تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فتيل الأزمات العالمية والنار الأميركية الجاهزة

متابعات سياسية
الثلاثاء23-12-2014
دينا الحمد

لم تعد الولايات المتحدة الأميركية تتوقف عند حدود نشر الفوضى الهدامة في العراق وأفغانستان وسورية وليبيا وباكستان وتونس ومصر والسودان بل وصل بها الأمر إلى صناعة التنظيمات الإرهابية في معظم القارات فنراها تدعمها في أوكرانيا باسم الثورات البرتقالية وتمدها بالمال والسلاح في مالي ونيجيريا باسم الديمقراطية ,وتنشر المئات منها في سورية والعراق وليبيا تحت راية الحرية , لا بل إنها دخلت في عصر تصنيع الأوبئة والأمراض مثل أيبولا وغيره من الفيروسات الفتاكة المصنعة في مراكز الأبحاث السرية الأميركية وتصديرها إلى الشعوب لابتزازها وبيع شركاتها الجشعة للأدوية المضادة لها في أبشع صورة لا أخلاقية عرفها التاريخ البشري ما شكل حالة من القلق العام بدأت تسود الأروقة العالمية وكذلك الداخل الأميركي بسبب دور واشنطن القذر وخاصة أنها تتزعم معظم الأعمال العسكرية في العالم والتي أسدلت بظلالها الثقيلة على المعمورة .

ومثل هذه الأوصاف باتت حقيقة تعترف بها يومياً الصحافة الأميركية التي أصبحت تسلط الأضواء على سياسات الاستخبارات الأميركية ودورها في نشر الأوبئة عبر مراكز الأبحاث واعتبارها الشرارة الأساسية سواء سراً أو جهاراً لفتيل الأزمات المندلعة في مختلف الدول والبؤر العالمية المتوترة.‏

أما استطلاعات الرأي فحدث ولا حرج عن نتائجها المذهلة وآخرها أن الولايات المتحدة تشكل التهديد الأكبر للسلام العالمي وهوعنوان تصدر استطلاع للرأي قام به اتحاد غالوب وين ونشره موقع انترناشونال بيزنس تايمز خلال مقال للكاتب إريك براون الذي عبر عن تفاجئه من نسبة الأميركيين المستطلعة آراؤهم والذين يعتبرون أن بلدهم هي التهديد الأكبر للسلام العالمي وقد وصلت هذه النسبة الى 13٪. مشيراً إلى أن هذه النسبة تعكس حالة القلق العام من الدور الأميركي في القضايا الدولية. خاصة أن الاستطلاع مسح آراء 6600 شخص من 65 دولة.‏

وكانت النتائج هي أن 24٪ أجابوا بأن (الولايات المتحدة هي التهديد الأعظم للسلام في العالم) أما الدولة الثانية التي يراها المستطلعة آراؤهم أنها تشكل تهديداً للعالم بعد واشنطن هي باكستان بنسبة 8٪. وبرأي الكاتب فإن الكثير من العداء تجاه أمريكا يأتي من الدول الشرق أوسطية ومن دول شمال إفريقيا، وجميع هذه الدول تقع في منطقة تأثرت بالأعمال العسكرية الأميركية على مدى العقد الماضي لافتاً إلى أن 44٪ من الباكستانيين المستطلعة آراؤهم اعتبروا أن الولايات المتحدة هي الدولة الأخطر على الرغم من قبول باكستان للمساعدة الأميركية، وكانت نسبة الصينيين والروس الذين اعتبروا أن الولايات المتحدة هي الخطر الأكبر أعلى من نسبة الباكستانيين حيث بلغت 54٪ لدى الصينيين و49٪ لدى الروس.‏

وحتى في الدول الحليفة للولايات المتحدة فإن المستطلعة آراؤهم يعتبرون الولايات المتحدة الخطر الأعظم حيث كانت نسبة المكسيكيين الذين يتبنون هذا الرأي 37٪ لكن الأمر المفاجئ هو أن 13٪ من الأمريكيين المستطلعة آراؤهم يعتبرون أن بلدهم هي التهديد الأكبر للسلام العالمي, وهو ما يشير إلى أن نتيجة التصويت تشير إلى حالة قلق عامة من الدور الأميركي في القضايا الدولية.‏

وحالة العداء ضد الولايات المتحدة الأميركية عززتها تقرير نشره مجلس الشيوخ الأميركي كشف عن استخدام وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وسائل تعذيب مرعبة بحق الموقوفين لديها وهو التقرير الذي أثار حفيظة صحيفة الغارديان البريطانية لما أسمته كشف الحقيقة عن مدى تورط أجهزة بريطانية في عمليات تعذيب المعتقلين ,وطالبت البرلمان البريطاني بـالحذو حذو مجلس الشيوخ بنشر تقرير يكشف دور الأجهزة البريطانية في حالات مشابهة وخصوصاً أن فضيحة التعذيب في الولايات المتحدة أثار موجة من الانتقادات على الصعيد العالمي، وليس فقط في الولايات المتحدة ,وتساءلت الصحيفة هل بريطانيا استخدمت وسائل التعذيب خلال تنفيذها عمليات مشتركة مع الأميركيين، لأن تقرير مجلس الشيوخ الأميركي يحمل في طياته معلومات تتعلق ببريطانيا ضمن هذا الموضوع ؟ ورأت أنه من الضروري معرفة مدى تورط بريطانيا لافتة إلى أن الأمر بحاجة ماسة إلى معرفة الحقيقة، ولحين التأكد من ذلك، فإن الخطر يحدق بنا، وقد يؤدي في أقصى الحالات إلى تأجيج شهية من يسعون للقيام بعمل إرهابي عنيف شبيه بالأحداث التي مرت على استراليا خلال الـفترة الأخيرة.‏

بهذه الصورة تهدد الولايات المتحدة الأمن والسلام الدوليين وتنتهك حقوق الإنسان وبالرقم والمعلومة والوثيقة الصادرة عن مراكز الدراسات والبحوث واستطلاعات الرأي ,لكن المفارقة المريرة أن أميركا لا تزال تضحك على شعبها وشعوب العالم بأنها الحامية للإنسان وحقوقة دون أن تدرك إدارتها أنها باتت مفضوحة أمام الجميع بمن فيهم الأميركيون أنفسهم !!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية