تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عودة ا لتضامن العربي ...ضرورة حتمية

شؤون سياسية
الجمعة 6-3-2009م
أسامة عبد الحق

من غير شك، فإن الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة من تداعيات خطيرة، آخرها صعود اليمين المتطرف لسدة الحكم في إسرائيل، والانحياز الأمريكي العلني للكيان الصهيوني،

سواء علنيا أو سريا، فإنه يتطلب ضرورة عودة التضامن العربي الذي يمكن أن يصل إلى استراتيجية عربية منسقة, أو على الأقل إلى تفاهم استراتيجي يحرك الملفات الساخنة التي يعاني العرب من تداعيات سلبية عديدة فيها, هو الذي يربط بين عواصم العرب الكبرى , ولا ينبغي مطلقاً أن تؤثر بعض الخلافات التكتيكية على ضرورة اتفاق العواصم الثلاث على أسس تخدم الأمن القومي العربي في مسارات السلم أو الاستعداد للمواجهة في بؤر التوتر والصراع في منطقة الشرق الأوسط, بوجه عام وفي المنطقة العربية بصفة خاصة, ومن الضروري أن تسعى الدول العربية معاً لرأب بعض الخلافات التكتيكية، حيث بات من الضروري أن تتفق الدول الثلاث، وبصفة خاصة في مواجهة المخاطر الإسرائيلية على الأمن القومي والتآمر الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني, وفي المنطقة العربية بصفة عامة.‏‏

وكان أمرا جيدا أن أجواء التفاهم العربي تسير نحو المزيد من التقدم، لأن سورية قامت عبر السنوات الماضية بكل ما يمكن أن يكون إيجابيا لصالح هذه العلاقات، لأن الرئيس بشار الأسد على قناعة تامة بأنه إذا كان لا بد على العرب من اللقاء عاجلا أم آجلا، فإنه من الأفضل اللقاء عاجلا.‏

واللافت أن الأجواء الإيجابية هذه تأتي في وقت العالم كله ينفتح على سورية، لذلك جاءت زيارة الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس جهاز الاستخبارات السعودية إلى سورية برسالة من الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى دمشق، كتتويج لانجازات الدبلوماسية السورية، التي نجحت في سياستها.‏

لذلك أصبح مطلوبا من القمة العربية التي ستعقد في الدوحة أواخر آذار أن تكون قمة التضامن خاصة بعد ما أحدثته نتائج الانتخابات الإسرائيلية من خلط للأوراق، وإغلاق الأبواب في مواجهة النهج السلمي، الذي تتبعه الحكومات العربية تجاه إسرائيل، والمتمثل في مبادرة السلام العربية.‏

وإذا كانت الهمجية الإسرائيلية في غزة قد أظهرت بكل وضوح مدى استضعاف إسرائيل للعرب، وموقعهم على الساحة الدولية، فإن الحاجة إلى المصالحة العربية أصبحت أمرا ملحا الآن، وخصوصا بعد أن أفرزت نتائج الانتخابات الإسرائيلية صعود اليمين المتطرف، وهو ما يزيد من الحاجة إلى استعادة بعض عناصر القوة في الموقف العربي، في مواجهة هذا التطرف الصهيوني، وهو ما كان قائما من قبل في مثلث القوة العربي والذي كان يتولى إدارة الملفات العربية الكبيرة والخطيرة، باقتدار، لكن نجحت جهود الخبثاء في الغرب، وعلى رأسهم إدارة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية من كسر أضلاعه، تحت مسميات مختلفة، مثل محور الشر، ومحور المعتدلين، ومحور الدول المارقة، والدول المعتدلة، وهو ما أدى لانفراط عقد الأمة العربية خلال السنوات الماضية، وكان الكيان الصهيوني المستفيد الأول من وراء كل ما حدث على الساحة العربية.‏

إن كل هذه الأحداث الجسام لابد أن تكون حافزاً لمزيد من الجدية في المصالحة العربية، وفي مقدمتها عودة التضامن العربي ليعود لمركز القيادة العربية من جديد خلال هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الصراع العربي/ الصهيوني، والأزمات المالية العالمية الطاحنة، بل إن جميع الدول العربية المعنية أمام التحدي، بضرورة إيجاد صيغة عربية مشتركة، لبديل التفاوض مع إسرائيل، والمبادرة المطروحة منذ عام 2002 ولم تستجب لها إسرائيل حتى الآن، ولابد أن تلتزم الدول كافة ببنود هذه الصيغة الجديدة، وتتوزع الأدوار في شأنها، في مواجهة الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة، وفي التفاوض مع واشنطن.‏

ويبدو أن الأيام القادمة ستشهد هذه العودة العربية القوية، وهو ما عكسته تصريحات وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عندما أشاد بالتصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية السوري وليد المعلم بشأن المصالحة الفلسطينية ووصفها بـالايجابية، وإنه ليس بالغريب أن تقوم سورية بتعزيز أي جهد يبذل من أجل خدمة آمال وطموحات الشعب الفلسطيني ،‏

كاتب وصحفي مصري‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية