروسية جمدت عملية نشر صواريخ اسكندر إلى حين بيان نية الإدارة الأميركية الجديدة حول استمرارها في نشر درعها الصاروخي في بولندا وتشيكيا، وهو الأمر الذي عاد وأكده سيرغي إيفانوف نائب رئيس الوزراء الروسي في مؤتمر الأمن الدولي الخامس والأربعين في ميونيخ بقوله: إن بلاده لن تنشر منظومات اسكندر إذا تراجعت واشنطن عن مخططاتها بإقامة مايسمى المنطقة الثالثة من مواقع منظومة الدفاع المضاد للصواريخ في بولندا وتشيكيا.‏

وبالرغم من التفاؤل الحالي بحصول تقدم في علاقات البلدين وهو ماتدل عليه تصريحات الجانبين إلا أن المعوقات التي خلفتها إدارة بوش لا تزال راسية في أذهان ومخيلة الطرفين، إذ أدت سياسات وأفعال هذه الإدارة إلى توسيع شقة الخلاف وفتح باب الصراع على مصراعيه وخلق حالة من عدم الثقة قد يصعب وأدها وترميمها في فترة قصيرة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية