|
الافتتاحية هذا الاستنتاج شبه الجماعي يؤكد الى حد كبير صلاحية تركيا للعب هذا الدور. هي دولة إسلامية أوروبية تحتل خط الوصل بين الشرق والغرب، كما بين آسيا وأوروبا، ولها علاقات قديمة مع إسرائيل وتاريخية مع سورية، إضافة إلى الجوار الجغرافي.. تركيا معنية بأمن واستقرار المنطقة، وهو أمنها واستقرارها ... والسلام حاجتها كما هو حاجة كل دول المنطقة ... والعلاقات السورية التركية أظهرت في حينه ائتلافاً غير مسبوق في نجاحه -الدليل ما وصلت إليه العلاقات اليوم, خصوصاً بعد توقيع اتفاق التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى وإلغاء تأشيرة الدخول بين البلدين - هذا النجاح ناجم عن حاجتهما ورغبتهما في السلام والأمن والاستقرار والبناء والتنمية والتعاون المشترك ... كما أن علاقات تركيا بإسرائيل تخوّلها فعلاً لاحتضان عملية تواصل وتفاوض غير مباشر مع سورية . أكثر ما يؤكد صلاحية تركيا لهذا الدور، هو نجاحها فيه ... فقد وصلت المحادثات غير المباشرة إلى مستوى مرضٍ من مشاريع تفاهمات كان يمكن أن تفضي إلى محادثات مباشرة لو أن إسرائيل أظهرت أنها شريك حقيقي للسلام. يمكن أن نلاحظ أهلية الدور التركي لاستقطاب مفاوضات عديدة تناقش قضايا مختلفة في المنطقة. إذ إضافة إلى أخبار عن اجتماعات أمنية ورباعية هذه الأيام، فقد رجح السيد خافيير سولانا أن تكون حاضنة محادثات إيران المزمعة مع الدول الست أيضا في تركيا. الرفض الإسرائيلي الحالي للوساطة التركية يأتي منسجماً تماماً مع مواقف كثيرة متكررة ومتشابهة بمضمونها وحجمها ولها معنى واحد هو: الانسحاب من مشروع السلام ... ولا جديد في القول إنها – أي إسرائيل- غير جاهزة للسلام، بفارق شكلي بين حكومة وأخرى، واحدة تدّعي وتخوض غمار المفاوضات ثم تنسحب برفضها للاستحقاقات المطلوبة ... وأخرى تعلن بوقاحة رفضها لهذه الاستحقاقات. يدخل هنا عامل دراماتيكي دفع إسرائيل للمجاهرة بأنها لا تقبل بالوساطة التركية ... هو موقف السيد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا من العدوان على غزة، ورفضه لادعاءات بيريز في دافوس بتاريخ 29/1/2009. نحن نتمسك بالدور والوساطة التركية، أولاً لأننا نثق بها ولأننا جادون في مفاوضات السلام ... وثانياً وانطلاقاً من هذه الثقة والجديّة مقتنعون تماماً بصلاحية الجمهورية التركية للعب هذا الدور. بكل الأحوال ... عندما تتهيأ إسرائيل للسلام –إن حصل- ستنتهي تلقائياً ادعاءاتها الفارغة. وحتى يأتي ذاك اليوم، وما بعده، يمضي البلدان الساعيان للسلام والتنمية والعمل المشترك معاً في طريق العلاقات الأفضل لمصلحة البلدين والشعبين. |
|