|
موقع GULFNEWS وقد زادت حدة السجال مؤخراً، عندما بدأت تتعالى بعض الأصوات في أمريكا محذرة من صعوبة تحقيق النصر في حرب طويلة ودائمة مثل تلك الدائرة رحاها في أفغانستان، وهو ما تؤكده استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن 65 بالمائة من الأمريكيين يعتقدون بأنهم سينسحبون من أفغانستان، دون تحقيق الأهداف المطلوبة، أو بلوغ النصر الموعود، مقابل 35 بالمائة فقط يرون العكس وبأن بلادهم قادرة على دحر المقاومة التي تقودها- طالبان- ولم يقتصر هذا النقاش فقط على الساحة الأمريكية، بل تعداه إلى أوروبا، و إن كان خافتاً في فرنسا، إلا أنه أصبح واضحاً في بريطانيا التي تشارك بقوات أكبر في التحالف الدولي، والمؤيدة دائما لأمريكا في سياساتها الخارجية. وتبقى ألمانيا الأكثر تأثراً بالحرب في أفغانستان نظراً لمعارضة القوى السياسية المنتشرة في البلاد باستثناء المستشارة- انجيلا ميركل- التي تراهن على تغيير الوضع الأمني المتردي لدعم استمرار بقائها في منصبها. ولعل ارتفاع عدد الضحايا المدنيين هو الموضوع الأكثر إلحاحاً الذي يشغل بال القيادات السياسية في الغرب، الذي يسببه القصف الجوي لطائرات حلف شمال الأطلسي لمناطق المقاومين، ولا يزال هذا الموضوع قضية تؤرق المسؤولين و تؤثر على نتائج الحرب. وبالرغم من الأصوات العالية التي نسمعها في وسائل الإعلام والداعية لوقف الضربات الجوية لمنع إزهاق أرواح المدنيين، يستمر القادة العسكريون بمواصلة القصف الجوي للضغط على المقاومة والحد من تحركها، وهذا ما عبر عنه مستشار الأمن القومي الأمريكي- جيمس جونز- الذي استبعد تماماً وقف القصف الجوي التي تنفذه طائرات بدون طيار، بينما تواصل حركة- طالبان- تقدمها في ميدان المعركة. وكما يؤكد العسكريون الأمريكيون بأنه لا بد من سقوط مدنيين، وهذا معروف باللغة العسكرية بالأضرار الملازمة، وهو ما يفاقم التداعيات السياسية السلبية للحرب. وبالرغم من الدور الذي تقوم به الضربات الجوية من اصطياد بعض قادة المقاومة في طالبان، إلا أن هذه الضربات لا تبيح قتل المدنيين. فمعروف أن الحرب الأفغانية تخاض على جبهتين: الجبهة العسكرية التي تتفوق فيها قوات التحالف بشكل كاسح، و جبهة الرأي العام الداخلي الذي حققت فيه طالبان مكاسب هامة بسبب الضربات الجوية التي لا تفرق بين مقاوم ومدني. وبهذا الاسلوب تكون الحرب الأفغانية دخلت في حلقة مفرغة، حيث كلما حرصت قوات الناتو المنتشرة في أفعانستان على تأمين حياة جنودها بعدم زجهم في أتون المعارك الشرسة، تنتهي عادة بسقوط أعداد من القتلى بينهم، وكلما لجأت قوات الناتو إلى القصف الجوي، أصبحت شعبيتهم في الحضيض، وتزايدت الشكاوى الدولية و المحلية بسبب الأضرار التي يتكبدها المدنيون، والنتيجة هي تحقيق -طالبان- مكاسب إضافية جديدة باستمالتها للمزيد من المتعاطفين معها، والأكثر أهمية من ذلك هو تجنيدها لعناصر جديدة مستعدة لحمل السلاح ومقاتلة قوات الناتو. وإذا كانت الخيارات الاستراتيجية المطروحة حالياً محدودة بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، فما العمل إذن للخروج من الحرب بأقل الخسائر وتحقيق النصر المطلوب؟ من الصعب تقديم إجابة شافية، لكن من الواضح أن الوقت لا يسير لصالح قوات التحالف، وبأن مكاسب- طالبان- تزداد يوماً بعد آخر، لا سيما بعد سيطرتها على مساحات شاسعة من البلاد، و الخوف أنه إذا طال أمد الحرب دون تحقيق نتائج، أن تتحول أفغانستان من (حرب الضرورة إلى حرب اختيارية) كما سماها أوباما، يفرضها تراجع التأييد الشعبي الأمريكي و الأوروبي، فتخرج قوات التحالف الغربي من افغانستان، مدحورة مهزومة ودون تحقيق أي هدف. |
|