|
|
ثقافة حلم راود على ما يبدو السرياليين المولعين بالعمارة، نطقه يوماً بول إيلوار، واقتبسه السريالي الصغير والأخير ساران ألكسندريان، الذي أثار دهشة وإعجاب كل من أندريه بروتون، رينيه شار، وجان بولان، وهو لم يزل في عمر العشرين عبر. عن ذلك الحلم في إحدى الدراسات التي خطها عن الفنانين السرياليين. توفي مؤخراً ألكسندريان عن عمر يناهز 82 عاماً، عربي ولد في بغداد عام 1927م من أب عراقي أرمني وأم فرنسية. يذكر الكثير عن حياته في بغداد وعن والده في مذكراته أو سيرته التي جاءت بعنوان (المغامرة بذاتها). وبالفعل كانت حياة هذا الأديب والناقد والمؤرخ السريالي مغامرة بدأها في عمر السادسة عندما ترك بلاده متجهاً مع جدته إلى باريس، وهناك اطلع على نتائج أهم الكتاب الفرنسيين وهو في سن العاشرة انضم إلى الحركة السريالية بعد الحرب العالمية الثانية وأصبح سكرتيرها، وساهم بالمعرض الدولي الذي أقامه بروتون عام 1947م ليكون بذلك من أصغر السرياليين، فاعتبره النقاد وبروتون المعبر الحقيقي عن الجيل الفرنسي الجديد والناطق عنه ولاسيما بسبب البيان الذي وضعه بعنوان (الشعر والموضوعية) ونشره في مجلة (فونتين) عام 1947م. على الرغم من أنه يعتبر أحد أبرز وجوه الحركة السريالية إلا أن المعلومات المتوافرة عنه بالعربية قليلة جداً. من أهم الشخصيات التي تعرف إليها ألكسندريان وكان لها كبير الأثر في تثقيفه وتوسيع مداركه، راوول هاوسمان، أحد أبرز الوجوه الدادائية وذلك في عام 1943م ثم بعد ذلك تأثر بالرسام فيكتور براونر بالطبع بعد بروتون امتدت صداقته مع براونر من عام 1948 م إلى عام 1955م نتج عن هذه الصداقة عدة مشاريع كان أهمها تأسيس (المجموعة المضادة) في هذه المرحلة تحول منزل براونر إلى مركز فكر السريالي الباطني حيث تعرف ألكسندريان إلى فنانين وشعراء كبار أمثال ماكس أرنست، وميشال بوتور وغيرهما ساهم ساران بالكثير من نشاطات الحركة ووقع بيانات سريالية عدة لكنه انفصل عنها بسبب خلاف حول براونر فتابع نشاطه بشكل منفرد وكتب دراسات قيمة عن رسامين وشخصيات سريالية مختلفة مثل (أندريه بروتون كماهو)، (فيكتور براونر)، (سلفادور دالي والشعراء)، (ماكس أرنست)، (مارسيل دوشان)، (مادلين نوفارينا- زوجته) وغيرهم. ومن كتبه الأخرى (الاشتراكية والرومانتيكية) كما كتاب (السريالية والحلم) الذي يعتبر دراسة جدية ومعمقة عن أهمية الحلم بالنسبة للسرياليين. أسس عام 1995م مجلة ذات إلهام سريالي سماها (المتفوقون المجهولون) تعتبر المحاولة الأخيرة للسريالية في متابعة أبحاثها الشعرية والثقافية. ومن اهتماماته تبرز الموضوعات الإيروسية إذ كان يصر على نشر هذه النوعية في مجلته وله في هذا المجال كتب منها (تاريخ الأدب الإيروسي، الإيروسية في القرن التاسع عشر، بحث حول ملذات الحب، السحر الجنسي) أما رواياته من أبرزها: (رجل بعيد) وهي الأولى، والثانية كانت (خطر الموت)، والثالثة (بيضة العام) ويذكر أنه قد نشر له ست روايات بعد موته كما أوصى. صدرت سيرة ألكسندريان باللغة الفرنسية عام 2006م، كتبها الشاعر كريستوف دوفان الذي أفاد من سيرته الذاتية التي كتبها ساران بنفسه (المغامرة بذاتها). السريالية مدرسة فنية نشأت في فرنسا وازدهرت في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين وتحديداً في عام 1924 م عندما نشر أندريه بروتون بيان السريالية الشهير، وحدد مفاهيم هذه المدرسة الفنية، التي تركز على كل ما هو غريب ومتناقض ولا شعوري. فلسفتها تقوم على تخطي الواقع وإحداث المفاجأة والغرابة من أجل تحرير الفكر، لأنها نشأت ساخطة على الواقع بالأصل. اعتمد فنانوها على نظريات فرويد في التحليل النفسي، كان مؤسسها بروتون على علم بأفكار فرويد، فحاول إدخالها إلى النظرية السريالية. وهي كمفردة تتألف من كلمتين: (sur) و (realism) وتعني فوق واقع. |
|
