|
مجتمع بدأ أيام الرسول والصحابة بعتق الرقاب وإطعام المساكين -ككفارة مفطر- ممن لم يستطع الصيام بعذر مشروع كالمرض أو السفر واتبعه بزكاة «الفطرة» كفرض على كل مسلم توزع في نهاية شهر رمضان على الفقراء والمحتاجين بمعايير مدروسة نصت عليها السنة النبوية الشريفة بهدف صياغة حلقة تواصل ووصل بين هؤلاء وأصحاب الأيادي البيضاء التي لابد أن تمتد تلقائيا إيمانا واحتسابا إليهم في شهر رمضان ومن عفو الخاطر مستوحية من نهج وروح شهر الاحسان،العمل بالخفاء إذ خير الصدقات «المستتر» منها، فلا تتبعها منة فالمن حسب السنة النبوية الشريفة يفسد الصدقات ولاينبغي أن تعرف ذات اليمين ماأنفقته ذات الشمال.. من هنا لفت نظري برنامج «أيادٍ البيضاء» على التلفزيون السوري والذي كرس حلقاته خلال شهر رمضان المبارك لتسليط الضوء هذا العام على حالات إنسانية ذات احتياجات خاصة أدخل في سياقها المعوقين والفقراء والمحتاجين والمساكين والمستضعفين. بمثل ما مد برنامج «ضي القناديل» جسور التواصل بين عامة الناس والجمعيات الخيرية، باستضافة نجم يحبه الناس في كل حلقة كان يرافق معدة البرنامج في جولتها الميدانية إلى مقّر هذه الجمعيات لرصد أنشطتها خلال شهر رمضان المبارك والتعرف على آلية توزيع الهبات والتبرعات إلى الفئات المحتاجة خلال هذا الشهر الفضيل، يذكر أن هذين البرنامجين الكبيرين في أهدافهما لم يأخذا شكل الدعاية والاعلان لأولئك الذين ينفقون أموالهم (رئاء الناس) تفاخراً وتمنناً واستعلاء .. في إدراك لفعالية (الشركة) مابين الاعلام وأصحاب هذه المبادرات لبلورة هذا العطاء السخي في رمضان (كمنهج عمل جماعي) يمتد إلى مابعد رمضان اعتماداً على مبدأ -الفرقاء-في العمل ولاينهض على جهود فرد أو جمعية أو مؤسسة أو وزارة بعينها.. نجاة المصري (أم فراس) وجدت في هذا النوع من البرامج ضالتها التي كانت تبحث عنها بعد وفاة زوجها بتاريخ 4/6/2009 إثر مرض عضال إذ ألفت أسرتها فجأة بلا معيل بعد تخلي أخوة زوجها المتوفي عن عائلة أخيهم- ربما فقراً- بعد الوفاة فهم لم يبادروا حتى لمساعدتها في استخراج شهادة الوفاة.. فالميت (حسب تعبيرها) لايشيل ميتاً ومن هنا هي لم تجد لأسرتها المؤلفة من أربعة صبيان وبنتين أكبرهم في السابعة عشرة من معيل سوى التوجه لمتابعة حلقات هذا النوع من البرامج التي لابد أن يطرق معدّوها بابها يوماً أسوة بكثيرين سبقوها قد طرقوا بابهم من قبل وقدموا لها المعونة من خلال مبادرات أهل الخير أصحاب الأيادي البيضاء.. اللافت أن العمل الخيري في سورية (كما عرفنا من مصادر وزارة الشؤون الاجتماعية ) بدأ يأخذ منهجاً مدروساً لبناء شبكة أمان اجتماعي تعتمد الاستثمار بدل (الاحسان) وذلك من خلال إطلاق الوزارة لمبادرة «رمضان الكل» قبل أكثر من عامين والذي راح يؤسس من خلال قيادة حملة تبرعات خلال رمضان وبحضور العديد من الفعاليات الاقتصادية للتأسيس لمشاريع أكثر جدوى على المدى البعيد كتأسيس صندوق لكفالة طالب العلم على سبيل المثال.. هذا المنحى الذي ينهض على قاعدة من الشراكة بين جمعيات المجتمع الأهلي والحكومة بكافة مؤسساتها ووزاراتها المعنية. الأمر الذي خرج بمبادرات أهل الخيرأو أصحاب الأيادي البيضاء عن النطاق الفردي أو مجرد «الطفرة» خلال شهر رمضان الفضيل إلى منهج عمل يستمر لما بعده تحت شعار «كلنا شركاء»... |
|