|
الافتتاحية وبرزت إلى العلن الأدوار الخفية في جولة من التخمينات المعاكسة، التي تدحرجت وتبخرت في أكثريتها على وقع الرسائل التي تخطّها التصريحات الإيرانية، وقبلها الروسية. في هذا الانكفاء ما يبرره، وإن كان لا يشرعنه، في ظل إشارات الاستفهام حول الأدوار الوظيفية وتحديداً الدور الأردني وعلاقته بنشوء داعش وأخواته بعد دعوة ملكه إلى تحالف عربي إسلامي لمواجهة الإرهاب!! بحكم ما يواجهه ذلك الدور من أسئلة محرجة، تفرضها التطورات حيناً والمعطيات المقترنة بأدلة دامغة وحصرية حيناً آخر، بما فيها مصير تحالفه مع الأميركي.. وهل هو بديله.. أم صنيعته في الرقصة قبل الأخيرة. وسط هذا التموّج في صعود نبرة التسريبات وخفوتها تتضارب الإحداثيات السياسية، وتبدو خريطة المواقف تبعاً لها في حالة من التقلّب والاندهاش لجهة التبدّل في حسابات وموازين المعادلات التي أفضت إليها الاستنتاجات المتسرّعة والتحليلات الخاطئة. الواضح أن سياق المواجهة العالمية يفضي اليوم إلى الزجّ بأوراق إضافية إلى الحلبة، وسط تقلّبات حادّة من شأنها أن تسخّن الجبهات المفتوحة، كما يمكن لها أن تُشعل جبهات جديدة غير محسوبة، أو لم تكن مدرجة على القائمة، ما يفسح في المجال أمام مشاهد من التصعيد تقتضيها حيثيات الأوراق الإضافية أو تُمليها المعارك المستحدثة، حتى لو كان بعضها مفتعلاً لإثارة الغبار فقط. على الضفة المقابلة تبدو المشاهد المتنقلة من شوارع الغرب والكثير من دول اعتادت أن تصدّر الإرهاب بماركة حصرية، وكأنها انقلاب آخر يتم بالتوازي مع التطورات السياسية والميدانية، وهو ما تعكسه الشواهد في الشوارع الأميركية وقبلها بعض الأحياء الفرنسية والسويدية وغيرها، في وقت بدأت عدّادات الإحصاء تشتغل على الخط السعودي حين أوصلت المداهمات إلى ستة قتلى في أقل من يومين، وتشي بما هو أبعد من ذلك، وسط حالات من الاحتقان الشعبي الأبعد مدى والأكثر وضوحاً، والذي تعكسه المواجهة الصامتة داخل كنف العرش السعودي. وتترك تلك المشاهد بصماتها بوضوح على سياق التعاطي معها إعلامياً حين توارت عن الأنظار تغطيتها، كما غابت التحليلات وتم الاكتفاء ببعض الشواهد على أنها حالات عارضة أو مؤقتة، لتغيب وسط الازدحام بتسريبات مضادة وفي مناطق أخرى، في حين كانت سخونة المواجهة الأميركية الروسية بطابعها الشخصي تعزل بقية التطورات وتصنع حدثاً منفصلاً، ومنعطفاً في السياق الحاد والذروة التي وصلت إليها المشادّات السياسية على ضفتي المعادلة، وسيكون ما بعده مختلف عما قبله، وربما بصورة مغايرة، حين كان الرئيس أوباما يروج بصبيانية لما فعله على حساب تفنيد ما يستطيع الرئيس فلاديمير بوتين تحقيقه، في جردة ساذجة للحسابات الأولية. المحسوم أن مؤشر التصعيد الغربي لا يقتصر على ما يسرّبه نحو الآخر وعنه، بقدر ما يتعلق أيضاً بما تضخّه «البروباغندا» وما تكشفه من أخبار ومعلومات تتعلّق بآخر النسخ المتداولة عن المشروع الأميركي في صيغته الأخيرة، سواء ما تعلّق منها بمصادر تمويل التنظيمات الإرهابية أو بمعسكرات التدريب لعناصره ومشتقاته من التنظيمات الأخرى في كل من تركيا والأردن والسعودية، بالتوازي مع تدوير الزوايا وإماطة اللثام عن أدوارها في الدعم والتمويل والاحتضان، التي تأتي برسائل شكر أميركية على المساعدات التي تقدمها!! ما يلفت الانتباه -ربما- أن الإفلاس حين يحاصر التسريبات والمصادر الافتراضية تحت عناوين دبلوماسية أو سياسية غربية، تكون الحلقة الأخيرة من دبكة التهويلات في رقصتها قبل الأخيرة قد حطّت رحالها على حلبة التوقعات، وخرجت إلى العلن بافتراضات خارج سياقها، وبعيدة عن كل توجهاتها، لذلك عادة ما تشتعل معارك التسريبات وملاحم التحليلات الخارجة من فوهة التكهّن بما يمكن أو بما يستحيل أن يكون، على قاعدة واحدة هي أن حسابات بيدر التكهّنات لا تطابق حصاد حقل التسريبات. وفي الحالين ثمّة استعجال واضح في إعادة طرح مقاربات جديدة أول بيادقها كان الأردني ومعه ما يتسرب من داخل الأروقة الأوروبية، وهي لا تكتفي بنسف ما تم الترويج له فقط، بل أيضاً تلغي ما يرشح من تقولات، تذروها ريح التصعيد القادمة في موجة جديدة من التسخين الطويل الأمد. |
|