|
مجتمع ولكنها تتشكل عبر التنشئة الاجتماعية التي تهدف الى ترسيخ قواعد احترام الانظمة الاجتماعية ونبذ السلوكيات الخاطئة اجتماعياً ودينياً لتكوين جيل متسلح بقيم الخير التي تقود للاعمال الصالحة. فمتى تتشكل القيم الخلقية والدينية عند الطفل...؟ وكيف ينمو الضمير ليستطيع التمييز بين الخير والشر...؟ للإجابة عن هذه التساؤلات كان اللقاء التالي مع الباحثة النفسية ثناء سليمان التي أشارت الى ان القيم تتشكل منذ الصغر، فالآباء يعاقبون الابناء على أفعال معينة ويكافئونهم على أفعال اخرى...وبتكرار العقاب على أفعال معينة تصبح هذه الأفعال مثيرة للقلق، كما ان تكرار الإثابة على أفعال اخرى يجعل من هذه الافعال مبعثاً للارتياح. وباستمرار النمو وأثناء عملية التنشئة الاجتماعية تتحول القوى الرادعة الخارجية (الوالدان والدين) الى قوى رادعة داخلية وتصبح جزءاً من التركيب النفسي للفرد. نمو الضمير وتؤكد الباحثة سليمان أن الضمير كقيمة اخلاقية يضبط سلوك الفرد وهو لا يتشكل تشكلاً سليماً إلا إذا كان هناك ثبات في توقيع العقاب او الثواب، فإذا كان الأب يعاقب الطفل على سلوك معين في حين تكافئه أمه على نفس السلوك فمن شان ذلك ان يعيق عملية نمو الضمير المتكامل، إذ تختل معايير الصواب والخطأ في ذهن الطفل. ولاشك انه بنمو الضمير يبدا الفرد بالتمييز بين الخير والشر والحلال والحرام، حيث يمكن اعتبار الضمير بمثابة النداء الداخلي الذي يحض الفرد على السلوك الحسن، فالضمير الحي هو الذي يحث التلميذ مثلاً على ألا يغش في الامتحان حتى لو أتيحت له الفرصة لذلك. التنشئة الاجتماعية وترجع الباحثة اكتساب الطفل للقيم والاتجاهات كالميل الى مساعدة الآخرين الى تأثير الوالدين بالإضافة الى تأثير الاصدقاء والمدرسة. وتشير سليمان الى ان هناك بعض التعابير والمصطلحات المعنوية المجردة كالعطف والعدالة والإحسان وهي صفات خلقية لا يفهمها الأطفال بسهولة قبل بلوغهم سن الثالثة عشرة او الرابعة عشرة من عمرهم. وتلفت سليمان الى ان الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة لا يدرك المفاهيم المعتقدات الدينية وذلك لان نضجه العقلي في هذه المرحلة لم يصل الى المستوى الذي يدرك فيه الجوانب المعنوية، اما في مرحلة الطفولة الوسطى فيكثر الطفل من الأسئلة التي تدور حول موضوعات الموت والولادة ويقتنع بما يقال له من إجابات... في حين نجده في مرحلة الطفولة المتأخرة يبدأ بمناقشة والديه ومعلميه في الامور الدينية. وتوضح الباحثة ان الاطفال الذين تتميز تربيتهم بالقيم الدينية (بفهمها الصحيح) تتسم سلوكياتهم بسمات مثل الامانة والتسامح والإخلاص. واجب المربين وتنصح سليمان بضرورة وجود القدوة الحسنة من قبل الوالدين والكادر التدريسي ليرى الطفل نماذج فعلية للمعاملات في البيت والمدرسة كما يتوجب على الاهل ان يوضحوا لأطفالهم وبشكل دائم المحبوب والمذموم من الاعمال، وينبغي عليهم أيضاً العمل على تقوية الضمير في نفس الطفل حتى يكون صماماً له في المستقبل، فنزرع في قلبه الشوق للعمل الصالح والخوف من ارتكاب العمل غير الصالح بدلاً من الخوف من العقوبة، ولابد من مساعدتهم على اختيار الأصدقاء المتمتعين بالسلوكيات الحميدة، والصبر وعدم اليأس في غرس القيم النبيلة عند الطفل وأخيراً يجب التواصل بين البيت والمدرسة لتعزيز المسار الايجابي للطفل وفق الاساليب التربوية المناسبة. |
|